شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و تقدم اليكم فيما يتلى عليكم:الا تزنوا و لاتربوا، و لاتاكلوا اموال اليتامى ظلما، و ان تودوا الامانات الى اهلها، و لاتعثوا فى الارض مفسدين، و لاتعتدوا ان الله لايحب المعتدين، و كل خير يدنى الى الجنه، و يباعد عن النار امركم به، و كل شر يدنى الى النار و يباعد عن الجنه نهاكم عنه.فلما استكمل مدته، توفاه الله اليه سعيدا حميدا، فيا لها مصيبه خصت الاقربين، و عمت المسلمين! ما اصيبوا قبلها بمثلها، و لن يعاينوا بعدها اختها.فلما مضى لسبيله (ص)، تنازع المسلمون الامر بعده، فو الله ما كان يلقى فى روعى، و لايخطر على بالى ان العرب تعدل هذا الامر بعد محمد عن اهل بيته، و لا انهم منحوه عنى من بعده.فما راعنى الا انثيال الناس على ابى بكر، و اجفالهم اليه ليبايعوه، فامسكت يدى، و رايت انى احق بمقام محمد (ص) فى الناس ممن تولى الامر من بعده، فلبثت بذاك ما شاء الله حتى رايت راجعه من الناس رجعت عن الاسلام، يدعون الى محق دين الله و مله محمد (ص) علي
ه، فخشيت- ان لم انصر الاسلام و اهله- ان ارى فيه ثلما و هدما يكون المصاب بهما على اعظم من فوات ولايه اموركم، التى انما هى متاع ايام قلائل، ثم يزول ما كان منها كما يزول السراب، و كما يتقشع السحاب، فمشيت عند ذلك الى ابى بكر فبايعته، و نهضت فى تلك الاحداث، حتى زاغ الباطل و زهق، و كانت كلمه الله هى العليا، و لو كره الكافرون.فتولى ابوبكر تلك الامور، فيسر و سدد، و قارب و اقتصد، و صحبته مناصحا، و اطعته فيما اطاع الله فيه جاهدا، و ما طمعت- ان لو حدث به حادث و انا حى ان يرد الى الامر الذى نازعته فيه- طمع مستيقن، و لايئست منه ياس من لايرجوه، و لولا خاصه ما كان بينه و بين عمر، لظننت انه لايدفعها عنى، فلما احتضر بعث الى عمر فولاه فسمعنا و اطعنا و ناصحنا.و تولى عمر الامر، فكان مرضى السيره، ميمون النقيبه، حتى اذا احتضر، فقلت فى نفسى:لن يعدلها عنى، ليس يدافعها عنى، فجعلنى سادس سته، فما كانوا لولايه احد منهم اشد كراهه لولايتى عليهم، كانوا يسمعون عند وفاه رسول الله (ص) لجاج ابى بكر، و اقول:يا معشر قريش، انا- اهل البيت- احق بهذا الامر منكم ما كان فينا من يقرا القرآن، و يعرف السنه، و يدين بدين الحق.فخشى القوم- ان انا وليت
عليهم- الا يكون لهم من الامر نصيب ما بقوا، فاجمعوا اجماعا واحدا، فصرفوا الولايه الى عثمان، و اخرجونى منها، رجاء ان ينالوها، و يتداولوها اذ يئسوا ان ينالوا بها من قبلى، ثم قالوا:هلم فبايع و الا جاهدناك، فبايعت مستكرها، و صبرت محتسبا، فقال قائلهم:يا بن ابى طالب، انك على هذا الامر لحريص، فقلت انتم احرص منى و ابعد، اينا احرص؟ انا الذى طلبت ميراثى و حقى الذى جعلنى الله و رسوله اولى به، ام انتم اذ تضربون وجهى دونه، و تحولون بينى و بينه! فبهتوا، و الله لايهدى القوم الظالمين.اللهم انى استعديك على قريش، فانهم قطعوا رحمى، و اضاعوا اياى، و صغروا عظيم منزلتى، و اجمعوا على منازعتى حقا كنت اولى به منهم، فسلبونيه ثم قالوا:الا ان فى الحق ان تاخذه، و فى الحق ان تمنعه، فاصبر كمدا، او مت اسفا حنقا.فنظرت فاذا ليس معى رافد و لا ذاب و لاناصر و لاساعد الا اهل بيتى، فضننت بهم عن المنيه، و اغضيت على القذى، و تجرعت ريقى على الشجى، و صبرت من كظم الغيظ على امر من العلقم، و آلم للقلب من حز الشفار، حتى اذا نقمتم على عثمان اتيتموه فقتلتموه، ثم جئتمونى لتبايعونى، فابيت عليكم، و امسكت يدى فنازعتمونى و دافعتمونى، و بسطتم يدى فكففتها، و م
ددتموها فقبضتها، و ازدحمتم على حتى ظننت ان بعضكم قاتل بعضكم او انكم قاتلى.فقلتم:بايعنا لانجد غيرك، و لانرضى الا بك، بايعنا لانفترق و لاتختلف كلمتنا.فبايعتكم و دعوت الناس الى بيعتى، فمن بايع طوعا قبلته، و من ابى لم اكرهه و تركته.فبايعنى فيمن بايعنى طلحه و الزبير، و لو ابيا ما اكرهتهما، كما لم اكره غيرهما، فما لبثا الا يسيرا حتى بلغنى انهما خرجا من مكه متوجهين الى البصره، فى جيش ما منهم رجل الا قد اعطانى الطاعه، و سمح لى بالبيعه، فقدما على عاملى و خزان بيت مالى و على اهل مصرى الذين كلهم على بيعتى و فى طاعتى، فشتتوا كلمتهم، و افسدوا جماعتهم، ثم وثبوا على شيعتى من المسلمين، فقتلوا طائفه منهم غدرا، و طائفه صبرا.و منهم طائفه غضبوا لله و لى، فشهروا سيوفهم و ضربوا بها، حتى لقوا الله عز و جل صادقين، فو الله لو لم يصيبوا منهم الا رجلا واحدا متعمدين لقتله لحل لى به قتل ذلك الجيش باسره، فدع ما انهم قد قتلوا من المسلمين اكثر من العده التى دخلوا بها عليهم، و قد ادال الله منهم، فبعدا للقوم الظالمين! ثم انى نظرت فى امر اهل الشام، فاذا اعراب احزاب و اهل طمع جفاه طغاه، يجتمعون من كل اوب، من كان ينبغى ان يودب و ان يولى عل
يه، و يوخذ على يده، ليسوا من الانصار و لا المهاجرين و لا التابعين باحسان.فسرت اليهم، فدعوتهم الى الطاعه و الجماعه، فابوا الا شقاقا و فراقا، و نهضوا فى وجوه المسلمين ينضحونهم بالنبل، و يشجرونهم بالرماح، فهناك نهدت اليهم بالمسلمين فقاتلتهم، فلما عضهم السلاح.و وجدوا الم الجراح، رفعوا المصاحف يدعونكم الى ما فيها، فانباتكم انهم ليسوا باهل دين و لا قرآن، و انهم رفعوها مكيده و خديعه و وهنا و ضعفا، فامضوا على حقكم و قتالكم.فابيتم على و قلتم:اقبل منهم، فان اجابوا الى ما فى الكتاب جامعونا على ما نحن عليه من الحق، و ان ابوا كان اعظم لحجتنا عليهم.فقبلت منهم، و كففت عنهم، اذ ونيتم و ابيتم، فكان الصلح بينكم و بينهم على رجلين، يحييان ما احيا القرآن، و يميتان ما امات القرآن، فاختلف رايهما، و تفرق حكمهما، و نبذا ما فى القرآن، و خالفا ما فى الكتاب، فجنبهما الله السداد، و دلاهما فى الضلاله، فانحرفت فرقه منا فتركناهم ما تركونا، حتى اذا عثوا فى الارض يقتلون و يفسدون، اتيناهم فقلنا:ادفعوا الينا قتله اخواننا، ثم كتاب الله بيننا و بينكم.قالوا:كلنا قتلهم، و كلنا استحل دماءهم.و شدت علينا خيلهم و رجالهم، فصرعهم الله مصارع الظ
المين.فلما كان ذلك من شانهم امرتكم ان تمضوا من فوركم ذلك الى عدوكم، فقلتم:كلت سيوفنا، و نفدت نبالنا، و نصلت اسنه رماحنا، و عاد اكثرها قصدا، فارجع بنا الى مصرنا لنستعد باحسن عدتنا، فاذا رجعت زدت فى مقاتلتنا عده من هلك منا و فارقنا، فان ذلك اقوى لنا على عدونا.فاقبلت بكم، حتى اذا اطللتم على الكوفه امرتكم ان تنزلوا بالنخيله، و ان تلزموا معسكركم، و ان تضموا قواصيكم، و ان توطنوا على الجهاد انفسكم، و لاتكثروا زياره ابنائكم و نسائكم، فان اهل الحرب المصابروها، و اهل التشمير فيها الذين لاينقادون من سهر ليلهم و لاظما نهارهم، و لاخمص بطونهم، و لا نصب ابدانهم، فنزلت طائفه منكم معى معذره، و دخلت طائفه منكم المصر عاصيه، فلا من بقى منكم صبر و ثبت، و لا من دخل المصر عاد و رجع، فنظرت الى معسكرى، و ليس فيه خمسون رجلا، فلما رايت ما اتيتم، دخلت اليكم فلم اقدر على ان تخرجوا معى الى يومنا هذا، فما تنتظرون! اما ترون اطرافكم قد انتقصت، و الى مصر قد فتحت، و الى شيعتى بها قد قتلت، و الى مسالحكم تعرى، و الى بلادكم تغزى! و انتم ذوو عدد كثير، و شوكه و باس شديد، فما بالكم! لله انتم من اين توتون! و ما لكم توفكون! و انى تسحرون! و لو انكم
عزمتم و اجمعتم لم تراموا، الا ان القوم تراجعوا و تناشبوا و تناصحوا، و انتم قد ونيتم و تغاششتم و افترقتم، ما ان انتم ان الممتم عندى على هذا بسعداء، فانتهوا باجمعكم، و اجمعوا على حقكم، و تجردوا لحرب عدوكم، و قد ابدت الرغوه عن الصريح، و بين الصبح لذى عينين، انما تقاتلون الطلقاء، و ابناء الطلقاء و اولى الجفاء، و من اسلم كرها، و كان لرسول الله (ص) انف الاسلام كله حربا، اعداء الله و السنه و القرآن، و اهل البدع و الاحداث، و من كان بوائقه تتقى، و كان عن الاسلام منحرفا، اكله الرشا، و عبده الدنيا، لقد انهى الى ان ابن النابغه لم يبايع معاويه حتى اعطاه، و شرط له ان يوتيه ما هى اعظم مما فى يده من سلطانه.الا صفرت يد هذا البائع دينه بالدنيا، و خزيت امانه هذا المشترى نصره فاسق غادر باموال المسلمين، و ان فيهم من قد شرب فيكم الخمر و جلد الحد، يعرف بالفساد فى الدين، و الفعل السيى ء، و ان فيهم من لم يسلم حتى رضخ له رضيخه.فهولاء قاده القوم، و من تركت ذكر مساوئه من قادتهم مثل من ذكرت منهم، بل هو شر، و يود هولاء الذين ذكرت لو ولوا عليكم فاظهروا فيكم الكفر و الفساد و الفجور و التسلط بجبريه، و اتبعوا الهوى و حكموا بغير الحق.