شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
فقد بان لك حسن راى عمر فى منع المهاجرين و اهل السابقه من قريش من مخالطه الناس و الخروج من المدينه، و بان لك ان عثمان ارخى لهم فى الطول، فخالطهم الناس، و افسدوهم، و حببوا اليهم الملك و الامره و الرئاسه، لا س
يما مع الثروه العظيمه التى حصلت لهم، و الثراء مفسده و اى مفسده! و حصل لطلحه و الزبير من ذلك ما لم يحصل لغيرهما ثروه و يسارا، و قدما فى الاسلام، و صار لهما لفيف عظيم من المسلمين يمنونهما الخلافه، و يحسنون لهما طلب الامره، لا سيما و قد رشحهما عمر لها، و اقامهما مقام نفسه فى تحملها، و اى امرى ء منى بها قط نفسه ففارقها حتى يغيب فى اللحد! و لا سيما طلحه، قد كان يحدث بها نفسه و ابوبكر حى، و يروم ان يجعلها فيه، بشبهه انه ابن عمه، و سخط خلافه عمر، و قال لابى بكر: ما تقول لربك و قد وليت علينا فظا غليظا، و كان له فى ايام عمر قوم يجلسون اليه، و يحادثونه سرا فى معنى الخلافه، و يقولون له: لو مات عمر لبايعناك بغته، جلب الدهر علينا ما جلب! و بلغ ذلك عمر، فخطب الناس بالكلام المشهور، ان قوما يقولون: ان بيعه ابى بكر كانت فلته، و انه لو مات عمر لفعلنا و فعلنا، اما ان بيعه ابى بكر كانت فلته، الا ان الله وقى شرها، و ليس فيكم من تقطع اليه الرقاب كابى بكر، فاى امرى ء بايع امرا من غير مشوره من المسلمين، فانهما بغره ان يقتلا، فلما صارت الى عثمان سخطها طلحه بعد ان كان رضيها، و اظهر ما فى نفسه، و الب عليه حتى قتل، و لم يشك ان الامر له،
فلما صارت الى على (ع)، حدث منه ما حدث، و آخر الدواء الكى.و اما الزبير فلم يكن الا علوى الراى، شديد الولاء، جاريا من الرجل مجرى نفسه.و يقال: انه (ع) لما استنجد بالمسلمين عقيب يوم السقيفه و ما جرى فيه، و كان يحمل فاطمه (ع) ليلا على حمار، و ابناها بين يدى الحمار، و هو (ع) يسوقه فيطرق بيوت الانصار و غيرهم، و يسالهم النصره و المعونه، اجابه اربعون رجلا، فبايعهم على الموت، و امرهم ان يصبحوا بكره محلقى رئوسهم و معهم سلاحهم، فاصبح لم يوافه منهم الا اربعه: الزبير، و المقداد، و ابوذر، و سلمان.ثم اتاهم من الليل، فناشدهم، فقالوا: نصبحك غدوه، فما جائه منهم الا اربعه، و كذلك فى الليله الثالثه، و كان الزبير اشدهم له نصره، و انفذهم فى طاعته بصيره، حلق راسه، و جاء مرارا و فى عنقه سيفه، و كذلك الثلاثه الباقون، الا ان الزبير هو كان الراس فيهم.و قد نقل الناس خبر الزبير لما هجم عليه ببيت فاطمه (ع)، و كسر سيفه فى صخره ضربت به، و نقلوا اختصاصه بعلى (ع)، و خلواته به.و لم يزل مواليا له، متمسكا بحبه و مودته، حتى نشا ابنه عبدالله و شب، فنز به عرق من الام، و مال الى تلك الجهه و انحرف عن هذه، و محبه الوالد للولد معروفه، فانحرف الزبي
ر لانحرافه، على انه قد كانت جرت بين على (ع) و الزبير هنات فى ايام عمر كدرت القلوب بعض التكدير، و كان سببها قصه موالى صفيه و منازعه على للزبير فى الميراث، فقضى عمر للزبير، فاذعن على (ع) لقضائه بحكم سلطانه، لارجوعا عما كان يذهب اليه من حكم الشرع فى هذه المساله و بقيت فى نفس الزبير، على ان شيخنا اباجعفر الاسكافى رحمه الله ذكر فى كتاب "نقض العثمانيه" عن الزبير كلاما، ان صح، فانه يدل على انحراف شديد، و رجوع عن موالاه اميرالمومنين (ع).قال: تفاخر على (ع) و الزبير، فقال الزبير: اسلمت بالغا، و اسلمت طفلا، و كنت اول من سل سيفا فى سبيل الله بمكه و انت مستخف فى الشعب، يكفلك الرجال، و يمونك الاقارب من بنى هاشم.و كنت فارسا، و كنت راجلا، و فى هيئتى نزلت الملائكه، و انا حوارى رسول الله (ص).قال شيخنا ابوجعفر: و هذا الخبر مفتعل مكذوب، و لم يجر بين على و الزبير شى ء من هذا الكلام، و لكنه من وضع العثمانيه، و لم يسمع به فى احاديث الحشويه، و لا فى كتب اصحاب السيره.و لعلى (ع) ان يقول: طفل مسلم خير من بالغ كافر، و اما سل السيف بمكه، فلم يكن فى موضعه، و فى ذلك قال الله تعالى: (الم تر الى الذين قيل لهم كفوا ايديكم... الايه، و انا
على منهاج الرسول فى الكف و الاقدام، و ليس كفاله الرجال و الاقارب بالشعب عارا على، فقد كان رسول الله (ص) فى الشعب يكفله الرجال و الاقارب.و اما حربك فارسا، و حربى راجلا، فهلا اغنت فروسيتك يوم عمرو ابن عبدود فى الخندق! و هلا اغنت فروسيتك يوم طلحه بن ابى طلحه فى احد! و هلا اغنت فروسيتك يوم مرحب بخيبر! ما كانت فرسك التى تحارب عليها فى هذه الايام الا اذل من العنز الجرباء، و من سلمت عليه الملائكه افضل ممن نزلت فى هيئته، و قد نزلت الملائكه فى صوره دحيه الكلبى، افيجب من ذلك ان يكون دحيه افضل منى! و اما كونك حوارى رسول الله (ص)، فلو عددت خصائصى فى مقابله هذه اللفظه الواحده لك، لاستغرقت الوقت، و افنيت الزمان، و رب صمت ابلغ من نطق.