شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
(و نصب اعينهم) منصوب على الظرفيه، و روى بالرفع، على انه خبر ان، و الظن هاهنا يمكن ان يكون على حقيقته، و يمكن ان يكون بمعنى العلم، كقوله تعالى (الا يظن اولئك انهم مبعوثون).و اصغى الى الكلام: مال اليه بسمعه.و زفير النار: صوتها.و قد جاء فى فضل قرائه القرآن شى ء كثير، روى عن النبى (ص) انه قال: (من قرا القرآن ثم راى ان احدا اوتى افضل مما اوتى فقد استصغر ما عظمه الله).و قال (ص): (لو كان القرآن فى اهاب ما مسته النار).و قال: (افضل عباده امتى قرائه القرآن).و قال: (اهل القرآن اهل الله و خاصته).و قال: (ان هذه القلوب تصدا كما يصدا ال
حديد)، قيل: فما جلاوها؟ قال: (تلاوه القرآن و ذكر الموت).و قال (ع): (ان الله سبحانه لاشد اذنا الى قارى ء القرآن من صاحب القينه الى قينته).و قال الحسن رحمه الله: ما دون القرآن من غنى، و لا بعد القرآن من فاقه.ثم ذكر (ع) صوره صلاتهم و ركوعهم، فقال: (حانون على اوساطهم)، حنيت العود: عطفته، يصف هيئه ركوعهم و انحنائهم فى الصلاه.مفترشون لجباههم: باسطون لها على الارض.ثم ذكر الاعضاء السبعه التى مباشرتها بالارض فروض فى الصلاه، و هى: الجبهه، و الكفان، و الركبتان، و المقدمان.قوله (ع): (يطلبون الى الله)، اى يسالونه، يقال: طلبت اليك فى كذا، اى سالتك، و الكلام على الحقيقه، مقدر فيه حال محذوفه يتعلق بها حرف الجر، اى يطلبون سائلين الى الله فى فكاك رقابهم، لان (طلب) لايتعدى بحرف الجر.ثم لما فرغ من ذكر الليل، قال: (و اما النهار فحلماء، علماء، ابرار اتقياء) هذه الصفات هى التى يطلع عليها الناظرون لهم نهارا، و تلك الصفات المتقدمه من وظائف الليل.ثم ذكر ما هم عليه من الخوف، فقال (ع): (ان خوفهم قد براهم برى القداح)، و هى السهام، واحدها قدح، فينظر اليهم الناظر فيحسبهم مرضى و ما بهم من مرض، نظير هذا قول الشاعر: و مخرق عنه القمي
ص تخاله بين البيوت من الحياء سقيما حتى اذا رفع اللواء رايته تحت اللواء على الخميس زعيما و يقال للمتقين لشده خوفهم: كانهم مرضى، و لا مرض بهم.و تقول العرب للكرام من الناس، القليلى الماكل و المشرب، رافضى اللباس الرفيع، ذوى الاجسام النحيفه: مراض من غير مرض، و يقولون ايضا للمراه ذات الطرف الغضيض الفاتر، ذات الكسل: مريضه من غير مرض، قال الشاعر: ضعيفه كر الطرف تحسب انها حديثه عهد بالافافه من سقم (ذكر الخوف و ما ورد فيه من الاثار) و اعلم ان الخوف مقام جليل من مقامات العارفين، و هو احد الاركان التى هى اصول هذا الفن، و هو التقوى التى حث الله تعالى عليها، و قال: ان اكرم الناس عنده اشدهم خوفا له و فى هذه الايه وحدها كفايه، و اذا نظرت القرآن العزيز وجدت اكثره ذكر المتقين، و هم الخائفون، و قال النبى (ص): (من خاف الله خافه كل شى ء، و من خاف غير الله خوفه الله من كل شى ء).و قال (ع): (اتمكم عقلا اشدكم لله خوفا، و احسنكم فيما امر به و نهى عنه نظرا).و قال يحيى بن معاذ: مسكين ابن آدم، لو خاف النار كما يخاف الفقر، دخل الجنه.و قال ذو النون المصرى: ينبغى ان يكون الخوف اغلب من الرجاء، فان الرجاء اذا غلب تشوش القلب
.و قيل لبعض الصالحين: من آمن الخلق غدا؟ قال: اشدهم خوفا اليوم.و قيل للحسن: يا اباسعيد، كيف نصنع بمجالسه اقوام من اصحابك، يخوفوننا حتى تكاد قلوبنا تطير؟ فقال: انك و الله لان تصحب قوما يخوفونك حتى تدرك الامن، خير لك من ان تصحب قوما يومنونك حتى يدركك الخوف.و قيل للنبى (ص) فى قوله تعالى: (و الذين يوتون ما آتوا و قلوبهم و جله): هم الذين يعصون و يخافون المعصيه؟ قال: (لا، بل الرجل يصوم، و يتصدق، و يخاف الا يقبل منه).و قال (ص): (ما من قطره احب الى الله تعالى من قطره دمع من خشيه الله، او قطره دم اريقت فى سبيل الله).و قال (ع): (سبعه يظلهم الله بظله يوم لا ظل الا ظله)، و ذكر منهم رجلا ذكر الله فى خلوه، ففاضت عيناه.قوله (ع): (و يقول قد خولطوا) اى اصابتهم جنه.ثم قال: (و لقد خالطهم امر عظيم)، اى مازجهم خوف عظيم تولهوا لاجله، فصاروا كالمجانين.ثم ذكر انهم لايستكثرون فى كثير من اعمالهم، و لايرضيهم اجتهادهم، و انهم يتهمون انفسهم، و ينسبونها الى التقصير فى العباده، و الى هذا نظر المتنبى، فقال: يستصغر الخطر الكبير لنفسه و يظن دجله ليس تكفى شاربا قال: (و من اعمالهم مشفقون)، اى مشفقون من عباداتهم الا تقبل، و الى هذا ن
ظر ابوتمام فقال: يتجنب الاثام ثم يخافها فكانما حسناته آثام و مثل قوله: (انا اعلم بنفسى من غيرى).قوله (ع) لمن زكاه نفاقا: (انا دون ما تقول، و فوق ما فى نفسك).و قوله: (اللهم لاتوخذانى بما يقولون...) الى آخر الكلام مفرد مستقل بنفسه منقول عنه (ع)، انه قال لقوم مر عليهم و هم مختلفون فى امره، فمنهم الحامد له، و منهم الذام، فقال: اللهم لا تواخذنى...) الكلمات الى آخرها، و معناه: اللهم ان كان ما ينسبه الذامون الى من الافعال الموجبه الذم حقا، فلا تواخذنى بذلك، و اغفرلى ما لايعلمونه من افعالى، و ان كان ما يقوله الحامدون حقا، فاجعلنى افضل مما يظنونه فى.