شرح نهج البلاغه نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

اتى رجل عمرو بن عبيدالله، فقال له: ان الاسوارى لم يزل امس يذكرك و يقول: عمرو الضال، فقال له: يا هذا، و الله ما رعيت حق مجالسه الرجل حين نقلت الينا حديثه، و لارعيت حقى حين بلغت عن اخى ما اكرهه.

اعلمه ان الموت يعمنا، و البعث يحشرنا و القيامه تجمعنا، و الله يحكم بيننا.

(حكم الغيبه فى الدين) و اعلم ان العلماء ذكروا فى حد
الغيبه: ان تذكر اخاك بما يكرهه لو بلغه، سواء ذكرت نقصانا فى بدنه، مثل ان تقول: الاقرع، او الاعور، او فى نسبه نحو ان تقول: ابن النبطى و ابن الاسكاف او الزبال او الحائك او خلقه، نحو سيى ء الخلق او بخيل او متكبر، او فى افعاله الدنيئه نحو قولك: كذاب و ظالم و متهاون بالصلاه، او الدنيويه نحو قولك: قليل الادب متهاون بالناس، كثير الكلام، كثير الاكل، او فى ثوبه كقولك: وسخ الثياب، كبير العملمه، طويل الاذيال.

و قد قال قوم: لاغيبه فى امور الدين، لان المغتاب انما ذم ما ذمه الله تعالى، و احتجوا بما روى انه ذكر لرسول الله (ص) امراه و كثره صومها و صلاتها، و لكنها توذى جارتها، فقال: (هى فى النار)، و لم ينكر عليهم غيبتهم اياها.

و روى ان امراه ذكرت عنده (ع) بانها بخيله، فقال: (فما خيرها اذن)! و اكثر العلماء على ان الغيبه فى امور الدين محرمه ايضا، و ادعوا الاجماع على ان من ذكر غيره بما يكرهه فهو مغتاب، سواء اكان فى الدين او فى غيره.

قالوا: و المخالف مسبوق بهذا الاجماع، و قالوا: و قد روى عن النبى (ص) انه قال: (هل تدرون ما الغيبه)؟ قالوا: الله و رسوله اعلم، قال: (ذكرك اخاك بما يكرهه)، فقائل قال: ارايت يا رسول الله، ان كان ذلك فى
اخى؟ قال: (ان كان فيه فقد اغتبته، و ان لم يكن فقد بهته).

قالوا: و روى معاذ بن جبل ان رجلا ذكر عند رسول الله (ص)، فقال قوم: ما اعجزه! فقال (ع): (اغتبتم صاحبكم)، فقالوا: قلنا ما فيه، فقال: (ان قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه).

قالوا: و ما احتج به الزاعمون ان لاغيبه فى الدين، ليس بحجه، لان الصحابه انما ذكرت ذلك فى مجلس رسول الله (ص) لحاجتها الى تعرف الاحكام بالسوال، و لم يكن غرضها التنقص.

و اعلم ان الغيبه ليست مقصوره على اللسان فقط، بل كل ما عرفت به صاحبك نقص اخيك فهو غيبه، فقد يكون ذلك باللسان، و قد يكون بالاشاره و الايماء، و بالمحاكاه، نحو ان تمشى خلف الاعرج متعارجا، و بالكتاب، فان القلم احد اللسانين.

و اذا ذكر المصنف شخصا فى تصنيفه، و هجن كلامه، فهو غيبه.

فاما قوله: (قال قوم كذا)، فليس بغيبه، لانه لم يعين شخصا بعينه.

و كان رسول الله (ص)ى قول: (ما بال اقوام يقولون كذا!)، فكان لايعين، و يكون مقصوده واحدا بعينه.

و اخبث انواع الغيبه غيبه القراء المرائين، و ذلك نحو ان يذكر عندهم انسان، فيقول قائلهم، الحمد لله الذى لم يبلنا بدخول ابواب السلطان، و التبذل فى طلب الحطام، و قصده ان يفهم الغير عيب ذلك الشخص، فتخرج الغيبه فى
مخرج الحمد و الشكر لله تعالى، فيحصل من ذلك غيبه المسلم، و يحصل منه الرياء، و اظهار التعفف عن الغيبه و هو واقع فيها، و كذلك يقول: لقد سائنى ما يذكر به فلان، نسال الله ان يعصمه، و يكون كاذبا فى دعوى انه سائه، و فى اظهار الدعاء له، بل لو قصد الدعاء له لاخفاه فى خلوه عقب صلواته، و لو كان قد سائه لسائه ايضا اظهار ما يكرهه ذلك الانسان.

و اعلم ان الاصغاء الى الغيبه على سبيل التعجب كالغيبه، بل اشد، لانه انما يظهر التعجب ليزيد نشاط المغتاب فى الغيبه، فيندفع فيها حكايه، يستخرج الغيبه منه بذلك، و اذا كان السامع الساكت شريك المغتاب، فما ظنك بالمجتهد فى حصول الغيبه، و الباعث على الاستزاده منها! و قد روى ان ابابكر و عمر ذكرا انسانا عند رسول الله، فقال احدهما: انه لنووم، ثم اخرج رسول الله (ص) خبزا قفارا، فطلبا منه ادما، فقال: قد ائتدمتما، قالا: ما نعلمه، قال: (بلى بما اكلتما من لحم صاحبكما)، فجمعهما فى الاثم، و قد كان احدهما قائلا و الاخر مستمعا، فالمستمع لايخرج من اثم الغيبه الا بان ينكر بلسانه، فان خاف فبقلبه، و ان قدر على القيام او قطع الكلام بكلام آخر لزمه ذلك، فان قال بلسانه: اسكت و هو مريد للغيبه بقلبه، فذلك نفاق، و
لايخرجه عن الاثم الا ان يكرهه بقلبه، و لايكفى ان يشير باليد، اى اكفف، او بالحاجب و العين، فان ذلك استحقار للمذكور، بل ينبغى ان يذب عنه صريحا، فقد قال رسول الله (ص): (من اذل عنده مومن و هو يقدر على ان ينصره فلم ينصره، اذله الله يوم القيامه على رئوس الخلائق).

(فصل فى الاسباب الباعثه على الغيبه) و اعلم ان الاسباب الباعثه على الغيبه على امور: منها شفاء الغيظ، و ذلك ان يجرى من الانسان سبب يغضب به عليه آخر، فاذا هاج غضبه تشفى بذكر مساوئه، و سبق اليها لسانه بالطبع ان لم يكن هناك دين وازع، و قد يمنع تشفى الغيظ عند الغضب، فيحتقن الغضب فى الباطن، فيصير حقدا ثابتا، فيكون سببا دائما لذكر المساوى ء.

و منها موافقه الاقران و مساعدتهم على الكلام، فانهم اذا اجتمعوا ربما اخذوا يتفكهون بذكر الاعراض، فيرى انه لو انكر او قطع المجلس استثقلوه، و نفروا عنه فيساعدهم، و يرى ذلك من حسن المعاشره، و يظن انه مجامله فى الصحبه.

و قد يغضب رفقاوه من امر فيحتاج الى ان يغضب لغضبهم، اظهارا للمساهمه فى السراء و الضراء فيخوض معهم فى ذكر العيوب و المساوى ء.

و منها ان يستشعر من انسان انه سيذمه و يطول لسانه فيه، و يقبح حاله عند بعض الروساء، او ي
شهد عليه بشهاده فيبادره قبل ان يقبح حاله، فيطعن فيه ليسقط اثر شهادته عليه.

و قد يبتدى ء بذكر بعض ما فيه صادقا ليكذب عليه بعد ذلك، فيروج كذبه بالصدق الاول.

و منها ان ينسب الى امر فيريد التبرو منه، فيذكر الذى فعله، و كان من حقه ان يبرى ء نفسه، و لايذكر الذى فعله، لكنه انما يذكر غيره تاكيدا لبرائه نفسه، و كيلا يكون تبروا مبتورا، و ربما يعتذر بان يقول: فلان فعله، و كنت شريكا فى بعض الامر ليبرى ء نفسه بعض البرائه.

و منها المباهاه و حب الرياسه، مثل ان يقول: كلام فلان ركيك، و معرفته بالفن الفلانى ناقصه، و غرضه اظهار فضله عليه.

و منها الحسد و اراده اسقاط قدر من يمدحه الناس بذكر مساوئه، لانه يشق عليه ثناء الناس عليه، و لايجد سبيلا الى سد باب الثناء عليه الا بذكر عيوبه.

و منها اللعب و الهزل و المطايبه و تزجيه الوقت بالضحك و السخريه، فيذكر غيره بما يضحك الحاضرين على سبيل الهزء و المحاكاه.

و اعلم ان الذى يقوى فى نفسى ان الغيبه لاتكون محرمه الا اذا كانت على سبيل القصد الى تنقص الانسان فقط و غض قدره فاما اذا خرجت مخرجا آخر، فليست بحرام، كمن يظلمه القاضى و ياخذ الرشوه على اسقاط حقوقه، فان له ان يذكر حاله للسلطان متظلما من ح
يف الحاكم عليه، اذ لايمكنه استيفاء حقوقه الا بذلك، فقد قال (ص): (مطل الغنى ظلم)، و قال: (لى الواجد يحل عقوبته و عرضه).

و كذلك النهى عن المنكر واجب، و قد يحتاج الانسان الى الاستعانه بالغيره على تغييره و رد القاضى الى منهج الصلاح فلا بد له ان يشرح للغير حال ذلك الانسان المرتكب المنكر، و من ذكر الانسان بلقب مشهور فعرف عن عيبه، كالاعرج و الاعمش المحدثين، لم يكن مغتابا اذا لم يقصد الغض و النقض.

و الصحيح ان المجاهر بالفسق لاغيبه له، كصاحب الماخور و المخنث: و من يدعو الناس الى نفسه ابنه، و كالعشار و المستخرج بالضرب، فان هولاء غير كارهين لما يذكرون به، و ربما تفاخروا بذلك، و قد قال النبى (ص): (من القى جلباب الحياء عن وجهه، فلا غيبه له)، و قال عمر: ليس لفاجر حرمه، و اراد المجاهر بالفسق، دون المستتر.

و قال الصلت بن طريف: قلت للحسن رحمه الله: الرجل الفاجر المعلن بالفجور غير مراقب، هل ذكرى له بما فيه غيبه؟ فقال لا، و لاكرامه له! (طريق التوبه من الغيبه) و اعلم ان التوبه من الغيبه تكفر عقلها، و التوبه منها هى الندم عليها، و العزم على الا يعود، فان لم يكن الشخص المذكور قد بلغته الغيبه، فلا حاجه الى الاستحلال منه، بل لا
يجوز اعلامه بذلك، هكذا قال شيخنا ابوالحسين رحمه الله، لانه لم يولمه فيحتاج الى ان يستوهب منه اثم ذلك الايلام، و فى اعلامه تضييق صدره، و ادخال مشقه عليه، و ان كان الشخص المذكور قد بلغته الغيبه، وجب عليه ان يستحله و يستوهبه، فان كان قد مات سقط بالتوبه عقاب ما يختص بالبارى ء سبحانه من ذلك الوقت، و بقى ما يختص بذلك الميت لايسقط حتى يوخذ العوض له من المذنب يوم القصاص.

/ 614