شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
(ليس له معقول و لا مجلود)، و لم يسمع (مالوه) فى اللغه، لانه قد جاء:
اله الرجل اذا دهش و تحير، و هو فعل لازم لا يبنى منه (مفعول). ثم قال الراوندى:
و فى قول الله تعالى:
(و ان تعدوا نعمه الله لا تحصوها)، بلفظ الافراد، و قول اميرالمومنين (ع):
(لا يحصى نعماءه العادون) بلفظ الجمع سر عجيب، لانه تعالى اراد ان نعمه واحده من نعمه لا يمكن العباد عد وجوه كونها نعمه، و اراد اميرالمومنين (ع) ان اصول نعمه لا تحصى لكثرتها، فكيف تعد وجوه فروع نعمائه! و كذلك فى كون الايه وارده بلفظه (ان) الشرطيه، و كلام اميرالمومنين (ع) على صيغه الخبر، تحته لطيفه عجيبه، لانه سبحانه يريد انكم ان اردتم ان تعدوا نعمه لم تقدروا على حصرها، و على (ع) اخبر انه قد انعم النظر، فعلم ان احدا لا يمكنه حصر نعمه تعالى. و لقائل ان يقول الصحيح ان المفهوم من قوله:
و ان تعدوا نعمه الله الجنس، كما يقول القائل:
انا لا اجحد احسانك الى، و امتنانك على، و لا يقصد بذلك احسانا واحدا، بل جنس الاحسان. و ما ذكره من الفرق بين كلام البارى ء و كلام اميرالمومنين (ع) غير بين، فانه لو قال تعالى:
و ان تعدوا نعم الله، و قال (ع):
و لا يحصى نعمته العادون، لكان كل واحد منهما سادا مسد الاخر. اما اللطيفه الثانيه فغير ظاهره ايضا و لا مليحه، لانه لو ان
عكس الامر، فكان القرآن بصيغه الخبر و كلام على (ع) بصيغه الشرط، لكان مناسبا ايضا، حسب مناسبته، و الحال بعكس ذلك، اللهم الا ان تكون قرينه السجعه من كلام على (ع) تنبو عن لفظه الشرط، و الا فمتى حذفت القرينه السجعيه عن وهمك لم تجد فرقا، و نحن نعوذ بالله من التعسف و التعجرف الداعى الى ارتكاب هذه الدعاوى المنكره. ثم قال الراوندى:
انه لو قال اميرالمومنين (ع):
(الذى لا يعد نعمه الحاسبون) لم تحصل المبالغه التى ارادها بعبارته، لان اشتقاق الحساب من الحسبان، و هو الظن. قال:
و اما اشتقاق العدد فمن العد، و هو الماء الذى له ماده، و الاحصاء:
الاطاقه، احصيته، اى اطقته:
فتقدير الكلام:
لا يطيق عد نعمائه العادون، و معنى ذلك ان مدائحه تعالى لا يشرف على ذكرها الانبياء و المرسلون، لانها اكثر من ان تعدها الملائكه المقربون، و الكرام الكاتبون. و لقائل ان يقول:
اما الحساب فليس مشتقا من الحسبان بمعنى الظن، كما توهمه، بل هو اصل براسه، الا ترى ان احدهما حسبت احسب، و الاخر حسبت احسب و احسب بالفتح و الضم، و هو من الالفاظ الاربعه التى جاءت شاذه. و ايضا فان (حسبت) بمعنى ظننت يتعدى الى مفعولين لا يجوز الاقتصار على احدهما، و (حسبت) من العدد يتع
دى الى مفعول واحد. ثم يقال له: