شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قال ابوالفرج: فاما بريق السيف الاول، فانه كان شبيب بن بجره
ضربه فاخطاه، و وقعت ضربته فى الطاق، و اما بريق السيف الثانى، فانه ابن ملجم، ضربه فاثبت الضربه فى وسط راسه، و شد الناس عليهما من كل ناحيه، حتى اخذوهما.قال ابو مخنف: فهمدان تذكر ان رجلا منهم، يكنى ابا ادماء اخذ ابن ملجم.و قال غيرهم: بل اخذه المغيره بن الحارث بن عبدالمطلب، طرح عليه قطيفه ثم صرعه، و اخذ السيف من يده و جاء به.قال: و اما شبيب بن بجره فانه خرج هاربا، فاخذه رجل فصرعه، و جلس على صدره، و اخذ السيف من يده ليقتله، فراى الناس يقصدون نحوه، فخشى ان يعجلوا عليه، فوثب عن صدره، و خلاه و طرح السيف عن يده، و اما شبيب بن بجره ففاته، فخرج هاربا حتى دخل منزله، فدخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا؟ لعلك قتلت اميرالمومنين! فاراد ان يقول: لا، فقال: نعم فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.قال ابومخنف: فحدثنى ابى، عن عبدالله بن محمد الازدى، قال: ادخل ابن ملجم على على (ع)، و دخلت عليه فيمن دخل، فسمعت عليا يقول: النفس، بالنفس ان انا مت فاقتلوه كما قتلنى، و ان سلمت رايت فيه رايى، فقال ابن ملجم: و لقد اشتريته بالف- يعنى السيف-، و سممته بالف، فان خاننى فابعده الله! قال: فنادته
ام كلثوم: يا عدو الله قتلت اميرالمومنين! قال انما قتلت اباك، قالت: يا عدو الله، انى لارجو الا يكون عليه باس، قال: فاراك انما تبكين عليا اذا و الله لقد ضربته ضربه لو قسمت بين اهل الارض لاهلكتهم.قال ابوالفرج: و اخرج ابن ملجم من بين يديه، و هو يقول: نحن ضربنا يا بنه الخير اذ طغى اباحسن مامومه فتفطرا و نحن حللنا ملكه من نظامه بضربه سيف اذ علا و نجبرا و نحن كرام فى الصباح اعزه اذا المرء بالموت ارتدى و تازرا قال: و انصرف الناس من صلاه الصبح، فاحدقوا بابن ملجم، ينهشون لحمه باسنانهم كانهم السباع، و يقولون: يا عدو الله، ماذا صنعت! اهلكت امه محمد، و قتلت خير الناس! و انه لصامت ما ينطق.قال ابوالفرج: و روى ابومخنف، عن ابى الطفيل، ان صعصعه بن صوحان، استاذن على على (ع)، و قد اتاه عائدا لما ضربه ابن ملجم- فلم يكن عليه اذن- فقال صعصعه للاذن: قل له: يرحمك الله يا اميرالمومنين حيا و ميتا، فلقد كان الله فى صدرك عظما، و لقد كنت بذات الله عليما.فابلغه الاذن مقالته، فقال: قل له: و انت يرحمك الله، فلقد كنت خفيف المونه، كثير المعونه.قال ابوالفرج: ثم جمع له اطباء الكوفه، فلم يكن منهم احد اعلم بجرحه من اثير بن عمرو بن
هانى ء السكونى- و كان متطببا صاحب كرسى يعالج الجراحات، و كان من الاربعين غلاما الذين كان خالد بن الوليد اصابهم فى عين التمر فسباهم- فلما نظر اثير الى جرح اميرالمومنين دعا برئه شاه حاره، فاستخرج منها عرقا، و ادخله فى الجرح، ثم نفخه، ثم استخرجه، و اذا عليه بياض الدماغ، فقال: يا اميرالمومنين، اعهد عهدك، فان عدو الله قد وصلت ضربته الى ام راسك.فدعا على (ع) عند ذلك بدواه و صحيفه، و كتب وصيته: هذا ما اوصى به اميرالمومنين على بن ابى طالب، اوصى بانه يشهد ان لا اله الا الله، و ان محمدا عبده و رسوله، ارسله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون، صلوات الله و بركاته عليه، ان صلاتى و نسكى و محياى و مماتى لله رب العالمين، لا شريك له، و بذلك امرت و انا اول المسلمين.اوصيك يا حسن و جميع ولدى و اهل بيتى و من بلغه كتابى هذا بتقوى الله ربنا و ربكم، و لاتموتن الا و انتم مسلمون، و اعتصموا بحبل الله جميعا و لاتفرقوا، فانى سمعت رسول الله يقول: صلاح ذات البين افضل من عامه الصلاه و الصيام، و ان المبيره حالقه الدين افساد ذات البين، و لا قوه الا بالله العلى العظيم.انظروا الى ذوى ارحامكم فصلوها يهون الله عليكم الحسا
ب.و الله الله فى الايتام فلا تغيرن افواههم بجفوتكم.و الله الله فى جيرانكم، فانها وصيه رسول الله (ص)، فما زال يوصينا بهم حتى ظننا انه سيورثهم الله، و الله الله فى القرآن فلا يسبقنكم بالعمل به غيركم.و الله الله فى الصلاه، فانها عماد دينكم.و الله الله فى صيام شهر رمضان فانه جنه من النار.و الله الله فى الجهاد باموالكم و انفسكم، و الله الله فى زكاه اموالكم، فانها تطفى ء غضب ربكم، و الله الله فى اهل بيت نبيكم فلا يظلمن بين اظهركم، و الله الله فى اصحاب نبيكم فان المومنين رسول الله (ص) اوصى بهم.و الله الله فى الفقراء و المساكين فاشركوهم فى معايشكم.و الله الله فيما ملكت ايمانكم فانه كانت آخر وصيه رسول الله (ص) اذ قال: (اوصيكم بالضعيفين، فيما ملكت ايمانكم)، ثم الصلاه الصلاه لاتخافوا فى الله لومه لائم يكفكم من بغى عليكم، و من ارادكم بسوء.قولوا للناس حسنا، كما امركم الله به، و لاتتركوا الامر بالمعروف و النهى عن المنكر فيتولى ذلك غيركم، و تدعون فلا يستجاب لكم.عليكم بالتواضع و التباذل و التبار، و اياكم و التقاطع و التفرق و التدابر، تعاونوا على البر و التقوى و لاتعاونوا على الاثم و العدوان، و اتقوا الله ان الله شد
يد العقاب.حفظكم الله من اهل بيت، و حفظ فيكم نبيه، استودعكم الله خير مستودع، و عليكم سلام الله و رحمته.قلت: قوله: (و الله الله فى الايتام، فلا تغيرن افواههم بجفوتكم) يحتمل تفسيرين: احدهما لاتجيعوهم، فان الجائع يخلف فمه، و تتغير نكهته.و الثانى: لاتحوجوهم الى تكرار الطلب و السوال، فان السائل ينضب ريقه و تنشف لهواته، و يتغير ريح فمه.و قوله حكايه عن رسول الله (ص): (اوصيكم بالضعيفين فيما ملكت ايمانكم)، يعنى به الحيوان الناطق و الحيوان الاعجم.قال ابوالفرج: و حدثنى ابوجعفر محمد بن جرير الطبرى باسناد ذكره فى الكتاب، عن ابى عبدالرحمن السلمى، قال: قال لى الحسن بن على (ع): خرجت و ابى يصلى فى المسجد، فقال لى: يا بنى انى بت الليله اوقظ اهلى، لانها ليله الجمعه صبيحه يوم بدر لتسع عشره ليله خلت من شهر رمضان، فملكتنى عيناى، فسنح لى رسول الله (ص)، فقلت: يا رسول الله، ماذا لقيت من امتك من الاود و اللدد! فقال لى: ادع عليهم، فقلت: اللهم ابدلنى بهم خيرا منهم، و ابدلهم بى من هو شر منى.قال الحسن (ع): و جاء ابن ابى الساج، فاذنه بالصلاه، فخرج فخرجت خلفه، فاعتوره الرجلان، فاما احدهما فوقعت ضربته فى الطاق، و اما الاخر فاثبتها فى را
سه.قال ابوالفرج: قال: حدثنى احمد بن عيسى، قال: حدثنا الحسين بن نصر، قال: حدثنا زيد بن المعدل، عن يحيى بن شعيب، عن ابى مخنف، عن فضيل بن خديج، عن الاسود الكندى و الاجلح، قالا، توفى على (ع) و هو ابن اربع و ستين سنه فى عام اربعين من الهجره، ليله لاحدى و عشرين ليله الاحد مضت من شهر رمضان، و ولى غسله ابنه الحسن و عبدالله بن العباس، و كفن فى ثلاثه اثواب ليس فيها قميص، و صلى عليه ابنه الحسن، فكبر عليه خمس تكبيرات، و دفن بالرحبه، مما يلى ابواب كنده عند صلاه الصبح.هذه روايه ابى مخنف.قال ابوالفرج: و حدثنى احمد بن سعيد، قال: حدثنا يحيى بن الحسن العلوى، قال: حدثنا يعقوب بن زيد، عن ابن ابى عمير، عن الحسن بن على الخلال، عن جده، قال: قلت للحسين بن على (ع): اين دفنتم اميرالمومنين (ع)؟ قال: خرجنا به ليلا من منزله حتى مررنا به على منزل الاشعث بن قيس، ثم خرجنا به الى الظهر بجنب الغرى.قلت: و هذه الروايه هى الحق و عليها العمل، و قد قلنا فيما تقدم ان ابناء الناس اعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الاجانب، و هذا القبر الذى بالغرى، هو الذى كان بنو على يزورونه قديما و حديثا، و يقولون: هذا قبر ابينا، لايشك احد فى ذلك من الشيعه، و لا من
غيرهم، اعنى بنى على من ظهر الحسن و الحسين و غيرهما من سلالته، المتقدمين منهم و المتاخرين، ما زاروا و لاوقفوا الا على هذا القبر بعينه.و قد روى ابوالفرج عبدالرحمن بن على بن الجوزى فى تاريخه المعروف "بالمنتظم" وفاه ابى الغنائم محمد بن على بن ميمون النرسى المعروف بابى، لجوده قراءته قال: توفى ابوالغنائم هذا فى سنه عشر و خمسمائه، و كان محدثا من اهل الكوفه ثقه حافظا، و كان من قوام الليل و من اهل السنه، و كان يقول: ما بالكوفه من هو على مذهب اهل السنه و اصحاب الحديث غيرى، و كان يقول: مات بالكوفه ثلاثمائه صحابى ليس قبر احد منهم معروفا الا قبر اميرالمومنين، و هو هذا القبر الذى يزوره الناس الان، جاء جعفر بن محمد (ع) و ابوه محمد بن على بن الحسين (ع) اليه، فزاراه، و لم يكن اذ ذاك قبرا معروفا ظاهرا، و انما كان به سرح عضاه، حتى جاء محمد بن زيد الداعى صاحب الديلم، فاظهر القبر.و سالت بعض من اثق به من عقلاء شيوخ اهل الكوفه عما ذكره الخطيب ابوبكر فى تاريخه، ان قوما يقولون: ان هذا القبر الذى تزوره الشيعه الى جانب الغرى هو قبر المغيره بن شعبه، فقال: غلطوا فى ذلك، قبر المغيره و قبر زياد بالثويه من ارض الكوفه، و نحن نعرفهما و ننق
ل ذلك عن آبائنا و اجدادنا و انشدنى قول الشاعر يرثى زيادا، و قد ذكره ابو تمام فى الحماسه: صلى الاله على قبر و طهره عند الثويه يسفى فوقه المور زفت اليه قريش نعش سيدها فالحلم و الجود فيه اليوم مقبور اباالمغيره و الدنيا مفجعه و ان من غرت الدنيا لمغرور قد كان عندك للمعروف معرفه و كان عندك للمنكور تنكير و كنت تغشى و تعطى المال من سعه فاليوم قبرك اضحى و هو مهجور و الناس بعدك قد خفت حلومهم كانما نفخت فيه الاعاصير و سالت قطب الدين نقيب الطالبيين اباعبدالله الحسين بن الاقساسى رحمه الله تعالى عن ذلك فقال: صدق من اخبرك، نحن و اهلها كافه نعرف مقابر ثقيف الى الثويه، و هى الى اليوم معروفه، و قبر المغيره فيها، الا انها لاتعرف، و قد ابتلعها السبخ و زبد الارض و فورانها، فطمست و اختلط بعضها ببعض.ثم قال: ان شئت ان تتحقق ان قبر المغيره فى مقابر ثقيف فانظر الى كتاب الاغانى لابى الفرج على بن الحسين، و المح ما قاله فى ترجمه المغيره، و انه مدفون فى مقابر ثقيف، و يكفيك قول ابى الفرج فانه الناقد البصير، و الطبيب الخبير، فتصفحت ترجمه المغيره فى الكتاب المذكور، فوجدت الامر كما قاله النقيب.قال ابوالفرج: كان مصقل
ه بن هبيره الشيبانى قد لاحى المغيره فى شى ء كان بينهما منازعه، فضرع له المغيره و تواضع فى كلامه، حتى طمع فيه مصقله، فاستعلى عليه و شتمه، و قال انى لاعرف شبهى فى عروه ابنك، فاشهد المغيره على قوله هذا شهودا، ثم قدمه الى شريح القاضى، فاقام عليه البينه، فضربه شريح الحد و آلى مصقله الا يقيم ببلده فيها المغيره، فلم يدخل الكوفه، حتى مات المغيره، فدخلها، فتلقاه قومه فسلموا عليه، فما فرغ من السلام حتى سالهم عن مقابر ثقيف، فارشدوه اليها، فجعل قوم من مواليه يلتقطون الحجاره، فقال لهم: ما هذا؟ فقالوا: نظن انك تريد ان ترجم قبر المغيره، فقال: القوا ما فى ايديكم، فانطلق حتى وقف على قبره، ثم قال: و الله لقد كنت- ما علمت- نافعا لصديقك، ضارا لعدوك، و ما مثلك الا كما قال مهلهل فى كليب اخيه: ان تحت الاحجار حزما و عزما و خصيما الد ذا معلاق حيه فى الوجار اربد لاين فع منه السليم نفثه راق قال ابوالفرج: فاما ابن ملجم، فان الحسن بن على بعد دفنه اميرالمومنين دعا به و امر بضرب عنقه، فقال له: ان رايت ان تاخذ على العهود ان ارجع اليك حتى اضع يدى فى يدك، بعد ان امضى الى الشام، فانظر ما صنع صاحبى بمعاويه، فان كان قتله و الا قتلته ثم
عدت اليك حتى تحكم فى حكمك.فقال: هيهات، و الله لاتشرب الماء البارد حتى تلحق روحك بالنار، ثم ضرب عنقه، و استوهبت ام الهيثم بنت الاسود النخعيه جثته منه، فوهبها لها، فاحرقتها بالنار.و قال ابن ابى مياس الفزارى، و هو من الخوارج: فلم ار مهرا ساقه ذو سماحه كمهر قطام من غنى و معدم ثلاثه آلاف و عبد و قينه و ضرب على بالحسام المصمم فلا مهر اغلى من على و ان غلا و لافتك الا دون فتك ابن ملجم و قال عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب: و هز على بالعراقين لحيه مصيبتها جلت على كل مسلم و قال سياتيها من الله نازل و يخضبها اشقى البريه بالدم فعاجله بالسيف شلت يمينه لشوم قطام عند ذاك ابن ملجم فيا ضربه من خاسر ضل سعيه تبوا منها مقعدا فى جهنم ففاز اميرالمومنين بحظه و ان طرقت احدى الليالى بمعظم الا انما الدنيا بلاء و فتنه حلاوتها شيبت بصاب و علقم قال ابوالفرج: و انشدنى عمى الحسن بن محمد، قال: انشدنى محمد بن سعد، لبعض بنى عبدالمطلب، يرثى عليا، و لم يذكر اسمه: يا قبر سيدنا المجن سماحه صلى الاله عليك يا قبر ما ضر قبرا انت ساكنه الا يحل بارضه القطر فليندين سماح كفك بالثرى و ليورقن بجنبك الصخر
و الله لو بك لم اجد احدا الا قتلت، لفاتنى الوتر