شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
حب فى (حبذا) اصله حبب، و معنى (شد) صار شديدا جدا، و معنى (حب) صار حبيبا، قال البحترى: شد ما اغريت ظلوم بهجرى بعد وجدى بها و غله صدرى و للناقه اربعه اخلاف: خلفان قادمان و خلفان آخران، و كل اثنين منهما شطر.و تشطرا ضرعيها اقتسما فائدتهما و نفعهما.و الضمير للخلافه، و سمى القادمين معا ضرعا، و سمى الاخرين معا ضرعا لما كانا- لتجاورهما، و لكونهما لايحلبان الا معا- كشى ء واحد.قوله (ع): (فجعلها فى حوزه خشناء)، اى فى جهه صعبه المرام، شديده الشكيمه.و الكلم: الجرح.و قوله: (يغلظ)، من الناس من قال: كيف قال: (يغلظ كلمها)، و الكلم لا يوصف بالغلظ! و هذا قله فهم بالفصاحه، الا ترى كيف قد وصف الله سبحانه العذاب بالغلظ، فقال: (و نجيناهم من عذاب غليظ) اى متضاعف، لان الغليظ من الاجسام هو ما كثف و جسم، فكان اجزاوه و جواهره متضاعفه، فلما كان العذاب- اعاذنا الله منه- متضاعفا، سمى غليظا، و كذلك الجرح اذا امعن و عمق، فكانه قد تضاعف و صار جروحا، فسمى غليظا.ان قيل: قد قال (ع) (فى حوزه خشناء) فوصفها بالخشونه، فكيف اعاد ذكر الخشونه ثانيه فقال: (يخشن مسها)! قيل: الاعتبار مختلف، لان مراده بقوله: (فى حوزه خشناء) اى لا ينال ما عندها و
لا يرام، يقال: ان فلانا لخشن الجانب و وعر الجانب، و مراده بقوله: (يخشن مسها)، اى توذى و تضر و تنكى ء من يمسها، يصف جفاء اخلاق الوالى المذكور و نفور طبعه و شده بادرته.قوله (ع): (و يكثر العثار فيها، و الاعتذار منها)، يقول: ليست هذه الجهه جددا مهيعا، بل هى كطريق كثير الحجاره، لايزال الماشى فيه عاثرا.و اما (منها) فى قوله (ع): (و الاعتذار منها) فيمكن ان تكون (من) على اصلها، يعنى ان عمر كان كثيرا ما يحكم بالامر ثم ينقضه، و يفتى بالفتيا ثم يرجع عنها، و يعتذر مما افتى به اولا.و يمكن ان تكون (من) هاهنا للتعليل و السببيه، اى و يكثر اعتذار الناس عن افعالهم و حركاتهم لاجلها، قال: امن رسم دار مربع و مصيف لعينيك من ماء الشوون و كيف! اى لاجل ان رسم المربع و المصيف هذه الدار و كف دمع عينيك! و الصعبه من النوق: ما لم تركب و لم ترض، ان اشنق لها راكبها بالزمام خرم انفها، و ان اسلس زمامها تقحم فى المهالك فالقته فى مهواه او ماء او نار، او ندت فلم تقف حتى ترديه عنها فهلك.و اشنق الرجل ناقته، اذا كفها بالزمام، و هو راكبها، و اللغه المشهوره شنق، ثلاثيه.و فى الحديث: ان طلحه انشد قصيده فما زال شانقا راحلته، حتى كتبت له.و اشنق
البعير نفسه، اذا رفع راسه، يتعدى و لايتعدى، و اصله من الشناق، و هو خيط يشد به فم القربه.و قال الرضى ابوالحسن رحمه الله تعالى: انما قال (ع): اشنق لها، و لم يقل: (اشنقها)، لانه جعل ذلك فى مقابله قوله: (اسلس لها) و هذا حسن، فانهم اذا قصدوا الازدواج فى الخطابه فعلوا مثل هذا، قالوا: الغدايا و العشايا، و الاصل الغدوات جمع غدوه.و قال (ص): (ارجعن مازورات غير ماجورات)، و اصله (موزورات) بالواو، لانه من الوزر.و قال الرضى رحمه الله تعالى: و مما يشهد على ان اشنق بمعنى (شنق) قول عدى ابن زيد العبادى: ساءها ما لها تبين فى الاي دى و اشناقها الى الاعناق قلت: (تبين) فى هذا البيت فعل ماض، تبين يتبين تبينا، و اللام فى (لها) تتعلق ب(تبين).يقول: ظهر لها ما فى ايدينا فساءها.و هذا البيت من قصيده اولها: ليس شى ء على المنون بباق غير وجه المسبح الخلاق و قد كان زارته بنيه له صغيره اسمها هند، و هو فى الحبس- حبس النعمان- و يداه مغلولتان الى عنقه، فانكرت ذلك، و قالت: ما هذا الذى فى يدك و عنقك يا ابت! و بكت، فقال هذا الشعر.و قبل هذا البيت: و لقد غمنى زياره ذى قر بى صغير لقربنا مشتاق ساءها ما لها تبين فى الاي دى و اشناقها الى الاعناق ا
ى ساءها ما ظهر لها من ذلك.و يروى: (ساءها ما بنا تبين) اى ما بان و ظهر، و يروى (ما بنا تبين) بالرفع على انه مضارع.و يروى (اشناقها) بالرفع عطفا على (ما)، التى هى بمعنى الذى، و هى فاعله.و يروى بالجر عطفا على (الايدى).و قال الرضى رحمه الله تعالى ايضا: و يروى ان رسول الله (ص) خطب الناس و هو على ناقه قد شنق لها و هى تقصع بجرتها.قلت: الجره: ما يعلو من الجوف و تجتره الابل، و الدره: ما يسفل.و تقصع بها: تدفع، و قد كان للرضى رحمه الله تعالى اذا كانت الروايه قد وردت هكذا ان يحتج بها على جواز (اشنق لها)، فان الفعل فى الخبر قد عدى باللام لا بنفسه.قوله (ع): (فمنى الناس) اى بلى الناس، قال: منيت بزمرده كالعصا.و الخبط: السير على غير جاده، و الشماس: النفار.و التلون: التبدل.و الاعتراض: السير لا على خط مستقيم، كانه يسير عرضا فى غضون سيره طولا، و انما يفعل ذلك البعير الجامح الخابط.و بعير عرضى: يعترض فى مسيره، لانه لم يتم رياضته، و فى فلان عرضيه، اى عجرفه و صعوبه.(طرف من اخبار عمر بن الخطاب) و كان عمر بن الخطاب صعبا، عظيم الهيبه شديد السياسه، لايحابى احدا، و لايراقب شريفا و لامشروفا.و كان اكابر الصحابه يتحامون و ي
تفادون من لقائه، كان ابوسفيان بن حرب فى مجلس عمر، و هناك زياد بن سميه و كثير من الصحابه، فتكلم زياد فاحسن- و هو يومئذ غلام- فقال على (ع)- و كان حاضرا- لابى سفيان و هو الى جانبه: لله هذا الغلام، لو كان قرشيا لساق العرب بعصاه! فقال له ابوسفيان: اما و الله لو عرفت اباه لعرفت انه من خير اهلك، قال: و من ابوه؟ قال: انا وضعته و الله فى رحم امه، فقال على (ع): فما يمنعك من استلحاقه؟ قال: اخاف هذا العير الجالس ان يخرق على اهابى! و قيل لابن عباس لما اظهر قوله فى العول بعد موت عمر- و لم يكن قبل يظهره: هلا قلت هذا و عمر حى؟ قال: هبته، و كان امرا مهابا.و استدعى عمر امراه ليسالها عن امر- و كانت حاملا- فلشده هيبته القت ما فى بطنها، فاجهضت به جنينا ميتا، فاستفتى عمر اكابر الصحابه فى ذلك، فقالوا: لا شى ء عليك، انما انت مودب، فقال له على (ع): ان كانوا راقبوك فقد غشوك، و ان كان هذا جهد رايهم فقد اخطئوا، عليك غره- يعنى عتق رقبه- فرجع عمر و الصحابه الى قوله.و عمر هو الذى شد بيعه ابى بكر و وقم المخالفين فيها فكسر سيف الزبير لما جرده، و دفع فى صدر المقداد، و وطى ء فى السقيفه سعد بن عباده، و قال: اقتلوا سعدا، قتل الله سعدا! و حطم