شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الشرح:

طعن دراك، اى متتابع يتلو بعضه بعضا.

و يخرج منه النسيم، اى لسعته، و من هذا النحو قول الشاعر: طعنت ابن عبدالقيس طعنه ثائر لها نفذ لو لا الشعاع اضاءها ملكت بها كفى فانهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها فهذا وصف الطعنه، بانها لاتساعها يرى الانسان المقابل لها ببصره ما وراءها، و انه لو لا شعاع الدم- و هو ما تفرق منه- لبان منها الضوء.

و اميرالمومنين (ع) اراد من اصحابه طعنات يخرج النسيم- و هو الريح اللينه- منهن.

و فلقت الشى ء، افلقه- بكسر اللام- فلقا، اى شققته.

و يطيح العظام: يسقطها، طاح الشى ء، اى سقط او هلك او
تاه فى الارض، و اطاحه غيره، و طوحه.

و يندر السواعد: يسقطها ايضا، ندر الشى ء يندر ندرا، اى سقط، و منه النوادر، و اندره غيره.

و الساعد: من الكوع الى المرفق، و هو الذراع.

و المناسر: جمع منسر، و هو قطعه من الجيش تكون امام الجيش الاعظم، بكسر السين و فتح الميم، و يجوز منسر بكسر الميم و فتح السين، و قيل انها اللغه الفصحى.

و يرجموا، اى يغزوا بالكتائب، جمع كتيبه و هى طائفه من الجيش.

تقفوها الحلائب، اى تتبعها طوائف لنصرها و المحاماه عنها، يقال: قد احلبوا، اذا جائوا من كل اوب للنصره، و رجل محلب، اى ناصر، و حالبت الرجل، اذا نصرته و اعنته، و قال الشاعر: الهفا بقرى سحبل حين احلبت علينا الولايا و العدو المباسل اى اعانت و نصرت.

و الخميس: الجيش.

و الدعق، قد فسره الرضى رحمه الله و يجوز ان يفسر بامر آخر، و هو الهيج و التنفير، دعق القوم يدعقهم دعقا، اى هاج منهم و نفرهم.

و نواحر ارضهم، قد فسره رحمه الله ايضا، و يمكن ان يفسر بامر آخر، و هو ان يراد به اقصى ارضهم و آخرها، من قولهم لاخر ليله فى الشهر: ناحره.

و اعنان مساربهم و مسارحهم: جوانبها، و المسارب: ما يسرب فيه المال الراعى، و المسارح: ما يسرح فيه، و الفرق بين (سرح) و (سرب)
، ان السروح انما يكون فى اول النهار، و ليس ذلك بشرط فى السروب.

(عود الى اخبار صفين) و اعلم ان هذا الكلام قاله اميرالمومنين (ع) لاصحابه فى صفين، يحرضهم به: و قد ذكرنا من حديث صفين فيما تقدم اكثره، و نحن نذكر هاهنا تتمه القصه، ليكون من وقف على ما تقدم و على هذا المذكور آنفا هنا، قد وقف على قصه صفين باسرها.

اتفق الناس كلهم ان عمارا رضى الله عنه اصيب مع على (ع) بصفين، و قال كثير منهم، بل الاكثر: ان اويسا القرنى اصيب ايضا مع على (ع) بصفين.

و ذكر ذلك نصر بن مزاحم فى "كتاب صفين" رواه عن حفص بن عمران البرجمى، عن عطاء بن السائب، عن ابى البخترى، و قد قال رسول الله (ص) فى اويس ما قال، و قال الناس كلهم: ان رسول الله (ص) قال: (ان الجنه لتشتاق الى عمار)، و رووا عنه (ص) ان عمارا جاء يستاذن عليه، فقال: (ائذنوا له، مرحبا بالطيب المطيب).

و روى سلمه بن كهيل، عن مجاهد، ان النبى (ص) راى عمارا و هو يحمل احجار المسجد فقال: (ما لهم و لعمار! يدعوهم الى الجنه، و يدعونه الى النار!).

و روى الناس كافه ان رسول الله (ص) قال له: (تقتلك الفئه الباغيه) و روى نصر بن مزاحم فى كتاب صفين، عن عمرو بن شمر، عن مالك بن اعين، عن زيد بن وهب الجهنى
، ان عمار بن ياسر نادى فى صفين يوما قبل مقتله بيوم او يومين: اين من يبغى رضوان الله عز و جل و لايووب الى مال و لاولد؟ فاتته عصابه من الناس، فقال: ايها الناس، اقصدوا بنا قصد هولاء القوم (الذين يتبعون دم عثمان، و يزعمون انه قتل مظلوما، و الله ان كان الا ظالما لنفسه، الحاكم بغير ما انزل الله).

و دفع على (ع) الرايه الى هاشم بن عتبه بن ابى وقاص- و كان عليه ذلك اليوم درعان- فقال له على (ع) كهيئه المازح: ايا هاشم، اما تخشى على نفسك ان تكون اعور جبانا؟ قال: ستعلم يا اميرالمومنين، و الله لالفن بين جماجم العرب لف رجل ينوى الاخره.

فاخذ رمحا فهزه فانكسر، ثم اخذ آخر فوجده جاسيا فالقاه، ثم دعا برمح لين فشد به اللواء.

قال نصر: و حدثنا عمرو قال: لما دفع على (ع) الرايه الى هاشم بن عتبه، قال له رجل من اصحابه من بكر بن وائل: اقدم هاشم- يكررها- ثم قال: مالك (يا هاشم) قد انتفخ سحرك! اعورا و جبنا! قال: من هذا؟ قالوا: فلان، قال: اهلها و خير منها، اذا رايتنى قد صرعت فخذها.

ثم قال لاصحابه: شدوا شسوع نعالكم، و شدوا ازركم، فاذا رايتمونى قد هززت الرايه ثلاثا، فاعلموا ان احدا منكم لايسبقنى الى الحمله.

ثم نظر الى عسكر معاويه، فراى جمعا ع
ظيما، فقال: من اولئك؟ قيل: اصحاب ذى الكلاع، ثم نظر فراى جندا، فقال: من اولئك؟ قيل: قريش و قوم من اهل المدينه، فقال: قومى، لا حاجه لى فى قتالهم، من عند هذه القبه البيضاء؟ قيل: معاويه و جنده، قال: فانى ارى دونهم اسوده، قيل: (ذاك) عمرو بن العاص و ابناه و مواليه، فاخذ الرايه فهزها، فقال رجل من اصحابه: البث قليلا و لا تعجل، فقال هاشم: قد اكثرا لومى و ما اقلا انى شريت النفس لن اعتلا اعور يبغى اهله محلا قد عالج الحياه حتى ملا لا بد ان يفل او يفلا اشلهم بذى الكعوب شلا مع ابن عم احمد المعلى اول من صدقه و صلى قال نصر: و حدثنا عبدالعزيز بن سياه، عن حبيب بن ابى ثابت، قال: لما تناول هاشم الرايه، جعل عمار بن ياسر يحرضه على الحرب، و يقرعه بالرمح، و يقول: اقدم يا اعور: لا خير فى اعور لاياتى الفزع فيستحيى من عمار، و يتقدم، و يركز الرايه، فاذا ركزها عاوده عمار بالقول، فيتقدم ايضا.

فقال عمرو بن العاص: انى لارى لصاحب الرايه السوداء عملا، لئن دام على هذا لتفنين العرب اليوم! فاقتتلوا قتالا شديدا، و عمار ينادى: صبرا! و الله ان الجنه تحت ظلال البيض.

فكان نازاء هاشم و عمار ابوالاعور السلمى، و لم يزل عمار بهاشم ينخسه
و هو يزحف بالرايه، حتى اشتد القتال و عظم، و التقى الزحفان، و اقتتلا قتالا لم يسمع السامعون بمثله، و كثرت القتلى فى الفريقين جميعا.

و روى نصر، عن عمرو بن شمر، قال: حدثنى من اثق به من اهل العراق، قال: لما التقينا بالقوم فى ذلك اليوم، وجدناهم خمسه صفوف (قد قيدوا انفسهم بالعمائم)، فقتلنا صفا، ثم صفا، ثم خلصنا الى الرابع، ما على الارض شامى و لا عراقى يولى دبره، و ابوالاعور يقول: اذا ما فررنا كان اسوا فرارنا صدود الخدود و ازورار المناكب صدود الخدود و القنا متشاجر و لاتبرح الاقدام عند التضارب قال نصر: و التقت فى هذا اليوم همدان العراق بعك الشام، فقال قائلهم: همدان همدان، و عك عك ستعلم اليوم من الارك و كانت على عك الدروع، و ليس عليهم رايات، فقالت: همدان: خدموا القوم، اى اضربوا سوقهم- فقالت عك: ابركوا برك الكمل، فبركوا كما يبرك الجمل ثم رموا الحجر، و قالوا: لا نفر حتى يفر الحكر.

قال نصر: و اقتتل الناس من لدن اعتدال النهار الى صلاه المغرب، ما كان صلاه القوم الا التكبير عند مواقيت الصلاه.

ثم ان اهل العراق كشفوا ميمنه اهل الشام، فطاروا فى سواد الليل، و كشف اهل الشام ميسره اهل العراق، فاختلطوا فى سواد الليل،
و تبدلت الرايات بعضها ببعض، فلما اصبح الناس وجد اهل الشام لوائهم و ليس حوله الا الف رجل، فاقتلعوه و ركزوه من وراء موضعه الاول و احاطوا به، و وجد اهل العراق لوائهم مركوزا و ليس حوله الا ربيعه، و على (ع) بينها، و هم محيطون به، و هو لايعلم من هم، و يظنهم غيرهم، فلما اذن موذن على (ع) الفجر، قال على (ع): يا مرحبا بالقائلين عدلا و بالصلاه مرحبا و اهلا ثم وقف و صلى الفجر، فلما انفتل ابصر وجوها ليست بوجوه اصحابه بالامس، و اذا مكانه الذى هو فيه ما بين الميسره الى القلب، فقال: من القوم؟ قالوا: ربيعه، و انك يا اميرالمومنين لعندنا منذ الليله! فقال: فخر طويل لك يا ربيعه ثم قال لهاشم بن عتبه: خذ اللواء، فو الله ما رايت مثل هذه الليله.

فخرج هاشم باللواء حتى ركزه فى القلب.

قال نصر: حدثنا عمرو بن شمر، عن الشعبى، قال: عبى معاويه تلك الليله اربعه آلاف و ثلثمائه من فارس و راجل معلمين بالخضره، و امرهم ان ياتوا عليا (ع) من ورائه.

ففطنت لهم همدان، فواجهوهم و صمدوا اليهم، فباتوا تلك الليله يتحارسون، و على (ع) قد افضى به ذهابه و مجيئه الى رايات ربيعه، فوقف بينها و هو لايعلم، و يظن انه فى العسكر الاشعث، فلما اصبح لم ير الاشعث و ل
ا اصحابه، و راى سعيد بن قيس الهمدانى على مركزه، فجاء الى سعيد رجل من ربيعه، يقال له زفر فقال (له): الست القائل بالامس: لئن لم تنته ربيعه لتكونن ربيعه ربيعه، و همدان همدان؟ فما اغنت همدان البارحه! فنظر اليه على (ع) نظر منكر، و نادى منادى على (ع): ان اتعدوا للقتال، و اغدوا عليه، و انهدوا الى عدوكم.

فكلهم تحرك الا ربيعه لم تتحرك، فبعث اليهم على (ع): ان انهدوا الى عدوكم، فبعث اليهم اباثروان، فقال: ان اميرالمومنين (ع) يقرئكم السلام، و يقول لكم: يا معشر ربيعه، ما لكم لاتنهدون الى عدوكم و قد نهد الناس! قالوا: كيف ننهد و هذه الخيل من وراء ظهرنا! قل لاميرالمومنين فليامر همدان او غيرها بمناجزتهم لننهد.

فرجع ابوثروان الى على (ع)، فاخبره، فبعث اليهم الاشتر، فقال: يا معشر ربيعه، ما منعكم ان تنهدوا و قد نهد الناس- و كان جهير الصوت- و انتم اصحاب كذا، و اصحاب كذا؟ فجعل يعدد ايامهم.

فقالوا: لسنا نفعل حتى ننظر ما تصنع هذه الخيل التى خلف ظهورنا، و هى اربعه آلاف، قل لاميرالمومنين: فليبعث اليهم من يكفيه امرهم.

و رايه ربيعه يومئذ مع الحضين بن المنذر.

فقال لهم الاشتر: فان اميرالمومنين يقول لكم: اكفونيها، انكم لو بعثتم اليهم طائفه
منكم لتركوكم فى هذه الفلاه، و فروا كاليعافير.

فوجهت حينئذ ربيعه اليهم تيم الله و النمر بن قاسط و عنزه.

قالوا: فمشينا اليهم مستلئمين مقنعين فى الحديد- و كان عامه قتال صفين مشيا- قال: فلما اتيناهم هربوا و انتشروا انتشار الجراد، فذكرت قوله: (و فروا كاليعافير).

ثم رجعنا الى اصحابنا و قد نشب القتال بينهم و بين اهل الشام، و قد اقتطع اهل الشام طائفه من اهل العراق، بعضها من ربيعه، فاحاطوا بها، فلم نصل اليها حتى حملنا على اهل الشام، فعلوناهم بالاسياف حتى انفرجوا لنا، فافضينا الى اصحابنا فاستنقذناهم، و عرفناهم تحت النقع بسيماهم و علامتهم.

و كانت علامه اهل العراق بصفين الصوف الابيض، قد جعلوه فى رووسهم و على اكتافهم، و شعارهم: (يا الله، يا الله! يا احد يا صمد! يا رب محمد! يا رحمن يا رحيم!)، و كانت علامه اهل الشام خرقا صفرا، قد جعلوها على رووسهم و اكتافهم، و شعارهم: نحن عباد الله حقا حقا يا لثارات عثمان! قال نصر: فاجتلدوا بالسيوف و عمد الحديد، فلم يتحاجزوا حتى حجز بينهم الليل، و ما يرى رجل من هولاء و من هولاء موليا.

قال نصر: حدثنا عمر بن سعد، قال: كانوا عربا يعرف بعضهم بعضا فى الجاهليه، و انهم لحديثو عهد بها، فالتقوا فى
الاسلام.

و فيهم بقايا تلك الحميه، و عند بعضهم بصيره الدين و الاسلام، فتضاربوا و استحيوا من الفرار، حتى كادت الحرب تبيدهم، و كانوا اذا تحاجزوا دخل هولاء عسكر هولاء، فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم.

قال نصر: فحدثنا عمر بن سعد، قال: فبينا على (ع) واقفا بين جماعه من همدان و حمير و غيرهم من افناء قحطان، اذ نادى رجل من اهل الشام: من دل على ابى نوح الحميرى؟ فقيل له: قد وجدته، فما ذا تريد؟ قال: فحسر عن لثامه، فاذا هو ذو الكلاع الحميرى، و معه جماعه من اهله و رهطه، فقال لابى نوح: سر معى، قال: الى اين؟ قال: الى ان نخرج عن الصف، قال: و ما شانك؟ قال: ان لى اليك لحاجه، فقال ابونوح، معاذ الله ان اسير اليك الا فى كتيبه! قال ذو الكلاع! بلى فسر فلك ذمه الله و ذمه رسوله و ذمه ذى الكلاع، حتى ترجع الى خيلك، فانما اريد ان اسالك عن امر فيكم تمارينا فيه.

فسار ابونوح، و سار ذو الكلاع، فقال له: انما دعوتك احدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص قديما فى خلافه عمر بن الخطاب، ثم اذكرناه الان به فاعاده، انه يزعم انه سمع رسول الله (ص) قال: (يلتقى اهل الشام و اهل العراق، و فى احدى الكتيبتين الحق و امام الهدى، و معه عمار بن ياسر).

فقال ابونوح: نعم و ا
لله، انه لفينا.

قال: نشدتك الله، اجاد هو على قتالنا؟ قال ابونوح: نعم و رب الكعبه، لهو اشد على قتالكم منى، و لوددت انكم خلق واحد فذبحته و بدات بك قبلهم، و انت ابن عمى.

قال ذو الكلاع: ويلك! علام تمنى ذلك منا! فو الله ما قطعتك فيما بينى و بينك قط، و ان رحمك لقريبه، و ما يسرنى ان اقتلك.

قال ابونوح: ان الله قطع بالاسلام ارحاما قريبه، و وصل به ارحاما متباعده، و انى قاتلك و اصحابك، لانا على الحق و انتم على الباطل.

قال ذو الكلاع: فهل تستطيع ان تاتى معى صف اهل الشام، فانا لك جار منهم، حتى تلقى عمرو بن العاص، فتخبره بحال عمار و جده فى قتالنا، لعله ان يكون صلح بين هذين الجندين! قلت: وا عجباه من قوم يعتريهم الشك فى امرهم لمكان عمار، و لا يعتريهم الشك لمكان على (ع)! و يستدلون على ان الحق مع اهل العراق بكون عمار بين اظهرهم، و لايعبئون بمكان على (ع)! و يحذرون من قول النبى (ص): (تقتلك الفئه الباغيه)، و يرتاعون لذلك، و لايرتاعون لقوله (ص) فى على (ع): (اللهم وال من والاه و عاد من عاداه)، و لا لقوله: (لايحبك الا مومن و لايبغضك الا منافق).

و هذا يدلك على ان عليا (ع) اجتهدت قريش كلها من مبدا الامر فى اخمال ذكره و ستر فضائله، و ت
غطيه خصائصه حتى محى فضله و مرتبته من صدور الناس كافه الا قليلا منهم.

قال نصر: فقال له ابونوح: انك رجل غادر، و انت فى قوم غدر، و ان لم يرد الغدر اغدروك، و انى ان اموت احب الى من ان ادخل مع معاويه.

فقال ذو الكلاع: انا جار لك من ذلك، الا تقتل و لا تسلب و لا تكره على بيعه، و لاتحبس عن جندك، و انما هى كلمه تبلغها عمرو بن العاص، لعل الله ان يصلح بذلك بين هذين الجندين، و يضع عنهم الحرب.

فقال ابونوح: انى اخاف غدراتك و غدرات اصحابك.

قال ذو الكلاع: انا لك بما قلت زعيم، قال ابونوح: اللهم انك ترى ما اعطانى ذو الكلاع، و انت تعلم ما فى نفسى، فاعصمنى و اختر لى و انصرنى، و ادفع عنى.

ثم سار مع ذى الكلاع حتى اتى عمرو بن العاص و هو عند معاويه و حوله الناس، و عبدالله بن عمر يحرض الناس على الحرب، فلما وقفا على القوم، قال ذو الكلاع لعمرو: يا اباعبدالله، هل لك فى رجل ناصح لبيب مشفق، يخبرك عن عمار بن ياسر فلايكذبك؟ قال: و من هو؟ قال: هو ابن عمى هذا، و هو من اهل الكوفه.

فقال عمرو: ارى عليك سيما ابى تراب! فقال ابونوح: على سيما محمد و اصحابه، و عليك سيما ابى جهل و سيما فرعون! فقام ابوالاعور فسل سيفه، و قال: لاارى هذا الكذاب اللئيم يسبن
ا بين اظهرنا و عليه سيما ابى تراب فقال ذو الكلاع: اقسم بالله لئن بسطت يدك اليه لاحطمن انفك بالسيف، ابن عمى و جارى، عقدت له ذمتى، و جئت به اليكم ليخبركم عما تماريتم فيه.

فقال له عمرو بن العاص: يا ابانوح، اذكرك بالله الا ما صدقتنا و لم تكذبنا، افيكم عمار بن ياسر؟ قال ابونوح: ما انا بمخبرك حتى تخبر: لم تسال عنه و معنا من اصحاب محمد (ص) عده غيره و كلهم جاد على قتالكم؟ فقال عمرو: سمعت رسول الله (ص) يقول: (ان عمارا تقتله الفئه الباغيه، و انه ليس لعمار ان يفارق الحق، و لن تاكل النار من عمار شيئا)، فقال ابونوح: لا اله الا الله، و الله اكبر، و الله انه لفينا جاد على قتالكم! فقال عمرو: الله الذى لا اله الا هو انه لجاد على قتالنا! قال: نعم و الله الذى لا اله الا هو، و لقد حدثنى يوم الجمل انا سنظهر على اهل البصره، و لقد قال لى امس: انكم لو ضربتمونا حتى تبلغوا بنا سعفات هجر، لعلمنا انا على الحق، و انكم على باطل، و لكانت قتلانا فى الجنه و قتلاكم فى النار.

قال عمرو: فهل تستطيع ان تجمع بينى و بينه؟ قال: نعم، فركب عمرو بن العاص و ابناه، و عتبه بن ابى سفيان و ذو الكلاع، و ابوالاعور السلمى، و حوشب، و الوليد بن عقبه و انطلقوا،
و سار ابونوح و معه شرحبيل بن ذى الكلاع يحميه، حتى انتهى الى اصحابه، فذهب ابونوح الى عمار، فوجده قاعدا مع اصحاب له، منهم الاشتر و هاشم و ابنا بديل، و خالد بن معمر، و عبدالله بن حجل، و عبدالله بن العباس.

فقال لهم ابونوح: انه دعانى ذو الكلاع، و هو ذو رحم، فقال: اخبرنى عن عمار ابن ياسر، افيكم هو؟ فقلت: لم تسال؟ فقال: اخبرنى عمرو بن العاص فى امره عمر بن الخطاب انه سمع رسول الله (ص)، يقول: (يلتقى اهل الشام و اهل العراق، و عمار مع اهل الحق، و تقتله الفئه الباغيه)، فقلت: نعم، ان عمارا فينا، فسالنى: اجاد هو على قتالنا؟ فقلت: نعم و الله، انه لاجد منى فى ذلك، و لوددت انكم خلق واحد فذبحته و بدات بك يا ذا الكلاع، فضحك عمار، و قال: ايسرك ذلك؟ قال: نعم، ثم قال ابونوح: اخبرنى الساعه عمرو بن العاص، انه سمع رسول الله (ص) يقول: (تقتل عمارا الفئه الباغيه)، قال عمار: اقررته بذلك؟ قال: نعم، لقد قررته بذلك فاقر، فقال عمار: صدق، و ليضرنه ما سمع و لاينفعه.

/ 614