شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

ثم ان سليمان استعد و حشد و فرق اصحابه، فجعلهم فى ثلاثه اوجه: فرقه اتت من نهر ابان، و فرقه من بر تمرتا، و فرقه من بردودا، فلقيهم ابوالعباس، فلم يلبثوا ان انهزموا، فلحقت طائفه منهم بسوق الخميس، و طائفه بمازروان، و طائفه ببر تمرتا، و سلك آخرون نهر الماذيان، و اعتصم قوم منهم ببردودا، و تبعهم اصحاب ابى العباس، و جعل ابوالعباس قصده القوم الذين سلكوا نهر الماذيان، فلم يرجع عنهم حتى وافى بهم برمساور، ثم انصرف، فجعل يقف على القرى و المسالك و يسال عنها و يتعرفها، و معه الادلاء و ارباب الخبره، حتى عرف جميع تلك الارض و منافذها، و ما ينتهى اليه من البطائح و الاجام و غيرها، و عاد الى معسكره بالعمر، فاقام به اياما مريحا نفسه و اصحابه.

ثم اتاه مخبر فاخبره ان الزنج قد اجتمعوا و استعدوا لكبس عسكره، و انهم على اتيانه من ثلاثه اوجه، و انهم قالوا: ان اباالعباس غلام يغرر بنفسه، و اجمع رايهم على تكمين الكمناء، و المصير اليه من الجهات الثلاث، فحذر ابوالعباس من ذلك و استعد له، و اقبلوا اليه و قد كمنوا زهاء عشره آلاف فى بر تمرت
ا و نحوا من العده فى قس هثا و تقدم منها عشرون سميريه الى عسكر ابى العباس، على ان يخرج اليهم فيهربوا بعد مناوشه يسيره، فيجيزوا اباالعباس و اصحابه الى ان يجاوزوا الكمناء، ثم يخرج الكمين عليهم من ورائهم.

فمنع ابوالعباس اصحابه من اتباعهم لما واقعوهم، و اظهروا الكسره و العود، فعلموا ان كيدهم لم ينفذ فيه، و خرج حينئذ سليمان و الجبائى فى الشذا و السميريات العظيمه، و قد كان ابوالعباس احسن تعبئه اصحابه، فامر اباحمزه نصيرا ان يخرج اليهم فى الشذا و السميريات المرتبه، فخرج اليهم، و نزل ابوالعباس فى شذاه من شذوات قد كان سماها الغزال، و اختار لها جدافين، و اخذ معه محمد بن شعيب الاشتيام، و اختار من خاصه اصحابه و غلمانه جماعه، دفع اليهم الرماح، و امر الخياله بالمسير بازائه على شاطى ء النهر، و قال لهم: لا تدعوا المسير ما امكنكم، الى ان تقطعكم الانهار.

و نشبت الحرب بين الفريقين، فكانت معركه القتال من حد قريه الرمل الى الرصافه، حتى اذن الله فى هزيمه الزنج، فانهزموا، و حاز اصحاب ابى العباس منهم اربع عشره شذاه، و افلت سليمان و الجبائى فى ذلك اليوم بعد ان اشفيا على الهلاك راجلين، و اخذت دوابهما، و مضى جيش الزنج باجمعه، لا ينثنى اح
ذ منهم حتى وافوا طهيثا، و اسلموا ما كان معهم من اثاث و آله و رجع ابوالعباس، فاقام بمعسكره بالعمر، و اصلح ما كان اخذ منهم من الشذا و السفن، و رتب الرجال فيها، و اقام الزنج بعد ذلك عشرين يوما لا يظهر منهم احد.

قال ابوجعفر: ثم ان الجبائى صار بعد ذلك يجى ء فى الطلائع كل ثلاثه ايام و ينصرف، و حفر فى طريق عسكر ابى العباس آبارا، و صير فيها سفافيد حديد، و غشاها بالبوارى، و اخفى مواضعها، و جعلها على سنن مسير الخيل ليتهور فيها المجتازون بها، و جعل بواقى طرف العسكر متعرضا به، لتخرج الخيل طالبه له، فجاء يوما و طلبته الخيل كما كانت تطلبه، فقطر فرس رجل من قواد الفراغنه فى بعض تلك الابار، فوقف اصحاب ابى العباس بما ناله من ذلك على ما كان دبره الجبائى، فحذروا ذلك، و تنكبوا سلوك تلك الطريق.

قال ابوجعفر: و الح الزنج فى مغاداه العسكر فى كل يوم بالحرب، و عسكروا بنهر الامير فى جمع كثير، و كتب سليمان الى الناجم يساله امداده بسميريات.

لكل واحده منهن اربعون مجدافا، فوافاه من ذلك فى مقدار عشرين يوما اربعون سميريه، فيها الرجال و السيوف و التراس و الرماح، فكانت لابى العباس معهم وقعات عظيمه، و فى اكثرها الظفر لاصحابه و الخذلان على الزنج
، و لج ابوالعباس فى دخول الانهار و المضايق، حتى انتهى الى مدينه سليمان بن موسى الشعرانى بنهر الخميس التى بناها و سماها المنيعه، و خاطر ابوالعباس بنفسه مرارا، و سلم بعد ان شارف العطب، و استامن اليه جماعه من قواد الزنج فامنهم، و خلع عليهم و ضمهم الى عسكره، و قتل من قواد الزنج جماعه، و تمادت الايام بينه و بينهم، و اتصل بابى احمد الموفق ان سليمان بن موسى الشعرانى و الجبائى و من بالاعمال الواسطيه من قواد صاحب الزنج، كاتبوا صاحبهم، و سالوه امدادهم بعلى بن ابان المهلبى، و هو المقيم حينئذ باعمال الاهواز، و المستولى عليها، و كان على بن ابان قائد القواد و اميرالامراء فيهم، فكتب الناجم الى على بن ابان يامره بالمصير بجميع من معه الى ناحيه سليمان بن جامع، ليجتمعا على حرب ابى العباس.

فصح عزم ابى احمد على الشخوص الى واسط و حضور الحرب بنفسه، فخرج عن بغداد فى صفر من هذه السنه، و عسكر بالفرك و اقام بها اياما، حتى تلاحق به عسكره، و من اراد المسير معه، و قد اعد آله الماء و رحل من الفرك الى المدائن، ثم الى دير العاقول، ثم الى جرجرايا، ثم قنى، ثم جبل ثم نزل الصلح، ثم نزل على فرسخ من واسط.

و تلقاه ابنه ابوالعباس فى جريده خيل فيها
وجوه قواده، فساله ابوه عن خبرهم، فوصف له بلاءهم و نصحهم، فخلع ابواحمد على ابى العباس، ثم على القواد الذين كانوا معه.

و انصرف ابوالعباس الى معسكره بالعمر فبات به، فلما كان صبيحه الغد، رجل ابواحمد منحدرا فى الماء، و تلقاه ابنه ابوالعباس فى آلات الماء بجميع العسكر فى هيئه الحرب، على الوضع الذى كانوا يحاربون الزنج عليه، فاستحسن ابواحمد هيئتهم، و سر بذلك، و سار ابواحمد حتى نزل بازاء القريه المعروفه بقريه عبدالله، و وضع العطاء، فاعطى الجيش كله ارزاقهم، و قدم ابنه اباالعباس امامه فى السفن، و سار وراءه.

فتلقاه ابوالعباس برووس و اسرى من اصحاب الشعرانى، و كان لقيهم، فامر ابواحمد بالاسرى فضربت اعناقهم، و رحل يريد المدينه التى بناها الشعرانى بسوق الخميس، و سماها المنيعه.

و انما بدا ابواحمد بحرب الشعرانى قبل حرب سليمان بن جامع، لان الشعرانى كان وراءه، فخاف ان بدا بابن جامع، ان ياتيه الشعرانى من ورائه، فيشغله عمن هو امامه، فلما قرب من المدينه، خرج اليه الزنج، فحاربوه حربا ضعيفه، و انهزموا، فعلا اصحاب ابى العباس السور، و وضعوا السيف فيمن لقيهم، و تفرق الزنج، و دخل ابوالعباس المدينه، فقتلوا و اسروا، و حووا ما كان فيها، و اف
لت الشعرانى هاربا و معه خواصه، فاتبعهم اصحاب ابى العباس، حتى وافوا بهم البطائح، فغرق منهم خلق كثير، و لجا الباقون الى الاجام، و انصرف الناس، و قد استنقذ من المسلمات اللواتى كن بايدى الزنج فى هذه المدينه خاصه خمسه آلاف امراه، سوى من ظفر به من الزنجيات.

فامر ابواحمد بحمل النساء اللواتى سباهن الزنج الى واسط، و ان يدفعن الى اوليائهن، و بات ابواحمد بحيال المدينه، ثم باكرها، و اذن للناس فى نهب ما فيها من امتعه الزنج، فدخلت و نهب كل ما كان بها، و امر بهدم سورها، و طم خندقها و احراق ما كان بقى منها، و ظفر فى تلك القرى التى كانت فى يد الشعرانى بما لا يحصى من الارز و الحنطه و الشعير، و قد كان الشعرانى استولى على ذلك كله، و قتل اصحابه، فامر ابواحمد ببيعه و صرف ثمنه فى اعطيات مواليه و غلمانه و جنده.

و اما الشعرانى فانه التحق هو و اخوه بالمذار، و كتب الى الناجم يعرفه ذلك و انه معتصم بالمذار.

قال ابوجعفر: فحدثنى محمد بن الحسن بن سهل، قال: حدثنى محمد بن هشام الكرنبائى المعروف بابى واثله، قال: كنت بين يدى الناجم ذلك اليوم و هو يتحدث، اذ ورد عليه كتاب سليمان بخبر الواقعه و ما نزل به، و انهزامه الى المذار، فما كان الا ان فض ا
لكتاب، و وقعت عينه على ذكر الهزيمه، حتى انحل وكاء بطنه، فنهض لحاجته ثم عاد.

فلما استوى به مجلسه، اخذ الكتاب و تامله، فوقعت عينه على الموضع الذى انهضه اولا، فنهض لحاجته حتى فعل ذلك مرارا، فلم اشك فى عظم المصيبه، و كرهت ان اساله، فلما طال الامر تجاسرت، فقلت: اليس هذا كتاب سليمان بن موسى؟ قال: بلى، ورد بقاصمه الظهر، ذكر ان الذين اناخوا عليه اوقعوا به وقعه لم تبق منه و لم تذر، فكتب كتابه هذا و هو بالمذار، و لم يسلم بشى ء غير نفسه.

قال: فاكبرت ذلك- و الله يعلم ما اخفى من السرور الذى وصل الى قلبى- قال: و صبر على بن محمد على مكروه ما وصل اليه، و جعل يظهر الجلد، و كتب الى سليمان بن جامع يحذره مثل الذى نزل بالشعرانى، و يامره بالتيقظ فى امره و حفظ ما قبله.

قال ابوجعفر: ثم لم يكن لابى احمد بعد ذلك هم الا فى طلب سليمان بن جامع، فاتته طلائعه، فاخبرته انه بالحوانيت، فقدم امامه ابنه اباالعباس فى عشره آلاف، فانتهى الى الحوانيت، فلم يجد سليمان بن جامع، بها و الفى هناك من قواد السودان المشتهرين بالباس و النجده القائدين، المعروف احدهما بشبل، و الاخر بابى الندى، و هما من قدماء اصحاب الناجم الذين كان قودهم فى بدء مخرجه، و كان سل
يمان قد خلف هذين القائدين بالحوانيت، لحفظ غلات كثيره كانوا قد اخذوها، فحاربهما ابوالعباس، فقتل من رجالهما و جرح بالسهام خلقا كثيرا- و كانوا اجلد رجال سليمان بن جامع و نخبتهم الذين يعتمد عليهم- و دامت الحرب بين ابى العباس و بينهم ذلك اليوم الى ان حجز الليل بين الفريقين.

و رمى ابوالعباس فى ذلك اليوم كركيا طائرا، فوقع بين الزنج و السهم فيه، فقالوا: هذا سهم ابى العباس، و اصابهم منه ذعر، و استامن فى هذا اليوم بعضهم الى ابى العباس فساله عن الموضع الذى فيه سليمان بن جامع، فاخبره انه مقيم بمدينته التى بناها بطهيثا فانصرف ابوالعباس حينئذ الى ابيه بحقيقه مقام سليمان، و ان معه هنالك جميع اصحابه الا شبلا و اباالندى، فانهما بالحوانيت لحفظ الغلات التى حووها.

فامر حينئذ ابواحمد اصحابه بالتوجه الى طهيثا، و وضع العطاء، فاعطى عسكره، و شخص مصاعدا الى بردودا، ليخرج منها الى طهيثا، اذ كان لا سبيل له اليها الا بذلك، فظن عسكره انه هارب، و كادوا ينفضون لو لا انهم عرفوا حقيقه الحال، فانتهى الى القريه بالحوذيه، و عقد جسرا على النهر المعروف بمهروذ، و عبر عليه الخيل، و سار الى ان صار بينه و بين مدينه سليمان التى سماها المنصوره بطهيثا مي
لان، فاقام هناك بعسكره، و مطرت السماء مطرا جودا، و اشتد البرد ايام مقامه هنالك، فشغل بالمطر و البرد عن الحرب فلم يحارب، فلما فتر ركب فى نفر من قواده و مواليه لارتياد موضع لمجال الخيل، فانتهى الى قريب من سور تلك المدينه، فتلقاه منهم خلق كثير و خرج عليه كمناء من مواضع شتى، و نشبت الحرب و اشدت، فترجل جماعه من الفرسان، و دافعوا حتى خرجوا عن المضايق التى كانوا اوغلوها، و اسر من غلمان ابى احمد غلام يقال له وصيف العلمدار و عده من قواد زيرك، و قتل فى هذا اليوم احمد بن مهدى الجبائى احد القواد العظماء من الزنج، رماه ابوالعباس بسهم فاصاب احد منخريه حتى خالط دماغه، فخر صريعا، و حمل من المعركه و هو حى فسال ان يحمل الى الناجم، فحمل من هناك الى نهر ابى الخصيب الى مدينه الناجم التى سماها المختاره، فوضع بين يديه، و هو على ما به، فعظمت المصيبه عليه به اذ كان من اعظم اصحابه غناء، و اشدهم تصبرا لا طاعته، فمكث الجبائى يعالج هنالك اياما ثم هلك، فاشتد جزع الناجم عليه، و صار اليه، فولى غسله و تكفينه و الصلاه عليه، و الوقوف على قبره الى ان دفن، ثم اقبل على اصحابه فوعظهم، و ذكر موت الجبائى.

و كانت وفاته فى ليله ذات رعود و بروق.

فقال
فيما ذكر عنه: لقد سمعت وقت قبض روحه زجل الملائكه بالدعاء له، و الترحم عليه.

و انصرف من دفنه منكسرا، عليه الكابه.

قال ابوجعفر: فلما انصرف ابواحمد ذلك اليوم من الوقعه، غاداهم بكره الغد و عبا اصحابه كتائب فرسانا و رجاله، و امر بالشذا و السميريات ان يسار بها معه فى النهر الذى يشق مدينه طهيثا، و هو النهر المعروف بنهر المنذر، و سار نحو الزنج، حتى انتهى الى سور المدينه قريب قواد غلمانه فى المواضع التى يخاف خروج الزنج عليه منها، و قدم الرجاله امام الفرسان، و نزل فصلى اربع ركعات، و ابتهل الى الله تعالى فى النصر و الدعاء للمسلمين، ثم دعا بسلاحه فلبسه، و امر ابنه اباالعباس ان يتقدم الى السور و يحض الغلمان على الحرب ففعل، و قد كان سليمان بن جامع اعد امام سور المدينه التى سماها المنصوره خندقا، فلما انتهى الغلمان اليه تهيبوا عبوره، و احجموا عنه، فحرضهم قوادهم، و ترجلوا معهم فاقتحموه متجاسرين عليه، فعبروه و انتهوا الى الزنج و هم مشرفون من سور مدينتهم، فوضعوا السلاح فيهم، و عبرت شرذمه من الفرسان الخندق خوضا، فلما راى الزنج خبر هولاء الذين لقوهم و جراتهم عليهم، ولوا منهزمين و اتبعهم اصحاب ابى احمد و دخلوا المدينه من جوانبها،
و كان الزنج قد حصنوها بخمسه خنادق، و جعلوا امام كل خندق منها سورا يمتنعون به، فجعلوا يقفون عند كل سور و خندق انتهوا اليه، و اصحاب ابى احمد يكشفونهم فى كل موقف وقفوه، و دخلت الشذا و السميريات مدينتهم مشحونه بالغلمان المقاتله من النهر الذى يشقها بعد انهزامهم، فاغرقت كل ما مرت به لهم من شذاه او سميريه، و اتبعوا من تجافى النهر منهم، يقتلون و ياشرون، حتى اجلوهم عن المدينه و عما يتصل بها، و كان ذلك زهاء فرسخ، فحوى ابواحمد ذلك كله، و افلت سليمان بن جامع فى نفر من اصحابه، و استحر القتل فيهم و الاسر، و استنقذ من نساء اهل واسط و صبيانهم و ما اتصل بذلك من القرى و نواحى الكوفه زهاء عشره آلاف، فامر ابواحمد بحياطتهم و الانفاق عليهم، و حملوا الى واسط فدفعوا الى اهليهم، و احتوى ابواحمد على كل ما كان فى تلك المدينه من الذخائر و الاموال و الاطعمه و المواشى، فكان شيئا جليل القدر، فامر ببيع الغلات و غيرها من العروض، و صرفه فى اعطيات عسكره و مواليه و اسر من نساء سليمان و اولاده عده، و استنقذ يومئذ وصيف العلمدار و من كان اسره الزنج معه، فاخرجوا من الحبس، قد كان الزنج اعجلهم الامر عن قتله و قتلهم، و اقام ابواحمد بطهيثا سبعه عشر يوم
ا، و امر بهدم سور المدينه، و طم خنادقها، ففعل ذلك، و امر بتتبع من لجا منهم الى الاجام، و جعل لكل من اتاه برجل منهم جعلا، فسارع الناس الى طلبهم، فكان اذا اتى بالواحد منهم خلع عليه و احسن اليه، و ضمه الى قواد غلمانه لما دبر من استمالتهم، و صرفهم عن طاعه صاحبهم، و ندب نصيرا صاحب الماء فى شذا و سميريات لطلب سليمان بن جامع و الهاربين معه من الزنج و غيرهم، و امره بالجد فى اتباعهم، حتى يجاوز البطائح، و حتى يلح دجله المعروفه بالعوراء، و تقدم اليه فى فتح السكور التى كان سليمان احدثها ليقطع بها الشذا عن دجله فيما بينه و بين النهر المعروف بابى الخصيب، و تقدم الى زيرك فى المقام بطهيثا فى جمع كثير من العسكر، ليتراجع اليها الذين كان سليمان اجلاهم عنها من اهلها، فلما احكم ما اراد احكامه، تراجع بعسكره مزمعا على التوجه الى الاهواز ليصلحها، و قد كان قدم امامه ابنه اباالعباس، و قد تقدم ذكر على بن ابان المهلبى، و كونه استولى على معظم كور الاهواز، و دوخ جيوش السلطان هناك، و اوقع بهم، و غلب على معظم تلك النواحى و الاعمال.

فلما تراجع ابواحمد وافى بردودا، فاقام بها اياما، و امر باعداد ما يحتاج اليه للمسير على الظهر الى الاهواز، و ق
دم امامه من يصلح الطرق و المنازل، و يعد فيها الميره للجيوش التى معه، و وافاه قبل ان يرحل عن واسط زيرك منصرفا عن طهيثا، بعد ان تراجع الى النواحى التى كان بها الزنج اهلها، و خلفهم آمنين، فامره ابواحمد بالاستعداد و الانحدار فى الشذا و السميريات فى نخبه عسكره و انجادهم، فيصير بهم الى دجله العوراء، فتجتمع يده و يد نصير صاحب الماء على نقض دجله، و اتباع المنهزمين من الزنج و الايقاع بكل من لقوا من اصحاب سليمان الى ان ينتهى بهم المسير الى مدينه الناجم بنهر ابى الخصيب، فان راوا موضع حرب حاربوه فى مدينه، و كتبوا بما يكون منهم الى ابى احمد، ليرد عليهم من امره ما يعملون بحسه.

و استخلف ابواحمد على من خلفه من عسكره بواسط ابنه هارون، و ازمع على الشخوص فى خف من رجاله و اصحابه، ففعل ذلك بعد ان تقدم الى ابنه هارون فى ان يحذر الجيش الذى خلفه معه فى السفن الى مستقره بدجله، اذا وافاه كتابه بذلك، و ارتحل شاخصا من واسط الاهواز و كورها، فنزل باذبين، الى الطيب، الى قرقوب الى وادى السوس، و قد كان عقد له عليه جسر، فاقام به من اول النهار الى وقت الظهر، حتى عبر عسكره اجمع.

ثم سار حتى وافى السوس فنزلها، و قد كان امر مسرورا البلخى و هو عامل
ه على الاهواز بالقدوم، عليه فوافاهم فى جيشه و قواده من غد اليوم الذى نزل فيه السوس فخلع عليه و عليهم، و اقام بالسوس ثلاثا، و كان ممن اسر من الزنج بطهيثا احمد بن موسى بن سعيد البصرى المعروف بالقلوص، و كان قائدا جليلا عندهم، و احد عدد الناجم، و من قدماء اصحابه، اسر بعد ان اثخن جراحات كانت فيها منيته، فامر ابواحمد باحتزاز راسه و نصبه على جسر واسط.

قال ابوجعفر: و اتصل بالناجم خبر هذه الوقعه بطهيثا، و علم ما نيل من اصحابه، فانتقض عليه تدبيره و ضلت حيلته، فحمله الهلع الى ان كتب الى على بن ابان المهلبى، و هو يومئذ مقيم بالاهواز فى زهاء ثلاثين الفا- يامره بترك كل ما كان قبله من الميره و الاثاث، و الاقبال اليه بجميع جيوشه، فوصل الكتاب الى المهلبى، و قد اتاه الخبر باقدام ابى احمد الى الاهواز و كورها، فهو لذلك طائر العقل.

فقرا الكتاب، و هو يحفزه فيه حفزا بالمصير اليه، فترك جميع ما كان قبله، و استخلف عليه محمد بن يحيى بن سعيد الكرنبائى.

فلما شخص المهلبى عنه لم يثبت و لم يقم، لما عنده من الوجل و ترادف الاخبار بوصول ابى احمد اليه، فاخلى ما استخلف عليه، و تبع المهلبى- و بالاهواز يومئذ و نواحيها من اصناف الحبوب و التمر و ال
مواشى شى ء عظيم- فخرجوا عن ذلك كله، و كتب الناجم ايضا الى بهبوذ بن عبدالوهاب القائد- و اليه يومئذ الاعمال التى بين الاهواز و فارس- يامره بالقدوم عليه بعسكره، فترك بهبوذ ما كان قبله من الطعام و التمر و المواشى، فكان ذلك شيئا عظيما، فحوى جمع ذلك ابواحمد، فكان قوه له على الناجم و ضعفا للناجم.

و لما رحل المهلبى عن الاهواز بث اصحابه فى القرى التى بينه و بين مدينه الناجم، فانتهبوها و اجلوا عنها اهلها، و كانوا فى سلمهم، و تخلف خلق كثير ممن كان مع المهلبى من الفرسان و الرجاله عن اللحاق، به و اقاموا بنواحى الاهواز، و كتبوا يسالون ابااحمد الامان لما انتهى عنه اليهم من عفوه عمن ظفر به من اصحاب الناجم، و كان الذى دعا الناجم الى امر المهلبى و بهبوذ بسرعه المصير اليه، خوفه موافاه ابى احمد بجيوشه اليه، على الحاله التى كان الزنج عليها من الوجل و شده الرعب، مع انقطاع المهلبى و بهبوذ فيمن كان معهما عنه.

و لم يكن الامر كما قدر، فان ابااحمد انما كان قاصدا الى الاهواز، فلو اقام المهلبى بالاهواز و بهبوذ بمكانه فى جيوشهما، لكان اقرب الى دفاع جيش ابى احمد عن الاهواز، و احفظ للاموال و الغلات التى تركت بعد ان كانت اليد قابضه عليها.

ق
ال ابوجعفر: و اقام ابواحمد حتى احرز الاموال التى كان المهلبى و بهبوذ و خلفاوهما تركوها، و فتحت السكور التى كان الناجم احدثها فى دجله، و اصلحت له طرقه و مسالكه و رحل ابواحمد عن السوس الى جنديسابور فاقام بها ثلاثا، و قد كانت الاعلاف ضاقت على اهل العسكر، فوجه فى طلبها و حملها، و رحل عن جنديسابور الى تستر، فاقام بها لجبايه الاموال من كور الاهواز، و انفذ الى كل كوره قائدا ليروج بذلك حمل المال، و وجه احمد بن ابى الاصبغ الى محمد بن عبدالله الكردى، صاحب رامهرمز و ما يليها من القلاع و الاعمال، و قد كان مالا المهلبى، و حمل الى الناجم اموالا كثيره، و امره بايناسه و اعلامه ما عليه رايه فى العفو عنه، و التغمد لزلته، و ان يتقدم اليه فى حمل الاموال و المسير الى سوق الاهواز بجميع من معه من الموالى و الغلمان و الجند، ليعرضهم و يامر باعطائهم الارزاق، و ينهضهم معه لحرب الناجم.

ففعل و احضرهم، و عرضوا رجلا رجلا، و اعطوا ثم رحل الى عسكر مكرم، فجعله منزله اياما، ثم رحل منه فوافى الاهواز و هو يرى انه قد تقدمه اليها من الميره ما يحمل عساكره، فلم يكن كذلك و غلظ الامر فى ذلك اليوم و اضطرب الناس اضطرابا شديدا، فاقام ثلاثه ايام ينتظر ورو
د الميره فلم ترد، فساءت احوال الناس، و كاد ذلك يفرق جماعتهم، فبحث عن السبب الموخر لورودها، فوجد الزنج قد كانوا قطعوا قنطره قديمه اعجميه، كانت بين سوق الاهواز و رامهرمز، يقال لها قنطره اربق، فامتنع التجار، و من كان يحمل الميره من الورود، لقطع تلك القنطره، فركب ابواحمد اليها، و هى على فرسخين من سوق الاهواز، فجمع من كان فى العسكر من السودان، و اخذهم بنقل الصخر و الحجاره لاصلاح هذه القنطره، و بذل لهم من اموال الرعيه، فلم يرم حتى اصلحت فى يومه ذلك، و ردت الى ما كانت عليه، فسلكها الناس، و وافت القوافل بالميره، فحيى اهل العسكر، و حسنت احوالهم، و امر بجمع السفن لعقد الجسر على دجيل الاهواز، فجمعت من جميع الكور، و اقام بالاهواز اياما حتى اصلح اصحابه امورهم، و ما احتاجوا اليه من آلاتهم، و حسنت احوال دوابهم، و ذهب عنها ما كان بها من الضر بتاخر الاعلاف، و وافت كتب القوم الذين تخلفوا عن المهلبى، و اقاموا بعده بسوق الاهواز يسالون ابااحمد الامان، فامنهم، فاتاه منهم نحو الف رجل، فاحسن اليهم، و ضمهم الى قواد غلمانه، و اجرى لهم الارزاق، و عقد الجسر على دجيل الاهواز، و رحل بعد ان قدم جيوشه امامه، و عبر دجيلا، فاقام بالموضع المع
روف بقصر المامون ثلاثا، و قد كان قدم ابنه اباالعباس الى نهر المبارك، من فرات البصره، و كتب الى ابنه هارون بالانحدار اليه ليجتمع العساكر هناك، و رحل ابواحمد عن قصر المامون الى قورج العباس، و وافاه احمد بن ابى الاصبغ هنالك بهدايا محمد بن عبدالله الكردى صاحب رامهرمز من دواب و مال.

/ 614