شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
و يقال: ان عي
سى (ع) مر بثلاثه نفر قد نحلت ابدانهم، و تغيرت الوانهم، فقال: ما الذى بلغ بكم ما ارى؟ قالوا: الخوف من النار، قال: حق على الله ان يومن من يخافه، ثم جاوزهم الى ثلاثه آخرين، فاذا هم اشد نحولا و تغيرا، فقال: ما الذى بلغ بكم ما ارى؟ قالوا: الشوق الى الجنه، فقال: حق على الله ان يعطى من رجاه.ثم مر الى ثلاثه آخرين، فاذا هم اشد نحولا، و على وجوههم، مثل المرائى من النور، فقال: ما الذى بلغ بكم ما ارى؟ قالوا: حب الله عز و جل، فقال: انتم المقربون، ثلاثا.و قال بعض العارفين: احبك حبين: حب الهوى و حبا لانك اهل لذاكا فاما الذى هو حب الهوى فشغلى بذكرك عمن سواكا و اما الذى انت اهل له فكشفك لى الحجب حتى اراكا فلا الحمد من ذا و لا ذاك لى و لكن لك الحمد فى ذا و ذاكا ليس يريد بكشف الحجب و الرويه ما يظنه الظاهريون من انها الابصار بالعين، بل المعرفه التامه، و ذلك لان المعارف النظريه يصح ان تصير ضروريه عند جمهور اصحابنا، فهذا احد محملى الكلام.و ثانيهما: ان يريد بما لايزول، نعيم الجنه، و هذا ادون المقامين، لان الخلص من العارفين يحبونه و يعشقونه سبحانه لذاته، لاخوفا من النار، و لا شوقا الى الجنه، و قد قال بعضهم: لست ا
رضى لنفسى ان اكون كاجير السوء، ان دفعت اليه الاجره رضى و فرح، و ان منعها سخط و حزن، انما احبه لذاته.و قال بعض شعرائهم شعرا من جملته: فهجره اعظم من ناره و وصله اطيب من جنته و قد جاء فى كلام اميرالمومنين (ع)، من هذا الكثير، نحو قوله: (لم اعبده خوفا و لا طمعا، لكنى وجدته اهلا للعباده فعبدته).قوله (ع): (يمزج الحلم بالعلم) اى لايحلم الا عن علم بفضل الحلم ليس كما يحلم الجاهلون.قوله: (و القول بالعمل) اى لايقتصر على القول، و مثل هذا قول الاحوص: و اراك تفعل ما تقول و بعضهم مذق اللسان يقول ما لايفعل قوله (ع): (تراه قريبا امله)، اى ليست نفسه متعلقه بما عظم من آمال الدنيا، و انما قصارى امره ان يومل القوت و الملبس.قليلا زلله: اى خطوه.قوله: (منزورا اكله)، اى قليلا، و يحمد من الانسان الاكل النزر، قال اعشى باهله: تكفيه حزه فلذ ان الم بها من الشواء و يكفى شربه الغمر و قال متمم بن نويره: لقد كفن المنهال تحت ردائه فتى غير مبطان العشيات اروعا قوله (ع): (مكظوما غيظه) كظم الغيظ من الاخلاق الشريفه، قال زيد بن على (ع): (ما سرنى بجرعه غيظ اتجرعها و اصبر عليها حمر النعم).و جاء رجل الى الربيع بن زياد الحارثى، فقا
ل: يا اباعبدالرحمن، ان فلانا يغتابك و ينال منك، فقال: و الله لاغيظن من امره بذلك، قال الرجل: و من امره؟ قال: الشيطان عدو الله، استغواه ليوثمه، و اراد ان يغضبنى عليه فاكافئه، و الله لا اعطيه ما احب من ذلك.غفر الله لنا و له.و جهل انسان على عمر بن عبدالعزيز، فقال: اظنك اردت ان يستفزنى الشيطان بعز السلطان، فانال منك اليوم ما تناله منى غدا! انصرف عافاك الله.و قال النبى (ص): (الغضب يفسد الايمان، كما يفسد الصبر العسل).و قال انسان لرسول الله (ص): اوصنى، فقال: (لاتغضب)، فاعاد عليه السوال، فقال: (لاتغضب) فقال: زدنى، فقال: (لا اجد مزيدا).و من كلام بعض الحكماء لايفى عز الغضب بذله الاعتذار.قوله: (ان كان فى الغافلين) معناه انه لايزال ذاكر الله تعالى، سواء كان جالسا مع الغافلين او مع الذاكرين، اما اذا كان مع الغافلين فانه يذكر الله بقلبه، و اما اذا كان مع الذاكرين فانه يذكر بقلبه و لسانه.قوله (ع): (يعفو عمن ظلمه، و يعطى من حرمه، و يصل من قطعه)، من كلام المسيح (ع) فى الانجيل: (احبوا اعدائكم، و صلوا قاطعيكم، و اعفوا عن ظالميكم، و باركوا على لاعينكم، لكى تكونوا ابناء ابيكم الذى فى السماء، الذى تشرق شمسه على الصالحين و
الفجره، و ينزل مطره على المطيعين و الاثمه).قوله (ع): (بعيدا فحشه)، ليس يعنى به انه قد يفحش تاره، و يترك الفحش تارات، بل لافحش له اصلا، فكنى عن العدم بالبعد، لانه قريب منه.