الشرح:
الغياهب: الظلمات، الواحد غيهب.و تتيه بكم: تجعلكم تائهين، عدى الفعل اللازم بحرف الجر، كما تقول فى ذهب: ذهبت به.و التائه: المتحير.و الكواذب هاهنا: الامانى، فحذف الموصوف و ابقى الصفه كقوله: الا بكفى كان من ارمى البشر اى بكفى غلام هذه صفته.و قوله: (و لكل اجل كتاب) اظنه منقطعا ايضا عن الاول مثل الفصل الذى تقدم: و قد كان قبله ما ينطبق عليه و يلتئم معه لا محاله.و يمكن على بعد ان يكون متصلا بما هو مذكور هاهنا.و قوله (و لكل غيبه اياب) قد قاله عبيد بن الابرص، و استثنى من العموم الموت، فقال: و كل ذى غيبه يئوب و غائب الموت لايئوب و هو راى زنادقه العرب، فاما اميرالمومنين، و هو ثانى صاحب الشريعه التى جاءت بعود الموتى، فانه لايستثنى، و يحمق عبيدا فى استثنائه.و الربانى: الذى امرهم بالاستماع منه، انما يعنى به نفسه (ع)، و يقال: رجل ربانى اى متاله عارف بالرب سبحانه.و فى وصف الحسن لاميرالمومنين (ع): (كان و الله ربانى هذه الامه وذا فضلها، و ذا قرابتها، و ذا سابقتها).ثم قال: و احضروه قلوبكم، اى اجعلوا قلوبكم حاضره عنده، اى لاتقنعوا لانفسكم بحضور الاجساد و غيبه القلوب، فانكم لاتنتفعون بذلك: و هتف بكم: صاح، و الرائد: الذى يتقدم المنتجعين لينظر لهم الماء و الكلا.و فى المثل: الرائد لايكذب اهله.و قوله: (و ليجمع شمله) اى و ليجمع عزائمه و افكاره لينظر، فقد فلق هذا الربانى لكم الامر، اى شق ما كان مبهما، و فتح ما كان مغلقا، كما تفلق الخرزه فيعرف باطنها.و قرفه، اى قشره، كما تقشر الصمغه عن عود الشجره، و تقلع.
الشرح:
تقول: اخذ الباطل ماخذه، كما تقول عمل عمله، اى قوى سلطانه و قهر، و مثله (ركب الجهل مراكبه).و عظمت الطاغيه، اى الطغيان، فاعله بمعنى المصدر، كقوله تعالى: (ليس لوقعتها كاذبه)، اى تكذيب، و يجوز ان تكون الطاغيه هاهنا صفه فاعل محذوف، اى عظمت الفئه الطاغيه.و قلت الداعيه مثله، اى الفرقه الداعيه.وصال: حمل و وثب، صولا و صوله، يقال: رب قول اشد من صول، و الصيال و المصاوله هى المواثبه، صايله صيالا و صياله، و الفحلان يتصاولان، اى يتواثبان.و الفنيق: فحل الابل.و هدر: ردد صوته فى حنجرته، و ابل هوادر، و كذلك هدر بالتشديد تهديرا، و فى المثل: (هو كالمهدر فى العنه) يضرب للرجل يصيح يجلب و ليس وراء ذلك شى ء كالبعير الذى يحبس فى العنه، و هى الحظيره، و يمنع من الضراب، و هو يهدر، و قال الوليد بن عقبه لمعاويه: قطعت الدهر كالسدم المعنى تهدر فى دمشق و لاتريم و الكظوم: الامساك و السكوت، كظم البعير يكظم كظوما، اذا امسك الجره، و هو كاظم، و ابل كظوم لاتجتر، و قوم كظم ساكتون.و تواخى الناس: صاروا اخوه، و الاصل تاخى الناس، فابدلت الهمزه واوا، كازرته اى اعنته، و وازرته.يقول: اصطلحوا على الفجور، و تهاجروا على الدين، اى تعادوا و تقاطعوا.فان قلت: فان من شعار الصالحين ان يهجروا فى الدين و يعادوا فيه! قلت: لم يذهب امير المومنين حيث ظننت، و انما اراد ان صاحب الدين مهجور عندهم، لان صاحب الدين مهجور و صاحب الفجور جار عندهم مجرى الاخ فى الحنو عليه، و الحب له، لانه صاحب فجور.ثم قال: (كان الولد غيظا)، اى لكثره عقوق الابناء للاباء، (و صار المطر قيظا) يقال انه
من علامات الساعه و اشراطها.و اوساطه اكالا، اى طعاما، يقال: ماذقت اكالا، و فى هذا الموضع اشكال، لانه لم ينقل هذا الحرف الا فى الجحد خاصه، كقولهم: ما بها صافر، فالاجود الروايه الاخرى، و هى (آكالا) بمد الهمزه على (افعال) جمع اكل، و هو ما اكل، كقفل و اقفال.و قد روى (آكالا) بضم الهمزه على (فعال)، و قالوا: انه جمع (اكل) للماكول كعرق و عراق، و ظئر و ظوار، الا انه شاذ عن القياس، و وزن واحدهما مخالف لوزن واحد (اكال) لو كان جمعا، يقول: صار اوساط الناس طعمه للولاه و اصحاب السلاطين، و كالفريسه للاسد.و غار الماء: سفل لنقصه، وفاض سال.و تشاجر الناس: تنازعوا و هى المشاجره، و شجر بين القوم، اذا اختلف الامر بينهم، و اشتجروا، مثل تشاجروا.و صار الفسوق نسبا يصير الفاسق صديق الفاسق، حتى يكون ذلك كالنسب بينهم، و حتى يعجب الناس من العفاف، لقلته و عدمه.و لبس الاسلام لبس الفرو، و للعرب عاده بذلك، و هى ان تجعل الخمل الى الجسد، و تظهر الجلد، و المراد انعكاس الاحكام الاسلاميه فى ذلك الزمان.