شرح نهج البلاغه نسخه متنی
لطفا منتظر باشید ...
يت بعينى اعشى باهله، و قد احضر فى جمله الاسرى الذين اسروا من جيش عبدالرحمن بن محمد بن الاشعث بين يدى الحجاج فقرعه و وبخه و استنشده شعره الذى يحرض فيه عبدالرحمن على الحرب ثم ضرب عنقه فى ذلك المجلس.و روى محمد بن على الصواف، عن الحسين بن سفيان عن ابيه عن شمير بن سدير الازدى، قال: قال على (ع) لعمرو بن الحمق الخزاعى: اين نزلت يا عمرو؟ قال: فى قومى قال: لاتنزلن فيهم قال فانزل فى بنى كنانه جيراننا؟ قال: لا قال: فانزل فى ثقيف؟ قال: فما تصنع بالمعره و المجره؟ قال و ما هما؟ قال: عنقان من نار، يخرجان من ظهر الكوفه، ياتى احدهما على تميم و بكر بن وائل فقلما يفلت منه احد و ياتى العنق الاخر فياخذ على الجانب الاخر، من الكوفه فقل من يصيب منهم انما يدخل الدار فيحرق البيت و البيتين.قال: فاين انزل؟ قال: انزل فى بنى عمرو بن عامر من الازد- قال: فقال قوم حضروا هذا الكلام: ما نراه الا كاهنا يتحدث بحديث الكهنه- فقال: يا عمرو، انك المقتول بعدى، و ان راسك لمنقول و هو اول راس ينقل فى الاسلام و الويل لقاتلك! اما انك لاتنزل بقوم الا اسلموك برمتك، الا هذا الحى من بنى عمرو بن عامر من الازد فانهم لن يسلموك و لن يخذلوك قال: فو الله مامضت ا
لا ايام حتى تنقل عمرو بن الحمق فى خلافه معاويه فى بعض احياء العرب خائفا مذعورا حتى نزل فى قومه من بنى خزاعه فاسلموه، فقتل و حمل راسه من العراق الى معاويه بالشام، و هو اول راس حمل فى الاسلام من بلد الى بلد.و روى ابراهيم بن ميمون الازدى عن حبه العرنى، قال: كان جويريه بن مسهر العبدى صالحا، و كان لعلى بن ابى طالب صديقا، و كان على يحبه، و نظر يوما اليه و هو يسير فناداه: يا جويريه، الحق بى، فانى اذا رايتك هويتك قال اسماعيل بن ابان: فحدثنى الصباح عن مسلم عن حبه العرنى قال: سرنا مع على (ع) يوما فالتفت فاذا جويريه خلفه بعيدا فناداه: يا جويريه الحق بى لا ابالك! الا تعلم انى اهواك و احبك قال: فركض نحوه فقال له: انى محدثك بامور فاحفظها ثم اشتركا فى الحديث سرا فقال له جويريه: يا اميرالمومنين انى رجل نسى، فقال له: انى اعيد عليك الحديث لتحفظه، ثم قال له فى آخر ما حدثه اياه: يا جويريه احبب حبيبنا ما احبنا، فاذا ابغضنا فابغضه و ابغض بغيضنا ما ابغضنا فاذا احبنا فاحبه.قال: فكان ناس ممن يشك فى امر على (ع) يقولون: اتراه جعل جويريه وصيه كما يدعى هو من وصيه رسول الله (ص)؟ قال: يقولون ذلك لشده اختصاصه له حتى دخل على على (ع) يوما
و هو مضطجع، و عنده قوم من اصحابه، فناداه جويريه: ايها النائم استيقظ فلتضربن على راسك ضربه تخضب منها لحيتك، قال: فتبسم اميرالمومنين (ع) قال: و احدثك يا جويريه بامرك، اما و الذى نفسى بيده لتعتلن الى العتل الزنيم فليقطعن يدك و رجلك و ليصلبنك تحت جذع كافر قال: فو الله مامضت الا ايام على ذلك حتى اخذ زياد جويريه، فقطع يده و رجله و صلبه الى جانب جذع ابن مكعبر، و كان جذعا طويلا فصلبه على جذع قصير الى جانبه.و روى ابراهيم فى كتاب "الغارات" عن احمد بن الحسن الميثمى، قال: كان ميثم التمار مولى على بن ابى طالب (ع) عبدا لامراه من بنى اسد فاشتراه على (ع) منها و اعتقه و قال له: ما اسمك؟ فقال: سالم فقال ان رسول الله (ص) اخبرنى ان اسمك الذى سماك به ابوك فى العجم (ميثم) فقال: صدق الله و رسوله و صدقت يا اميرالمومنين فهو و الله اسمى قال: فارجع الى اسمك، ودع سالما، فنحن نكنيك به، فكناه اباسالم.قال: و قد كان قد اطلعه على (ع) على علم كثير، و اسرار خفيه من اسرار الوصيه فكان ميثم يحدث ببعض ذلك، فيشك فيه قوم من اهل الكوفه و ينسبون عليا (ع) فى ذلك الى المخرقه و الايهام و التدليس حتى قال له يوما بمحضر من خلق كثير من اصحابه، و فيهم الشاك
و المخلص: يا ميثم، انك توخذ بعدى و تصلب فاذا كان اليوم الثانى ابتدر منخراك و فمك دما، حتى تخضب لحيتك، فاذا كان اليوم الثالث طعنت بحربه يقضى عليك، فانتظر ذلك.و الموضع الذى تصلب فيه على باب دار عمرو بن حريث انك لعاشر عشره انت اقصرهم خشبه، و اقربهم من المطهره- يعنى الارض- و لارينك النخله التى تصلب على جذعها، ثم اراه اياها بعد ذلك بيومين و كان ميثم ياتيها فيصلى عندها، و يقول: بوركت من نخله لك خلقت ولى نبت فلم يزل يتعاهدها بعد قتل على (ع) حتى قطعت فكان يرصد جذعها و يتعاهده و يتردد اليه و يبصره و كان يلقى عمرو بن حريث فيقول له: انى مجاورك فاحسن جوارى فلا يعلم عمرو ما يريد فيقول له: اتريد ان تشترى دار ابن مسعود، ام دار ابن حكيم.قال: و حج فى السنه التى قتل فيها، فدخل على ام سلمه رضى الله عنها فقالت له: من انت! قال: عراقى فاستنسبته، فذكر لها انه مولى على بن ابى طالب فقالت: انت هيثم قال: بل انا ميثم فقالت: سبحان الله و الله لربما سمعت رسول الله (ص) يوصى بك عليا فى جوف الليل، فسالها عن الحسين بن على فقالت: هو فى حائط له قال: اخبريه انى قد احببت السلام عليه و نحن ملتقون عند رب العالمين ان شاءالله، و لااقدر اليوم على ل
قائه و اريد الرجوع، فدعت بطيب فطيبت لحيته فقال لها: اما انها ستخضب بدم فقالت: من انباك هذا؟ قال: انبانى سيدى فبكت ام سلمه و قالت له: انه ليس بسيدك وحدك، هو سيدى و سيد المسلمين ثم ودعته.فقدم الكوفه، فاخذ و ادخل على عبيدالله بن زياد.و قيل له: هذا كان من آثر الناس عند ابى تراب، قال: ويحكم! هذا الاعجمى قالوا: نعم فقال له عبيدالله: اين ربك؟ قال: بالمرصاد قال: قد بلغنى اختصاص ابى تراب لك قال: قد كان بعض ذلك فما تريد؟ قال: و انه ليقال انه قد اخبرك بما سيلقاك، قال: نعم انه اخبرنى، قال: ما الذى اخبرك انى صانع بك؟ قال: اخبرنى انك تصلبنى عاشر عشره و انا اقصرهم خشبه و اقربهم من المطهره، قال: لاخالفنه قال: ويحك! كيف تخالفه انما اخبر عن رسول الله (ص) و اخبر رسول الله عن جبرائيل و اخبر جبرائيل، عن الله فكيف تخالف هولاء! اما و الله لقد عرفت الموضع الذى اصلب فيه اين هو من الكوفه؟ و انى لاول خلق الله الجم فى الاسلام بلجام كما يلجم الخيل.فحبسه و حبس معه المختار بن ابى عبيده الثقفى، فقال ميثم للمختار- و هما فى حبس ابن زياد: انك تفلت و تخرج ثائرا بدم الحسين (ع) فتقتل هذا الجبار الذى نحن فى سجنه و تطا بقدمك هذه على جبهته و خدي
ه.فلما دعا عبيدالله بن زياد بالمختار ليقتله طلع البريد بكتاب يزيد بن معاويه الى عبيدالله بن زياد، يامره بتخليه سبيله و ذاك ان اخته كانت تحت عبدالله بن عمر بن الخطاب فسالت بعلها ان يشفع فيه الى يزيد فشفع فامضى شفاعته و كتب بتخليه سبيل المختار على البريد فوافى البريد و قد اخرج ليضرب عنقه فاطلق.و اما ميثم فاخرج بعده ليصلب و قال عبيدالله: لامضين حكم ابى تراب فيه، فلقيه رجل، فقال له: ما كان اغناك عن هذا يا ميثم؟ فتبسم و قال: لها خلقت ولى غذيت فلما رفع على الخشبه اجتمع الناس حوله على باب عمرو بن حريث فقال عمرو: لقد كان يقول لى: انى مجاورك فكان يامر جاريته كل عشيه ان تكنس تحت خشبته و ترشه، و تجمر بالمجمر تحته، فجعل ميثم يحدث بفضائل بنى هاشم، و مخازى بنى اميه، و هو مصلوب على الخشبه فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: الجموه، فالجم فكان اول خلق الله الجم فى الاسلام.فلما كان فى اليوم الثانى فاضت منخراه و فمه دما فلما كان فى اليوم الثالث طعن بحربه فمات.و كان قتل ميثم قبل قدوم الحسين (ع) العراق بعشره ايام.قال ابراهيم: و حدثنى ابراهيم بن العباس النهدى، حدثنى مبارك البجلى، عن ابى بكر بن عياش قال: حدثنى المجالد،
عن الشعبى عن زياد بن النضر الحارثى، قال: كنت عند زياد، و قد اتى برشيد الهجرى، و كان من خواص اصحاب على (ع) فقال له زياد: ما قال خليلك لك انا فاعلون بك؟ قال: تقطعون يدى و رجلى و تصلبوننى، فقال زياد: اما و الله لاكذبن حديثه خلوا سبيله، فلما اراد ان يخرج قال: ردوه لانجد شيئا اصلح مما قال لك صاحبك انك لاتزال تبغى لنا سوءا ان بقيت اقطعوا يديه و رجليه فقطعوا يديه و رجليه و هو يتكلم فقال: اصلبوه خنقا فى عنقه فقال رشيد: قد بقى لى عندكم شى ء ما اراكم فعلتموه فقال زياد: اقطعوا لسانه فلما اخرجوا لسانه ليقطع قال: نفسوا عنى اتكلم كلمه واحده فنفسوا عنه فقال: هذا و الله تصديق خبر اميرالمومنين اخبرنى بقطع لسانى.فقطعوا لسانه و صلبوه.و روى ابوداود الطيالسى، عن سليمان بن رزيق، عن عبدالعزيز بن صهيب، قال: حدثنى ابوالعاليه، قال: حدثنى مزرع صاحب على بن ابى طالب (ع) انه قال: ليقبلن جيش حتى اذا كان بالبيداء، خسف بهم.قال ابوالعاليه: فقلت له: انك لتحدثنى بالغيب! فقال: احفظ ما اقوله لك فانما حدثنى به الثقه على بن ابى طالب.و حدثنى ايضا شيئا آخر: ليوخذن رجل فليقتلن و ليصلبن بين شرفتين من شرف المسجد، فقلت له: انك لتحدثنى بالغيب! فقال: ا
حفظ ما اقول لك، قال ابوالعاليه: فو الله ما اتت علينا جمعه حتى اخذ مزرع، فقتل و صلب بين شرفتين من شرف المسجد.قلت: حديث الخسف بالجيش قد خرجه البخارى و مسلم فى الصحيحين، عن ام سلمه رضى الله عنها، قالت: سمعت رسول الله (ص) يقول: (يعوذ قوم بالبيت حتى اذا كانوا بالبيداء خسف بهم) فقلت: يا رسول الله لعل فيهم المكره او الكاره، فقال: (يخسف بهم و لكن يحشرون) او قال: (يبعثون على نياتهم يوم القيامه).قال: فسئل ابوجعفر محمد بن على: اهى بيداء من الارض؟ فقال: كلا و الله انها بيداء المدينه.اخرج البخارى بعضه و اخرج مسلم الباقى.و روى محمد بن موسى العنزى، قال: كان مالك بن ضمره الرواسى من اصحاب على (ع) و ممن استبطن من جهته علما كثيرا، و كان ايضا قد صحب اباذر فاخذ من علمه و كان يقول فى ايام بنى اميه: اللهم لاتجعلنى اشقى الثلاثه فيقال له: و ما الثلاثه؟ فيقول: رجل يرمى من فوق طمار، و رجل تقطع يداه و رجلاه و لسانه و يصلب و رجل يموت على فراشه.فكان من الناس من يهزا به و يقول: هذا من اكاذيب ابى تراب.قال: و كان الذى رمى به من طمار هانى ء بن عروه و الذى قطع و صلب رشيد الهجرى، و مات مالك على فراشه.الفصل الرابع و هو من قوله: (فنظرت فى
امرى...) الى آخر الكلام، هذه كلمات مقطوعه من كلام يذكر فيه حاله بعد وفاه رسول الله (ص)، و انه كان معهودا اليه الا ينازع فى الامر و لايثير فتنه بل يطلبه بالرفق فان حصل له و الا امسك.هكذا كان يقول (ع) و قوله الحق، و تاويل هذه الكلمات: فنظرت فاذا طاعتى لرسول الله (ص) اى وجوب طاعتى، فحذف المضاف و اقام المضاف اليه مقامه.قد سبقت بيعتى للقوم اى وجوب طاعه رسول الله (ص) على، و وجوب امتثالى امره سابق على بيعتى للقوم فلا سبيل لى الى الامتناع من البيعه، لانه (ص) امرنى بها.و اذا الميثاق فى عنقى لغيرى، اى رسول الله (ص) اخذ على الميثاق بترك الشقاق و المنازعه فلم يحل لى ان اتعدى امره، او اخالف نهيه.فان قيل: فهذا تصريح بمذهب الاماميه.قيل: ليس الامر كذلك بل هذا تصريح بمذهب اصحابنا من البغداديين لانهم يزعمون انه الافضل و الاحق بالامامه، و انه لولا ما يعلمه الله و رسوله من ان الاصلح للمكلفين من تقديم المفضول عليه لكان من تقدم عليه هالكا، فرسول الله (ص) اخبره ان الامامه حقه و انه اولى بها من الناس اجمعين، و اعلمه ان فى تقديم غيره و صبره على التاخر عنها مصلحه للدين راجعه الى المكلفين و انه يجب عليه ان يمسك عن طلبها، و يغضى ع
نها لمن هو دون مرتبته فامتثل ما امره به رسول الله (ص) و لم يخرجه تقدم من تقدم عليه من كونه الافضل و الاولى و الاحق.و قد صرح شيخنا ابوالقاسم البلخى رحمه الله تعالى بهذا، و صرح به تلامذته و قالوا: لو نازع عقيب وفاه رسول الله (ص)، و سل سيفه لحكمنا بهلاك كل من خالفه و تقدم عليه كما حكمنا بهلاك من نازعه حين اظهر نفسه، و لكنه مالك الامر و صاحب الخلافه اذا طلبها وجب علينا القول بتفسيق من ينازعه فيها، و اذا امسك عنها وجب علينا القول بعداله من اغضى له عليها، و حكمه فى ذلك حكم رسول الله (ص) لانه قد ثبت عنه فى الاخبار الصحيحه انه قال: (على مع الحق، و الحق مع على يدور حيثما دار) و قال له غير مره: (حربك حربى و سلمك سلمى).و هذا المذهب هو اعدل المذاهب عندى، و به اقول.