شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
وا الدعاء فقد بلغت غايه الشده و قد اودت الحرب بالعالمين و اهل الحفائظ و النجده فلسنا و لستم من المشركين و لا المجمعين على الرده و لكن اناس لقوا مثلهم لنا عده و لكم عده (فقاتل كل على وجهه يقحمه الجد و الحده) فان تقبلوها ففيها البقاء و امن الفريقين و البلده و ان تدفعوها ففيها الفناء و كل بلاء الى مده فحتى متى مخض هذا السقاء و لابد ان تخرج الزبده ثلاثه رهط هم اهلها و ان يسكتوا تخمد الوقده سعيد بن قيس و كبش العراق و ذاك المسود من كنده قال: فاما المسود من كنده، و هو الاشعث فانه لم يرض بالسكوت، بل كان من اعظم الناس قولا فى اطفاء الحرب و الركون الى الموادعه.و اما كبش العراق، و هو الاشتر، فلم يكن يرى الا الحرب، و لكنه سكت على مضض.و اما سعيد بن قيس فكان تاره هكذا و تاره هكذا.و ذكر ابن ديزيل الهمدانى فى كتاب "صفين" قال: خرج عبدالرحمن بن خالد بن الوليد و معه لواء معاويه، فارتجز فخرج اليه جاريه بن قدامه السعدى، فارتجز ايضا مجيبا له ثم اطعنا فلم يصنعا شيئا، و انصرف كل واحد منهما عن صاحبه فقال عمرو بن العاص لعبدالرحمن: اقحم يابن سيف الله، فتقدم عبدالرحمن بلوائه، و تقدم اصحابه، فاق
بل على (ع) على الاشتر، فقال له: قد بلغ لواء معاويه حيث ترى فدونك القوم.فاخذ الاشتر لواء على (ع) و قال: انى انا الاشتر معروف الشتر انى انا الافعى العراقى الذكر لست ربيعيا و لست من مضر لكننى من مذحج الشم الغرر فضارب القوم حتى ردهم، فانتدب له همام بن قبيصه الطائى- و كان مع معاويه- فشد عليه فى مذحج فانتصر عدى بن حاتم الطائى للاشتر، فحمل عليه فى طى ء، فاشتد القتال جدا، فدعا على ببغله رسول الله (ص) فركبها، ثم تعصب بعمامه رسول الله، و نادى: ايها الناس من يشرى نفسه لله! ان هذا يوم له ما بعده، فانتدب معه ما بين عشره آلاف الى اثنى عشر الفا، فتقدمهم على (ع) و قال: دبوا دبيب النمل لا تفوتوا و اصبحوا امركم او بيتوا حتى تنالوا الثار او تموتوا و حمل و حمل الناس كلهم حمله واحده، فلم يبق لاهل الشام صف الا ازالوه، حتى افضوا الى معاويه، فدعا معاويه بفرسه ليفر عليه.و كان معاويه بعد ذلك يحدث فيقول: لما وضعت رجلى فى الركاب، ذكرت قول عمرو بن الاطنابه: ابت لى عفتى و ابى بلائى و اخذى الحمد بالثمن الربيح و اقدامى على المكروه نفسى و ضربى هامه البطل المشيح و قولى كلما جشات و جاشت مكانك تحمدى او تستريحى فا
خرجت رجلى من الركاب و اقمت، و نظرت الى عمرو فقلت له: اليوم صبر و غدا فخر، فقال: صدقت.قال ابراهيم بن ديزيل: روى عبدالله بن ابى بكر، عن عبدالرحمن بن حاطب، عن معاويه قال: اخذت بمعرفه فرسى، و وضعت رجلى فى الركاب للهرب، حتى ذكرت شعر ابن الاطنابه فعدت الى مقعدى، فاصبت خير الدنيا، و انى لراج ان اصيب خير الاخره.قال ابراهيم بن ديزيل: فكان ذلك يوم الهرير، ثم رفعت المصاحف بعده.و روى ابراهيم عن ابن لهيعه عن يزيد بن ابى حبيب عن ربيعه بن لقيط، قال: شهدنا صفين، فمطرت السماء علينا دما عبيطا.و قال: و فى حديث الليث بن سعد ان كانوا لياخذونه بالصحاف و الانيه.و فى حديث ابن لهيعه: حتى ان الصحاف و الانيه لتمتلى ء و نهريقها.قال ابراهيم: و روى عبدالرحمن بن زياد، عن الليث بن سعد، عن يزيد بن ابى حبيب، عمن حدثه ممن حضر صفين انهم مطروا دما عبيطا فتلقاه الناس بالقصاع و الانيه و ذلك فى يوم الهرير، و فزع اهل الشام و هموا ان يتفرقوا، فقام عمرو بن العاص فيهم فقال: ايها الناس، انما هذه آيه من آيات الله فاصلح امرو ما بينه و بين الله، ثم لا عليه ان ينتطح هذان الجبلان.فاخذوا فى القتال.قال ابراهيم: و روى ابوعبدالله المكى، قال: حدثنا سفيان
بن عاصم بن كليب الحارثى عن ابيه، قال: اخبرنى ابن عباس قال: لقد حدثنى معاويه انه كان يومئذ قد قرب اليه فرسا له انثى، بعيده البطن من الارض، ليهرب عليها حتى اتاه آت من اهل العراق فقال له: انى تركت اصحاب على فى مثل ليله الصدر من منى، فاقمت، قال: فقلنا له: فاخبرنا من هو ذلك الرجل؟ فابى و قال: لا اخبركم من هو.قال نصر و ابراهيم ايضا: و كتب معاويه الى على (ع): اما بعد فان هذا الامر قد طال بيننا و بينك، و كل واحد منا يرى انه على الحق فيما يطلب من صاحبه، و لن يعطى واحد منا الطاعه للاخر، و قد قتل فيما بيننا بشر كثير، و انا اتخوف ان يكون ما بقى اشد مما مضى، و انا سوف نسال عن ذلك الموطن، و لايحاسب (به) غيرى و غيرك، و قد دعوتك الى امر لنا و لك فيه حياه و عذر، و براءه و صلاح للامه، و حقن للدماء، و الفه للدين، و ذهاب للضغائن و الفتن، ان نحكم بينى و بينكم حكمين مرضيين، احدهما من اصحابى و الاخر من اصحابك، فيحكمان بيننا بما انزل الله، فهو خير لى و لك، و اقطع لهذه الفتن، فاتق الله فيما دعيت اليه، و ارض بحكم القرآن ان كنت من اهله، و السلام.فكتب اليه على (ع): من عبدالله على اميرالمومنين الى معاويه بن ابى سفيان، اما بعد، فان افضل
ما شغل به المرء نفسه اتباع ما حسن به فعله، و استوجب فضله و سلم من عيبه و ان البغى و الزور يزريان بالمرء فى دينه و دنياه، فاحذر الدنيا فانه لا فرح فى شى ء وصلت اليه منها، و لقد علمت انك غير مدرك ما قضى فواته و قد رام قوم امرا بغير الحق و تاولوه على الله جل و عز، فاكذبهم و متعهم قليلا ثم اضطرهم الى عذاب غليظ، فاحذر يوما يغتبط فيه من حمد عاقبه عمله، و يندم فيه من امكن الشيطان من قياده (و لم يحاده) و غرته الدنيا و اطمان اليها.ثم انك قد دعوتنى الى حكم القرآن و لقد علمت انك لست من اهل القرآن و لا حكمه تريد، و الله المستعان، فقد اجبنا القرآن الى حكمه و لسنا اياك اجبنا، و من لم يرض بحكم القرآن فقد ضل ضلالا بعيدا.فكتب معاويه الى على (ع): اما بعد، عافانا الله و اياك فقد آن لك ان تجيب الى ما فيه صلاحنا و الفه بيننا و قد فعلت الذى فعلت و انا اعرف حقى، و لكنى اشتريت بالعفو صلاح الامه و لم اكثر فرحا بشى ء جاء و لاذهب، و انما ادخلنى فى هذا الامر القيام بالحق فيما بين الباغى و المبغى عليه، و الامر بالمعروف و النهى عن المنكر، فدعوت الى كتاب الله فيما بيننا و بينك، فانه لايجمعنا و اياك الا هو نحيى ما احيا القرآن، و نميت ما
امات القرآن و السلام.قال نصر: فكتب على (ع) الى عمرو بن العاص، يعظه و يرشده.اما بعد فان الدنيا مشغله عن غيرها، و لن يصيب صاحبها منها شيئا الا فتحت له حرصا يزيده فيها رغبه، و لن يستغنى صاحبها بما نال عما لم يبلغ و من وراء ذلك فراق ما جمع، و السعيد من وعظ بغيره فلا تحبط اباعبدالله اجرك، و لا تجار معاويه فى باطله، والسلام.فكتب اليه عمرو الجواب: اما بعد اقول، فالذى فيه صلاحنا و الفتنا الانابه الى الحق، و قد جعلنا القرآن بيننا حكما، و اجبنا اليه فصبر الرجل منا نفسه على ما حكم عليه القرآن و عذره الناس بعد المحاجزه، والسلام.فكتب اليه على (ع): اما بعد، فان الذى اعجبك من الدنيا مما نازعتك اليه نفسك، و وثقت به منها لمنقلب عنك، و مفارق لك فلا تطمئن الى الدنيا فانها غراره و لو اعتبرت بما مضى لحفظت ما بقى، و انتفعت منها بما وعظت به.والسلام.فاجابه عمرو: اما بعد، فقد انصف من جعل القرآن اماما، و دعا الناس الى احكامه، فاصبر اباحسن، فانا غير منيليك الا ما انالك القرآن، والسلام.قال نصر: و جاء الاشعث الى على (ع) فقال: يا اميرالمومنين، ما ارى الناس الا قد رضوا، و سرهم ان يجيبوا القوم الى ما دعوهم اليه من حكم القرآن، فان ش
ئت اتيت معاويه فسالته ما يريد، و نظرت ما الذى يسال قال: فاته ان شئت، فاتاه، فساله: يا معاويه: لاى شى ء رفعتم هذه المصاحف؟ قال: لنرجع نحن و انتم الى ما امر الله به فيها، فابعثوا رجلا منكم ترضون به، و نبعث منا رجلا، و ناخذ عليهما ان يعملا بما فى كتاب الله و لا يعدوانه، ثم نتبع ما اتفقا عليه.فقال الاشعث: هذا هو الحق.و انصرف الى على (ع)، فاخبره، فبعث على (ع) قراء من اهل العراق، و بعث معاويه قراء من اهل الشام، فاجتمعوا بين الصفين، و معهم المصحف، فنظروا فيه و تدارسوا و اجتمعوا على ان يحيوا ما احيا القرآن، و يميتوا ما امات القرآن، و رجع كل فريق الى صاحبه، فقال اهل الشام: انا قد رضينا و اخترنا عمرو بن العاص، و قال الاشعث و القراء الذين صاروا خوارج فيما بعد: قد رضينا نحن و اخترنا اباموسى الاشعرى، فقال لهم على (ع): فانى لا ارضى بابى موسى و لا ارى ان اوليه، فقال الاشعث و زيد بن حصين و مسعر بن فدكى فى عصابه القراء: انا لا نرضى الا به، فانه قد كان حذرنا ما وقعنا فيه.فقال على (ع): فانه ليس لى برضا، و قد فارقنى و خذل الناس عنى و هرب منى حتى امنته بعد اشهر، و لكن هذا ابن عباس اوليه ذلك.قالوا: و الله ما نبالى، اكنت انت او
ابن عباس! و لانريد الا رجلا هو منك و من معاويه سواء، ليس الى واحد منكما بادنى من الاخر.قال على (ع): فانى اجعل الاشتر فقال الاشعث: و هل سعر الارض علينا الا الاشتر! و هل نحن الا فى حكم الاشتر.قال على (ع): و ما حكمه؟ قال: حكمه ان يضرب بعضنا بعضا بالسيف حتى يكون ما اردت و ما اراد.قال نصر: و حدثنا عمرو بن شمر، عن جابر، عن ابى جعفر محمد بن على، قال: لما اراد الناس عليا ان يضع الحكمين، قال لهم: ان معاويه لم يكن ليضع لهذا الامر احدا هو اوثق برايه و نظره من عمرو بن العاص و انه لايصلح للقرشى الا مثله، فعليكم بعبدالله بن العباس فارموه به، فان عمرا لا يعقد عقده الا حلها عبدالله، و لا يحل عقده الا عقدها، و لا يبرم امرا الا نقضه، و لاينقض امرا الا ابرمه، فقال الاشعث ك لا و الله لايحكم فينا مضريان حتى تقوم الساعه، و لكن اجعل رجلا من اهل اليمن اذ جعلوا رجلا من مضر، فقال على (ع): انى اخاف ان يخدع يمنيكم، فان عمرا ليس من الله فى شى ء اذا كان له فى امر هوى.فقال الاشعث: و الله لان يحكما ببعض ما نكره، و احدهما من اهل اليمن احب الينا من ان يكون بعض ما نحب فى حكمهما و هما مضريان.قال: و ذكر الشعبى ايضا مثل ذلك.قال نصر: فقال ع
لى (ع): قد ابيتم الا اباموسى! قالوا: نعم قال: فاصنعوا ما شئتم، فبعثوا الى ابى موسى- و هو بارض من ارض الشام يقال لها عرض قد اعتزل القتال- فاتاه مولى له فقال: ان الناس قد اصطلحوا، فقال: الحمدلله رب العالمين، قال: و قد جعلوك حكما فقال: انا لله و انا اليه راجعون.فجاء ابوموسى حتى دخل عسكر على (ع)، و جاء الاشتر عليا، فقال: يا اميرالمومنين الزنى بعمرو بن العاص، فو الذى لا اله غيره، لئن ملات عينى منه لاقتلنه.و جاء الاحنف بن قيس عليا فقال: يا اميرالمومنين انك قد رميت بحجر الارض، و من حارب الله و رسوله انف الاسلام و انى قد عجمت هذا الرجل- يعنى اباموسى- و حلبت اشطره، فوجدته كليل الشفره قريب القعر، و انه لايصلح لهولاء القوم الا رجل يدنو منهم حتى يكون فى اكفهم، و يتباعد منهم حتى يكون بمنزله النجم منهم فان شئت ان تجعلنى حكما فاجعلنى، و ان شئت ان تجعلنى ثانيا او ثالثا فان عمرا لايعقد عقده الا حللتها و لا يحل عقده الا عقدت لك اشد منها.فعرض على (ع) ذلك على الناس فابوه، و قالوا: لايكون الا اباموسى.قال نصر: مال الاحنف الى على (ع) فقال: يا اميرالمومنين انى خيرتك يوم الجمل ان آتيك فيمن اطاعنى، او اكف عنك بنى سعد، فقلت: كف قو