شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

فالمعتزل عن الناس فى بيته لايبتلى بمثل هذه الفتن: فان من شاهد زينه الدنيا، اما ان يقوى دينه و يقينه فيصبر فيحتاج الى ان يتجرع مراره الصبر، و هو امر من الصبر او تنبعث رغبته فيحتال فى طلب الدنيا فيهلك دنيا و آخره، اما فى الدنيا فبالطمع الذى فى اكثر الاوقات يتضمن الذل المعجل، و اما فى الاخره فلايثاره متاع الدنيا على ذكر الله، و التقرب اليه، و لذلك قال الشاعر: اذا كان باب الذل من جانب الغنى سموت الى العلياء من جانب الفقر اشار الى ان الطمع يوجب فى الحال ذلا.

و منها ا
لخلاص من مشاهده الثقلاء و الحمقى و معاناه اخلاقهم، فان رويه الثقيل هى العمى الاصغر، قيل للاعمش: بم عمشت عيناك؟ قال: بالنظر الى الثقلاء.

و دخل على ابى حنيفه رحمه الله، فقال له: روينا فى الخبر ان من سلب كريمتيه عوضه الله ما هو خير منهما، فما الذى عوضك؟ قال: كفانى رويه ثقيل مثلك يمازحه.

و قال الشافعى رحمه الله: ما جالست ثقيلا الا وجدت الجانب الذى يليه من بدنى كانه اثقل على من الجانب الاخر.

و هذه المقاصد و ان كان بعضها دنيويا، الا انها تضرب فى الدين بنصيب، و ذلك لان من تاذى برويه ثقيل لم يلبث ان يغتابه و يثلبه، و ذلك فساد فى الدين، و فى العزله السلامه عن جميع ذلك.

و اعلم ان كلام اميرالمومنين (ع) تختلف مناهجه، فقد رجح العزله فى هذا الفصل على المخالطه، و نهى عن العزله فى موضع آخر سياتى ذكره فى الفصل الذى اوله، (انه دخل على العلاء، بن زياد الحارثى عائدا)، و يجب ان يحمل ذلك على ان من الناس من العزله خير له من المخالطه، و منهم من هو بالضد من ذلك، و قد قال الشافعى قريبا من ذلك، قال ليونس بن عبدالاعلى صاحبه: يا يونس، الانقباض عن الناس مكسبه للعداوه، و الانبساط اليهم مجلبه لقرناء السوء، فكن بين المنقبض و المنبسط.

فاذا ا
ردت العزله فينبغى للمعتزل ان ينوى بعزلته كف شره عن الناس اولا، ثم طلب السلامه من شر الاشرار ثانيا، ثم الخلاص من آفه القصور عن القيام بحقوق المسلمين ثالثا، ثم التجرد بكنه الهمه بعباده الله تعالى رابعا، فهذه آداب نيته.

ثم ليكن فى خلوته مواظبا على العلم و العمل، و الذكر و الفكر، ليجتنى ثمره العزله.

و يجب ان يمنع الناس عن ان يكثروا غشيانه و زيارته، فيتشوش وقته، و ان يكف نفسه عن السوال عن اخبارهم و احوالهم، و عن الاصغاء الى اراجيف الناس و ما الناس مشغولون به، فان كل ذلك ينغرس فى القلب حتى ينبعث على الخاطر و البال وقت الصلاه و وقت الحاجه الى احضار القلب، فان وقوع الاخبار فى السمع كوقوع البذر فى الارض، لابد ان ينبت و تتفرع عروقه و اغصانه، و احدى مهمات المعتزل قطع الوساوس الصارفه عن ذكر الله، و لاريب ان الاخبار ينابيع الوساوس و اصولها.

و يجب ان يقنع باليسير من المعيشه، و الا اضطره التوسع الى الناس، و احتاج الى مخالطتهم.

و ليكن صبورا على ما يلقاه من اذى الجيران اذ يسد سمعه عن الاصغاء الى ما يقول فيه من اثنى عليه بالعزله، و قدح فيه بترك المخالطه، فان ذلك لابد ان يوثر فى القلب، و لو مده يسيره، و حال اشتغال القلب به لاب
د ان يكون واقفا عن سيره فى طريق الاخره، فان السير فيها اما يكون بالمواظبه على ورد او ذكر مع حضور قلب، و اما بالفكر فى جلال الله و صفاته و افعاله و ملكوت سماواته، و اما بالتامل فى دقائق الاعمال و مفسدات القلب و طلب طرق التخلص منها، و كل ذلك يستدعى الفراغ، و لاريب ان الاصغاء الى ما ذكرناه يشوش القلب.

و يجب ان يكون للمعتزل اهل صالح او جليس صالح، لتستريح نفسه اليه ساعه عن كد المواظبه، ففى ذلك عون له على بقيه الساعات.

و ليس يتم للانسان الصبر على العزله الابقطع الطمع عن الدنيا، و ما الناس منهمكون فيه، و لاينقطع طمعه الا بقصر الامل، و الا يقدر لنفسه عمرا طويلا، بل يصبح على انه لايمسى، و يمسى على انه لايصبح، فيسهل عليه صبر يوم، و لا يسهل عليه العزم على صبر عشرين سنه لو قدر تراخى اجله، و ليكن كثير الذكر للموت و وحده القبر، مهما ضاق قلبه من الوحده، و ليتحقق ان من لم يحصل فى قلبه من ذكر الله و معرفته ما يانس به، فانه لايطيق وحشه الوحده بعد الموت، و ان من انس بذكر الله و معرفته فان الموت لايزيل انسه، لان الموت ليس يهدم محل الانس و المعرفه، بل يبقى حيا بمعرفته و انسه فرحا بفضل الله عليه، قال سبحانه: (و لا تحسبن الذين قتلو
ا فى سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله).

و كل من يجرد نفسه فى ذات الله فهو شهيد مهما ادركه الموت، فالمجاهد من جاهد نفسه و هواه كما صرح به (ع)، و قال لاصحابه: (رجعنا من الجهاد الاصغر الى الجهاد الاكبر)، فالجهاد الاصغر محاربه المشركين، و الجهاد الاكبر جهاد النفس.

و هذا الفصل فى العزله نقلناه على طوله من كلام ابى حامد الغزالى فى احياء علوم الدين و هذبنا منه ما اقتضت الحال تهذيبه.

/ 614