شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قال: ثم اصحبنا من غد فصفا للحرب، و خرج عثمان بن حنيف اليهما فى اصحابه فناشدهما الله و الاسلام، و اذكرهما بيعتهما عليا (ع)، فقالا: نطلب بدم عثمان، فقال لهما: و ما انتما وذك! اين بنوه؟ اين بنو عمه الذين هم احق به منكم! كلا و الله و لكنكما حسدتماه، حيث اجتمع الناس عليه، و كنتما ترجوان هذا الامر، و تعملان له! و هل كان احد اشد على عثمان قولا منكما! فشتماه شتما قبيحا، و ذكرا امه، فقال للزبير: اما و الله لولا صفيه و مكانها من رسول الله فانها ادنتك الى ال
ظل، و ان الامر بينى و بينك- يابن الصعبه- يعنى طلحه- اعظم من القول، لاعلمتكما من امركما ما يسوئكما.اللهم انى قد اعذرت الى هذين الرجلين! ثم حمل عليهم، و اقتتل الناس قتالا شديدا، ثم تحاجزوا و اصطلحوا على ان يكتب بينهم كتاب صلح فكتب: هذا ما اصطلح عليه عثمان بن حنيف الانصارى و من معه من المومنين من شيعه اميرالمومنين على بن ابى طالب و طلحه و الزبير و من معهما من المومنين و المسلمين من شيعتهما، ان لعثمان بن حنيف دارالاماره و الرحبه و المسجد و بيت المال و المنبر، و ان لطلحه و الزبير و من معهما ان ينزلوا حيث شائوا من البصره، و لايضار بعضهم بعضا فى طريق و لافرضه و لاسوق و لاشرعه و لامرفق، حتى يقدم اميرالمومنين على بن ابى طالب، فان احبوا دخلوا فيما دخلت فيه الامه، و ان احبوا لحق كل قوم بهواهم و ما احبوا من قتال او سلم او خروج او اقامه، و على الفريقين بما كتبوا عهد الله و ميثاقه، و اشد ما اخذه على نبى من انبيائه، من عهد و ذمه.و ختم الكتاب، و رجع عثمان بن حنيف حتى دخل دارالاماره و قال لاصحابه: الحقوا رحمكم الله باهلكم، و ضعوا سلاحكم، و داووا جرحاكم فمكثوا كذلك اياما.ثم ان طلحه و الزبير قالا: ان قدم على و نحن على هذه ا
لحال من القله و الضعف، لياخذن باعناقنا، فاجمعا على مراسله القبائل و استماله العرب، فارسلا الى وجوه الناس و اهل الرياسه و الشرف، يدعوانهم الى الطلب بدم عثمان، و خلع على، و اخراج ابن حنيف من البصره.فبايعهم على ذلك الازد و ضبه و قيس بن عيلان كلها الا الرجل و الرجلين من القبيله، كرهوا امرهم فتواروا عنهم، و ارسلوا الى هلال بن وكيع التميمى فلم ياتهم، فجائه طلحه و الزبير الى داره، فتوارى عنهما، فقالت له امه: ما رايت مثلك! اتاك شيخا قريش فتواريت عنهما! فلم تزل به حتى ظهر لهما، و بايعهما و معه بنوعمرو بن تميم كلهم و بنوحنظله الا بنى يربوع، فان عامتهم كانوا شيعه على (ع)، و بايعهم بنو دارم كلهم الا نفرا من بنى مجاشع ذوى دين و فضل.فلما استوسق لطلحه و الزبير امرهما، خرجا فى ليله مظلمه ذات ريح و مطر، و معهما اصحابهما، قد البسوهم الدروع، و ظاهروا فوقها بالثياب فانتهوا، الى المسجد وقت الصلاه الفجر، و قد سبقهم عثمان بن حنيف اليه، و اقيمت الصلاه، فتقدم عثمان ليصلى بهم، فاخره اصحاب طلحه و الزبير، و قدموا الزبير فجائت السبابجه- و هم الشرط حرس بيت المال- فاخرجوا الزبير، و قدموا عثمان، فغلبهم اصحاب الزبير، فقدموا الزبير و اخروا
عثمان، فلم يزالوا كذلك حتى كادت الشمس تطلع، و صاح بهم اهل المسجد: الا تتقون اصحاب محمد و قد طلعت الشمس! فغلب الزبير فصلى بالناس، فلما انصرف من صلاته، صاح باصحابه المستسلحين: ان خذوا عثمان بن حنيف، فاخذوه بعد ان تضارب هو و مروان بن الحكم بسيفيهما، فلما اسر ضرب ضرب الموت، و نتف حاجباه و اشفار عينيه، و كل شعره فى راسه و وجهه، و اخذوا السبابحه و هم سبعون رجلا، فانطلقوا بهم و بعثمان ابن حنيف الى عائشه، فقالت لابان بن عثمان: اخرج اليه فاضرب عنقه، فان الانصار قتلت اباك، و اعانت على قتله فنادى عثمان: يا عائشه، و يا طلحه، و يا زبير، ان اخى سهل ابن حنيف خليفه على بن ابى طالب على المدينه: و اقسم بالله ان قتلتمونى ليضعن السيف فى بنى ابيكم و اهليكم و رهطكم، فلا يبقى احدا منكم.فكفوا عنه، و خافوا ان يقع سهل بن حنيف بعيالاتهم و اهلهم بالمدينه، فتركوه.و ارسلت عائشه الى الزبير ان اقتل السبابحه، فانه قد بلغنى الذى صنعوا بك.قال: فذبحهم و الله الزبير كما يذبح الغنم، ولى ذلك منهم عبدالله ابنه، و هم سبعون رجلا، و بقيت منهم طائفه مستمسكين ببيت المال.قالوا: لا ندفعه اليكم حتى يقدم اميرالمومنين فسار اليهم الزبير فى جيش ليلا فاوقع
بهم و اخذ منهم خمسين اسيرا فقتلهم صبرا.قال ابومخنف: فحدثنا الصقعب بن زهير، قال: كانت السبابحه القتلى يومئذ اربعمائه رجل، قال: فكان غدر طلحه و الزبير بعثمان بن حنيف اول غدر كان فى الاسلام، و كان السبابجه اول قوم ضربت اعناقهم من المسلمين صبرا.قال: و خيروا عثمان ابن حنيف بين ان يقيم او يلحق بعلى، فاختار الرحيل، فخلوا سبيله، فلحق بعلى (ع)، فلما رآه بكى، و قال له: فارقتك شيخا، و جئتك امرد، فقال على: انا لله و انا اليه راجعون! قالها ثلاثا.