، فاستتر فى بنى عامر بن صعصعه، و تزوج هناك فى استتاره الهلاليه، و هى ام ابنه عباد بن حبيب.و قال الشاعر لخالد يفيل رايه:بعثت غلاما من قريش فروقه و تترك ذا الراى الاصيل المهلبا ابى الذم و اختار الوفاء و احكمت قواه و قد ساس الامور و جربا و قال الحارث بن خالد المخزومى:فر عبدالعزيز اذ راء عيسى و ابن داود نازلا قطريا عاهد الله ان نجا ملمنايا ليعودن بعدها حرميا يسكن الخل و الصفاح فغورينا مرارا و مره نجديا حيث لا يشهد القتال و لايسمع يوما لكر خيل دويا و كتب خالد الى عبدالملك بعذر عبدالعزيز، و قال للمهلب:ما ترى اميرالمومنين صانعا بى؟ قال:يعزلك قال اتراه قاطعا رحمى! قال:نعم، قد اتته هزيمه اميه اخيك ففعل- يعنى هرب اميه من سجستان- فكتب عبدالملك الى خالد:اما بعد، فانى كنت حددت لك حدا فى (امر) المهلب، فلما ملكت امرك، نبذت طاعتى وراءك، و استبددت برايك، فوليت المهلب الجبايه، و وليت اخاك حرب الازارقه، فقبح الله هذا رايا! اتبعث غلاما غرا لم يجرب الامور و الحروب للحرب، و تترك سيدا شجاعا مدبرا حازما قد مارس الحروب ففلج، فشغلته بالجبايه! اما لو كافاتك على قدر ذنبك لاتاك من نكيرى ما لابقيه لك معه! و
لكن تذكرت رحمك فكفتنى عنك، و قد جعلت عقوبتك عزلك.والسلام.قال:و ولى بشر بن مروان الاماره و هو بالكوفه، و كتب اليه:اما بعد، فانك اخو اميرالمومنين، يجمعك و اياه مروان بن الحكم، و ان خالدا لا مجتمع له مع اميرالمومنين دون اميه، فانظر المهلب بى ابى صفره، فوله حرب الازارقه، فانه سيد بطل مجرب، و امدده من اهل الكوفه بثمانيه آلاف رجل، والسلام.فشق على بشر ما امره به فى المهلب، و قال:و الله لاقتلنه، فقال له موسى بن نصير:ايها الامير، ان للمهلب حفاظا و وفاء و بلاء.و خرج بشر بن مروان يريد البصره، فكتب موسى بن نصير و عكرمه بن ربعى الى المهلب ان يتلقاه لقاء لايعرفه به، فتلقاه المهلب على بغل، و سلم عليه فى غمار الناس، فلما جلس بشر مجلسه، قال:ما فعل اميركم المهلب؟ قالوا:قد تلقاك ايها الامير، و هو شاك.فهم بشر ان يولى حرب الازارقه عمر بن عبيدالله بن معمر، و شد عزمه اسماء ابن خارجه، و قال له:انما ولاك اميرالمومنين لترى رايك، فقال له عكرمه بن ربعى:اكتب الى اميرالمومنين فاعلمه عله المهلب، فكتب اليه بذلك، و ان بالبصره من يغنى غناءه، و وجه بالكتاب مع وفد اوفدهم اليه، رئيسهم عبدالله بن حكيم المجاشعى.فلما قرا عبدالملك الك
تاب خلا بعبد الله، فقال له:ان لك دينا و رايا و حزما، فمن لقتال هولاء الازارقه؟ قال:المهلب، قال:انه عليل، قال:ليست علته بمانعه، فقال عبدالملك:لقد اراد بشر ان يفعل ما فعل خالد، فكتب اليه يعزم عليه ان يولى المهلب الحرب، فوجه اليه، فقال:انا عليل، و لايمكننى الاختلاف، فامر بشر بحمل الدواوين اليه، فجعل ينتخب، فعزم عليه بشر بالخروج، فاقتطع اكثر نخبته، ثم عزم عليه الا يقيم بعد ثالثه، و قد اخذت الخوارج الاهواز و خلفوها وراء ظهورهم، و صاروا بالفرات، فخرج المهلب حتى صار الى شهار طاق، فاتاه شيخ من بنى تميم، فقال:اصلح الله الامير! ان سنى ما ترى، فهبنى لعيالى، فقال:على ان تقول للامير اذا خطب فحثكم على الجهاد:كيف تحثنا على الجهاد، و انت تحبس عنه اشرافنا، و اهل النجده منا! ففعل الشيخ ذلك، فقال له بشر:و ما انت و ذاك! ثم اعطى المهلب رجلا الف درهم، على ان ياتى بشرا فيقول له:ايها الامير، اعن المهلب بالشرطه و المقاتله، ففعل الرجل ذلك، فقال له بشر:و ما انت و ذاك؟ فقال:نصيحه حضرتنى للامير و المسلمين، و لااعود الى مثلها، فامده بشر بالشرطه و المقاتله، و كتب الى خليفته على الكوفه ان يعقد لعبد الرحمن بن مخنف على ثمانيه آلا
ف، من كل ربع الفين، و يوجه بهم مددا للمهلب.فلما اتاه الكتاب، بعث الى عبدالرحمن بن مخنف الازدى يعقد له، و اختار من كل ربع الفين، فكان على ربع اهل المدينه بشر بن جرير بن عبدالله البجلى، و على ربع تميم و همدان محمد بن عبد الرحمن بن سعيد بن قيس الهمدانى، و على ربع كنده محمد بن اسحاق بن الاشعث بن قيس الكندى، و على ربع مذحج و اسد زحر بن قيس المذحجى، فقدموا على بشر بن مروان، فخلا بعبد الرحمن بن مخنف، و قال له:قد عرفت رايى فيك، و ثقتى بك، فكن عند ظنى بك، و انظر الى هذا المزونى، فخالفه فى امره، و افسد عليه رايه.فخرج عبدالرحمن، و هو يقول:ما اعجب ما طلب منى هذا الغلام! يامرنى ان اصغر شان شيخ من مشايخ اهلى، و سيد من ساداتهم! فلحق بالمهلب.فلما احس الازارقه بدنو المهلب منهم انكشفوا عن الفرات، فاتبعهم المهلب الى سوق الاهواز، فنفاهم عنها، ثم اتبعهم الى رامهرمز فهزمهم عنها، فدخلوا فارس، و ابلى يزيد ابنه فى وقائعه هذه بلاء شديدا، تقدم فيه و هو ابن احدى و عشرين سنه.فلما صار القوم الى فارس، وجه اليهم ابنه المغيره، فقال له عبدالرحمن بن صالح:ايها الامير، انه ليس لك براى قتل هذه الاكلب، و لئن و الله قتلتهم لتقعدن فى بيتك، و
لكن طاولهم، و كل بهم.فقال:ليس هذا من الوفاء، فلم يلبث برامهرمز الا شهرا، حتى اتاه موت بشر بن مروان.فاضطرب الجند على ابن مخنف، فوجه الى اسحاق بن الاشعث و ابن زحر، فاستحلفهما الا يبرحا، فحلفا له و لم يفيا، و جعل الجند من اهل الكوفه يتسللون حتى اجتمعوا بسوق الاهواز، و اراد اهل البصره الانسلال من المهلب، فخطبهم فقال:انكم لستم كاهل الكوفه، انما تذبون عن مصركم و اموالكم و حرمكم.فاقام منهم قوم، و تسلل منهم قوم كثير.و كان خالد بن عبدالله خليفه بشر بن مروان، فوجه مولى له بكتاب منه الى من بالاهواز، يحلف بالله مجتهدا:لئن لم يرجعوا الى مراكزهم، و انصرفوا عصاه لايظفر باحد الا قتله، فجاءهم مولاه، فجعل يقرا عليهم الكتاب، و لايرى فى وجوههم قبولا، فقال:انى ارى وجوها ما القبول من شانها، فقال له ابن زحر:ايها العبد، اقرا ما فى الكتاب، و انصرف الى صاحبك، فانك لاتدرى ما فى انفسنا.و جعلوا يستحثونه بقراءته، ثم قصدوا قصد الكوفه، فنزلوا النخيله، و كتبوا الى خليفه بشر يسالونه ان ياذن لهم فى دخول الكوفه، فابى، فدخلوها بغير اذن.فلم يزل المهلب و من معه من قواده و ابن مخنف، فى عدد قليل، فلم يلبثوا ان ولى الحجاج العراق.فدخل الك
وفه قبل البصره، و ذلك فى سنه خمس و سبعين، فخطبهم الخطبه المشهوره، و تهددهم، ثم نزل فقال لوجوه اهلها:ما كانت الولاه تفعل بالعصاه؟ قالوا:كانت تضرب و تحبس، فقال:و لكن ليس لهم عندى الا السيف، ان المسلمين لو لم يغزوا المشركين لغزاهم المشركون، و لو ساغت المعصيه لاهلها، ما قوتل عدو، و لاجبى فى ء، و لاعز دين.ثم جلس لتوجيه الناس، فقال:قد اجلتكم ثلاثا، و اقسم بالله لايتخلف احد من اصحاب ابن مخنف بعدها الا قتلته.ثم قال لصاحب حرسه و لصاحب شرطته:اذا مضت ثلاثه ايام، فاشحذا سيوفكما.فجاءه عمير بن ضابى ء (البرجمى) بابنه فقال:اصلح الله الامير! ان هذا انفع لكم منى، و هو اشد بنى تميم ابدانا، و اجمعهم سلاحا، و اربطهم جاشا، و انا شيخ كبير عليل و استشهد (جلساءه)، فقال له الحجاج:ان عذرك لواضح، و ان ضعفك لبين، و لكنى اكره ان يجترى ء بك الناس على، و بعد، فانت ابن ضابى ء صاحب عثمان، و امر به فقتل، فاحتمل الناس، و ان احدهم ليتبع بزاده و سلاحه، ففى ذلك يقول (عبدالله) بن الزبير الاسدى:اقول لعبد الله يوم لقيته ارى الامر امسى منصبا متشعبا تجهز فاما ان تزور ابن ضابى ء عميرا و اما ان تزور المهلبا هما خطتا خسف نجاوك منهما
ركوبك حوليا من الثلج اشهبا فما ان ارى الحجاج يغمد سيفه مدى الدهر حتى يترك الطفل اشيبا فاضحى و لو كانت خراسان دونه رآها مكان السوق او هى اقربا و هرب سوار بن المضرب السعدى من الحجاج، و قال:اقاتلى الحجاج ان لم ازر له دراب و اترك عند هند فواديا فى قصيده مشهوره له.فخرج الناس عن الكوفه، و اتى الحجاج البصره، فكان اشد عليهم الحاحا، و قد كان اتاهم خبره بالكوفه، فتحمل الناس قبل قدومه.و اتاه رجل من بنى يشكر، و كان شيخا اعور، يجعل على عينه العوراء صوفه، فكان يلقب ذا الكرسفه، فقال:اصلح الله الامير! ان بى فتقا، و قد عذرنى بشر بن مروان، و قد رددت العطاء، فقال:انك عندى لصادق، ثم امر به فضربت عنقه، ففى ذلك يقول كعب الاشقرى- او الفرزدق:لقد ضرب الحجاج بالمصر ضربه تقرقر منها بطن كل عريف و يروى عن ابى البئر، قال:انا لنتغدى معه يوما، اذ جاءه رجل من بنى سليم برجل يقوده، فقال:اصلح الله الامير! ان هذا عاص، فقال له الرجل:انشدك الله ايها الامير فى دمى! فو الله ما قبضت ديوانا قط، و لاشهدت عسكرا قط، و انى لحائك، اخذت من تحت الحف.فقال:اضربوا عنقه.فلما احس بالسيف سجد، فلحقه السيف و هو ساجد، فامسكنا عن الاكل،
فاقبل علينا، و قال:ما لى اراكم قد صفرت ايديكم، و اصفرت وجوهكم، و حد نظركم من قتل رجل واحد! الا ان العاصى يجمع خلالا، يخل بمركزه، و يعصى اميره، و يغر المسلمين، و هو اجير لهم، و انما ياخذ الاجره لما يعمل، و الوالى مخير فيه، ان شاء قتل، و ان شاء عفا.ثم كتب الى المهلب:اما بعد، فان بشرا استكره نفسه عليك، و اراك غناه عنك، و انا اريك حاجتى اليك، فارنى الجد فى قتال عدوك، و من خفته على المعصيه ممن قبلك فاقتله، فانى قاتل من قبلى، و من كان عندى ممن هرب عنك، فاعلمنى مكانه، فانى ارى ان آخذ السمى بالسمى، و الولى بالولى.فكتب اليه المهلب:ليس قبلى الا مطيع- و ان الناس اذا (خافوا العقوبه كبروا الذنب، و اذا) امنوا العقوبه صغروا الذنب، و اذا يئسوا من العفو اكفرهم ذلك، فهب لى هولاء الذين سميتهم عصاه، فانهم فرسان ابطال، ارجو ان يقتل الله بهم العدو- (و نادم على ذنبه).فلما راى المهلب كثره الناس عنده قال:اليوم قوتل هذا العدو.و لما راى ذلك قطرى، قال لاصحابه:انهضوا بنا نريد السردن، فنتحصن فيها، فقال عبيده بن هلال:او تاتى سابور، فتاخذ منها ما نريد، و تصير الى كرمان.فاتوا سابور، و خرج المهلب فى آثارهم فاتى ارجان، و خاف ان يكو
نوا قد تحصنوا بالسردن- و ليست بمدينه، و لكنها جبال محدقه منيعه- فلم يصب بها احدا، فخرج فعسكر بكازرون، و استعدوا لقتاله، فخندق على نفسه، و وجه الى عبدالرحمن ابن مخنف:خندق على نفسك.فوجه اليه:خنادقنا سيوفنا، فوجه المهلب اليه:انى لاآمن عليك البيات، فقال ابنه جعفر:ذاك اهون علينا من ضرطه جمل، فاقبل المهلب على ابنه المغيره، فقال:لم يصيبوا الراى، و لم ياخذوا بالوثيقه.فلما اصبح القوم عاودوه الحرب، فبعث الى ابن مخنف يستمده، فامده بجماعه، جعل عليهم ابنه جعفرا، فجاءوا و عليهم اقبيه بيض جدد، فابلوا يومئذ حتى عرف مكانهم المهلب، و ابلى بنوه يومئذ كبلاء الكوفيين او اشد.ثم اتى رئيس من الخوارج، يقال له صالح بن مخراق، و هو ينتخب قوما من جله العسكر حتى بلغ اربعمائه، فقال لابنه المغيره:ما اراه يعد هولاء الا للبيات.و انكشفت الخوارج، و الامر للمهلب عليهم، و قد كثر فيهم الجراح و القتل، و قد كان الحجاج يتفقد العصاه، و يوجه الرجال، و كان يحبسهم نهارا، و يفتح الحبس ليلا، فيتسلل الرجال الى ناحيه المهلب، و كان الحجاج لايعلم، فاذا راى اسراعهم تمثل:ان لها لسائقا عشنزرا اذا وثبن وثبه تغشمرا ثم كتب الحجاج الى المهلب يستحثه:ا
ما بعد، فانه قد بلغنى انك قد اقبلت على جبايه الخراج، و تركت قتال العدو، و انى وليتك و انا ارى مكان عبدالله بن حكيم المجاشعى.و عباد بن الحصين الحبطى، و اخترتك و انت من اهل عمان، ثم رجل من الازد، فالقهم يوم كذا فى مكان كذا، و الا اشرعت اليك صدر الرمح.فشاور المهلب بنيه، فقالوا:ايها الامير، لاتغلظ عليه فى الجواب.فكتب اليه:ورد الى كتابك، تزعم انى اقبلت على جبايه الخراج، و تركت قتال العدو، و من عجز عن جبايه الخراج، فهو عن قتال العدو اعجز.و زعمت انك وليتنى، و انت ترى مكان عبدالله بن حكيم و عباد بن الحصين، و لو وليتهما لكانا مستحقين لذلك لفضلهما و غنائهما و بطشهما.و زعمت انك اخترتنى و انا رجل من الازد، و لعمرى ان شرا من الازد لقبيله تنازعتها ثلاث قبائل، لم تستقر فى واحده منهن.و زعمت انى ان لم القهم يوم كذا فى مكان كذا اشرعت الى صدر الرمح، لو فعلت لقلبت لك ظهر المجن.والسلام.قال:ثم كانت الوقعه بينه و بين الخوارج عقيب هذا الكتاب.فلما انصرف الخوارج تلك الليله، قال لابنه المغيره:انى اخاف البيات على بنى تميم، فانهض اليهم فكن فيهم: