شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
قلت: السبابجه لفظه معربه، قد ذكرها الجوهرى فى كتاب "الصحاح" قال: هم قوم من السند، كانوا بالبصره جلاوزه و حراس السجن، و الهاء للعجمه و النسب، قال يزيد بن مفرغ الحميرى: و طماطيم من سبابيج خزر يلبسونى مع الصباح القيودا قال: فلما بلغ حكيم بن جبله ما صنع القوم بعثمان بن حنيف، خرج فى ثلاثمائه من عبدالقيس مخالفا لهم و منابذا، فخرجوا اليه، و حملوا عائشه على جمل، فسمى ذلك اليوم يوم الجمل الاصغر، و يوم على يوم الجمل الاكبر.و تجالد الفريقان بالسيوف، فشد رجل من الازد من عسكر عائشه على حكيم بن جبله، فضرب رجله فقطعها، و وقع الازدى عن فرسه، فجثا حكيم، فاخذ رجله فرمى بها الازدى، فصرعه، ث
م دب اليه فقتله متكئا عليه، خانقا له حتى زهقت نفسه، فمر بحكيم انسان و هو يجود بنفسه، فقال: من فعل بك؟ قال: وسادى، فنظر فاذا الازدى تحته، و كان حكيم شجاعا مذكورا.قال: و قتل مع حكيم اخوه له ثلاثه، و قتل اصحابه كلهم، و هم ثلاثمائه من عبدالقيس، و القليل منهم من بكر بن وائل، فلما صفت البصره لطلحه و الزبير بعد قتل حكيم و اصحابه و طرد ابن حنيف عنهما اختلفا فى الصلاه، و اراد كل منهما ان يوم بالناس، و خاف ان تكون صلاته خلف صاحبه تسليما له و رضا بتقدمه، فاصلحت بينهما عائشه، بان جعلت عبدالله بن الزبير و محمد بن طلحه يصليان بالناس، هذا يوما و هذا يوما.قال ابومخنف: ثم دخلا بيت المال بالبصره، فلما راوا ما فيه من الاموال، قال الزبير: (وعدكم الله مغانم كثيره تاخذونها، فعجل لكم هذه)، فنحن احق بها من اهل البصره، فاخذا ذلك المال كله، فلما غلب على (ع) رد تلك الاموال الى بيت المال، و قسمها فى المسلمين.و قد ذكرنا فيما تقدم كيفيه الوقعه، و مقتل الزبير فارا عن الحرب خوفا او توبه- و نحن نقول: انها توبه- و ذكرنا مقتل طلحه و الاستيلاء على ام المومنين و احسان على (ع) اليها و الى من اسر فى الحرب، او ظفر به بعدها.منافره بين ولدى عل
ى و طلحه كان القاسم بن محمد بن يحيى بن طلحه بن عبيدالله التيمى- يلقب ابابعره، ولى شرطه الكوفه لعيسى بن موسى بن محمد بن على بن عبدالله بن العباس- كلم اسماعيل ابن جعفر بن محمد الصادق (ع) بكلام خرجا فيه الى المنافره، فقال القاسم بن محمد: لم يزل فضلنا و احساننا سابغا عليكم يا بنى هاشم و على بنى عبدمناف كافه، فقال اسماعيل: اى فضل و احسان اسديتموه الى بنى عبدمناف؟ اغضب ابوك جدى بقوله: ليموتن محمد و لنجولن بين خلاخيل نسائه.كما جال بين خلاخيل نسائنا.فانزل الله تعالى مراغمه لابيك: (و ما كان لكم ان توذوا رسول الله و لا ان تنكحوا ازواجه من بعده ابدا) و منع ابن عمك امى حقها من فدك و غيرها من ميراث ابيها، و اجلب ابوك على عثمان و حصره حتى قتل، و نكث بيعه على و شام السيف فى وجهه، و افسد قلوب المسلمين عليه، فان كان لبنى عبد مناف قوم غير هولاء اسديتم اليهم احسانا، فعرفنى من هم جعلت فداك! منافره عبدالله بن الزبير و عبدالله بن العباس و تزوج عبدالله بن الزبير ام عمرو ابنه منظور بن زبان الفزاريه، فلما دخل بها قال لها تلك الليله: اتدرين من معك فى حجلتك؟ قالت: نعم، عبدالله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن اسد بن عبدالعزى.ق
ال: ليس غير هذا! قالت: فما الذى تريد؟ قال: معك من اصبح فى قريش بمنزله الراس من الجسد، لا بل بمنزله العينين من الراس.قالت: اما و الله لو ان بعض بنى عبدمناف حضرك لقال لك خلاف قولك.فغضب، و قال: الطعام و الشراب على حرام حتى احضرك الهاشميين و غيرهم من بنى عبدمناف، فلا يستطيعون لذلك انكارا.قالت: ان اطعتنى لم تفعل و انت اعلم و شانك.فخرج الى المسجد فراى حلقه فيها قوم من قريش، منهم عبدالله بن العباس و عبدالله بن الحصين بن الحارث بن عبدالمطلب بن عبدمناف، فقال لهم ابن الزبير: احب ان تنطلقوا معى الى منزلى، فقام القوم باجمعهم حتى وقفوا على باب بيته، فقال ابن الزبير: يا هذه اطرحى عليك سترك، فلما اخذوا مجالسهم دعا بالمائده، فتغذى القوم، فلما فرغوا قال لهم: انما جمعتكم لحديث ردته على صاحبه الستر، و زعمت انه لو كان بعض بنى عبدمناف حضرنى لما اقر لى بما قلت، و قد حضرتم جميعا.و انت يابن عباس، ما تقول؟ انى اخبرتها ان معها فى خدرها من اصبح فى قريش بمنزله الراس من الجسد، بل بمنزله العينين من الراس! فردت على مقالتى، فقال ابن عباس: اراك قصدت قصدى، فان شئت ان اقول قلت، و ان شئت ان اكف كففت، قال: بل قل، و ما عسى ان تقول! الست تعل
م انى ابن الزبير حوارى رسول (ص)، و ان امى اسماء بنت ابى بكر الصديق ذات النطاقين، و ان عمتى خديجه سيده نساء العالمين، و ان صفيه عمه رسول الله (ص) جدتى، و ان عائشه ام المومنين خالتى! فهل تستطيع لهذا انكارا! قال ابن عباس: لقد ذكرت شرفا شريفا، و فخرا فاخرا، غير انك تفاخر من بفخره فخرت، و بفضله سموت.قال: و كيف ذلك؟ قال: لانك لم تذكر فخرا الا برسول (ص)، و انا اولى بالفخر به منك.قال ابن الزبير: لو شئت لفخرت عليك بما كان قبل النبوه، قال ابن عباس: قد انصف القاره من راماها نشدتكم الله ايها الحاضرون! عبدالمطلب اشرف ام خويلد فى قريش؟ قالوا: عبدالمطلب، قال: افهاشم كان اشرف فيها ام اسد؟ قالوا: بل هاشم قال: افعبد مناف اشرف ام عبدالعزى؟ قالوا: عبدمناف، فقال ابن عباس: تنافرنى يابن الزبير و قد قضى عليك رسول الله لو لاقول هازل و لو غيرنا يابن الزبير فخرته و لكنما ساميت شمس الاصائل قضى لنا رسول الله (ص) بالفضل فى قوله: (ما افترقت فرقتان الا كنت فى خيرهما) فقد فارقناك من بعد قصى بن كلاب، افنحن فى فرقه الخير ام لا؟ ان قلت: نعم خصمت، و ان قلت لاكفرت! فضحك بعض القوم، فقال ابن الزبير: اما و الله لو لاتحرمك بطعامنا يابن ع
باس لاعرقت جبينك قبل ان تقوم من مجلسك، قال ابن عباس: و لم؟ ابباطل فالباطل لايغلب الحق، ام بحق؟ فالحق لايخشى من الباطل! فقالت المراه من وراء الستر: انى و الله لقد نهيته عن هذا المجلس، فابى الا ما ترون.فقال ابن عباس: مه ايتها المراه! اقنعى ببعلك، فما اعظم الخطر، و ما اكرم الخبر! فاخذ القوم بيد ابن عباس- و كان قد عمى- فقالوا: انهض ايها الرجل فقد افحمته غير مره، فنهض و قال: الا يا قومنا ارتحلوا و سيروا فلو ترك القطا لغفا و ناما فقال ابن الزبير: يا صاحب القطا، اقبل على، فما كنت لتدعنى حتى اقول، و ايم الله لقد عرف الاقوام انى سابق غير مسبوق و ابن حوارى و صديق، متبجح فى الشرف الانيق، خير من طليق.فقال ابن عباس: دسعت بجرتك فلم تبق شيئا؟ هذا الكلام مردود، من امرى ء حسود، فان كنت سابقا فالى من سبقت؟ و ان كنت فاخرا فبمن فخرت؟ فان كنت ادركت هذا الفخر باسرتك دون اسرتنا، فالفخر لك علينا، و ان كنت انما ادركته باسرتنا فالفخر لنا عليك، و الكثكث فى فمك و يديك و اما ما ذكرت من الطليق، فوالله لقد ابتلى فصبر، و انعم عليه فشكر، و ان كان و الله لوفيا كريما غير ناقض بيعه بعد توكيدها، و لا مسلم كتيبه بعد التامر عليها.فقال ابن
الزبير: اتعير الزبير بالجبن، و الله انك لتعلم منه خلاف ذلك! قال ابن عباس: و الله انى لااعلم الا انه فر و ما كر، و حارب فما صبر، و بايع فما تمم، و قطع الرحم، و انكر الفضل، و رام ما ليس له باهل.و ادرك منها بعض ما كان يرتجى و قصر عن جرى الكرام و بلدا و ما كان الا كالهجين امامه عناق فجاراه العناق فاجهدا فقال ابن الزبير: لم يبق يا بنى هاشم غير المشاتمه و المضاربه.فقال عبدالله بن الحصين بن الحارث: اقمناه عنك يابن الزبير، و تابى الا منازعته! و الله لو نازعته من ساعتك الى انقضاء عمرك ما كنت الا كالسغب الظمان، يفتح فاه يستزيد من الريح، فلا يشبع من سغب، و لايروى من عطش، فقل ان شئت، او فدع.و انصرف القوم.