شرح نهج البلاغه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

شرح نهج البلاغه - نسخه متنی

ابن ابی الحدید معتزلی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تثبت وقتا من الاوقات، و انما منعهم من اظهار ما فى نفوسهم ما قدمناه من اسباب الخوف و التقيه، لان الاعتذار بالوجل كان عاما، فلما تبين امره حالا بعد حال، و اعرضت الوجوه عنه، و قل العاذر له، قويت الكلمه فى خلعه.

و هذا انما كان فى آخر الامر دون اوله، فليس يقتضى الامساك عنه الى الوقت الذى وقع الكلام فيه نسبه الخطا الى الجميع، على ما ظنه.

قال: فاما دفعه بان تكون الامه اجمعت على خلعه بخروجه نفسه و خروج من كان فى حيزه عن القوم، فليس بشى ء، لانه اذا ثبت ان من عداه و عدا عبيده و الرهيط من فجار اهله و فساقهم، كمروان و من جرى مجراه، كانوا مجمعين على خلعه، فلا شبهه (مجلد 3 صفحه 6( فى ان الحق فى غير حيزه، لانه لايجوز ان يكون هو المصيب، و جميع الامه مبطل، و انما يدعى انه على الحق لمن ينازع فى اجماع من عداه، فاما مع التسليم لذلك، فليس يبقى شبهه، و ما نجد مخالفينا يعتبرون فى باب الاجماع باجماع الشذاذ و النفر القليل الخارجين من الاجماع، الا ترى انهم لايحفلون بخلاف سعد و اهله و ولده فى بيعه ابى بكر لقلتهم و كثره من بازائهم، و لذلك لايعتدون بخلاف من امتنع من بيعه اميرالمومنين (ع)، و يجعلونه شاذا، لا تاثير بخلافه، فكيف فارقوا ه
ذه الطريقه فى خلع عثمان! و هل هذا الا تقلب و تلون! قلت: اما اذا احتج اصحابنا على امامه ابى بكر بالاجماع، فاعتراض حجتهم بخلاف سعد و ولده و اهله اعتراض جيد، و ليس يقول اصحابنا فى جوابه: هولاء شذاذ فلا نحفل بخلافهم، و انما المعتبر بالكثره التى بازائهم.

و كيف يقولون هذا، و حجتهم الاجماع و لااجماع! و لكنهم يجيبون عن ذلك بان سعدا مات فى خلافه عمر، فلم يبق من يخالف فى خلافه عمر، فانعقد الاجماع عليها، و بايع ولد سعد و اهله من قبل، و اذا صحت خلافه عمر صحت خلافه ابى بكر، لانها فرع عليها، و محال ان يصح الفرع، و يكون الاصل فاسدا، فهكذا يجيب اصحابنا عن الاعتراض بخلاف سعد اذا احتجوا بالاجماع، فاما اذا احتجوا بالاختيار فلا يتوجه نحوهم الاعتراض بخلاف سعد و اهله و ولده، لانه ليس من شرط ثبوت الامامه بالاختيار اجماع الامه على الاختيار، و انما يكفى فيه بيعه خمسه من اهل الحل و العقد على الترتيب الذى يرتب اصحابنا الدلاله عليه، و بهذا الطريق يثبت عندهم امامه على (ع)، و لم يحفل بخلاف معاويه و اهل الشام فيها.

(مجلد 3 صفحه 7( قال رحمه الله تعالى: فاما قوله: ان الصحابه كانت بين فريقين: من نصره كزيد بن ثابت و ابن عمر و فلان و فلان، و
الباقون ممتنعون انتظارا لزوال العارض و لانه ما ضيق عليهم الامر فى الدفع عنه، فعجيب، لان الظاهر ان انصاره هم الذين كانوا معه فى الدار، يقاتلون عنه، و يدفعون الهاجمين عليه.

فاما من كان فى منزله ما اغنى عنه فتيلا، فلا يعد ناصرا، و كيف يجوز ممن اراد نصرته، و كان معتقدا لصوابه، و خطا المطالبين له بالخلع، ان يتوقف عن النصره طلبا لزوال العارض! و هل تراد النصره الا لدفع العارض، و بعد زواله لا حاجه اليها! و ليس يحتاج فى نصرته الى ان يضيق هو عليهم الامر فيها، بل من كان معتقدا لها لايحتاج حمله الى اذنه فيها، و لايحفل بنهيه عنها، لان المنكر مما قد تقدم امر الله تعالى بالنهى عنه، فليس يحتاج فى انكاره الى امر غيره.

قال: فاما زيد بن ثابت، فقد روى ميله الى عثمان، و ما يغنى ذلك و بازائه جميع المهاجرين و الانصار! و لميله اليه سبب معروف، فان الواقدى روى فى "كتاب الدار" ان مروان بن الحكم لما حصر عثمان الحصر الاخير اتى زيد بن ثابت فاستصحبه الى عائشه ليكلمها فى هذا الامر، فمضيا اليها و هى عازمه على الحج، فكلماها فى ان تقيم و تذب عنه، فاقبلت على زيد بن ثابت، فقالت: و ما منعك يابن ثابت و لك الاشاريف قد اقتطعكها عثمان، و لك كذا و كذا
، و اعطاك عثمان من بيت المال عشره آلاف دينار! قال زيد: فلم ارجع عليها حرفا واحدا، و اشارت الى مروان بالقيام، فقام مروان و هو يقول: (مجلد 3 صفحه 8( حرق قيس على البلاد حتى اذا اضطرمت اجذما فنادته عائشه، و قد خرج من العتبه: يابن الحكم، اعلى تمثل الاشعار! قد و الله سمعت ما قلت، اترانى فى شك من صاحبك! و الذى نفسى بيده لوددت انه الان فى غراره من غرائرى مخيط عليه، فالقيه فى البحر الاخضر، قال زيد بن ثابت: فخرجنا من عندها على الياس منها.

و روى الواقدى ان زيد بن ثابت اجتمع عليه عصابه من الانصار، و هو يدعوهم الى نصره عثمان.

فوقف عليه جبله بن عمرو بن حبه المازنى فقال له: و ما يمنعك يا زيد ان تذب عنه؟ اعطاك عشره آلاف دينار و حدائق من نخل لم ترث عن ابيك مثل حديقه منها.

فاما ابن عمر فان الواقدى روى ايضا عنه انه قال: و الله ما كان فينا الا خاذل او قاتل.

و الامر على هذا اوضح من ان يخفى.

فاما ما ذكره من انفاذ اميرالمومنين (ع) الحسن و الحسين (ع)، فانما انفذهما- ان كان انفذهما- ليمنعا من انتهاك حريمه و تعمد قتله، و منع خرمه و نسائه من الطعام و الشراب، و لم ينفذهما ليمنعا من مطالبته بالخلع، و كيف و هو (ع) مصرع بانه يستحق ب
احداثه الخلع، و القوم الذين سعوا فى ذلك اليه كانوا يغدون و يروحون، و معلوم منه ضروره انه كان مساعدا على خلعه و نقض امره، لا سيما فى المره الاخيره.

فاما ادعاوه انه (ع) لعن قتلته، فهو يعلم ما فى هذا من الروايات المختلفه التى (مجلد 3 صفحه 9( هى اظهر من هذه الروايه، و ان صحت فيجوز ان تكون محموله على لعن من قتله متعمدا قتله، قاصدا اليه، فان ذلك لم يكن لهم.

فاما ادعاوه ان طلحه رجع لما ناشده عثمان يوم الدار، فظاهر البطلان و غير معروف فى الروايه، و الظاهر المعروف انه لم يكن على عثمان اشد من طلحه، و لااغلظ منه.

قال: و لو حكينا من كلامه فيه ما قد روى لافنينا قطعه كثيره من هذا الكتاب، و قد روى ان عثمان كان يقول يوم الدار: اللهم اكفنى طلحه، و يكرر ذلك، علما بانه اشد القوم عليه.

و روى ان طلحه كان عليه يوم الدار درع و هو يرامى الناس، و لم ينزع عن القتال حتى قتل الرجل.

فاما ادعاوه الروايه عن رسول الله (ص): (ستكون فتنه، و ان عثمان و اصحابه يومئذ على الهدى)، فهو يعلم ان هذه الروايه الشاذه لاتكون فى مقابله المعلوم ضروره من اجماع الامه على خلعه و خذله، و كلام وجوه المهاجرين و الانصار فيه، و بازاء هذه الروايه ما يملا الطروس ع
ن النبى (ص) و غيره، مما يتضمن ما تضمنته.

و لو كانت هذه الروايه معروفه لكان عثمان اولى الناس بالاحتجاج بها يوم الدار، و قد احتج عليهم بكل غث و سمين، و قبل ذلك لما خوصم و طولب بان يخلع نفسه، و لاحتج بها عنه بعض اصحابه و انصاره، و فى علمنا بان شيئا من ذلك لم يكن، دلاله على انها مصنوعه موضوعه.

فاما ما رواه عن عائشه من قولها: (قتل و الله مظلوما) فاقوال عائشه فيه معروفه و معلومه، و اخراجها قميص رسول الله (ص) و هى تقول: (هذا قميصه لم يبل، و قد ابلى عثمان سنته) الى غير ذلك مما لايحصى كثره.

(مجلد 3 صفحه 10( فاما مدحها له و ثناوها عليه، فانما كانا عقيب علمها بانتقال الامر الى من انتقل اليه، و السبب فيه معروف، و قد وقفت عليه، و قوبل بين كلامها فيه متقدما و متاخرا.

فاما قوله: لايمتنع ان يتعلق باخبار الاحاد فى ذلك لانها فى مقابله ما يدعونه مما طريقه ايضا الاحاد، فواضح البطلان، لان اطباق الصحابه و اهل المدينه- الا من كان فى الدار معه على خلافه، فانهم كانوا بين مجاهد و مقاتل مبارز، و بين متقاعد خاذل- معلوم ضروره لكل من سمع الاخبار، و كيف يدعى انها من جهه الاحاد حتى يعارض باخبار شاذه نادره! و هل هذا الا مكابره ظاهره! فاما
قوله: انا لانعدل عن ولايته بامور محتمله، فقد مضى الكلام فى هذا المعنى، و قلنا ان المحتمل هو ما لا ظاهر له، و يتجاذبه امور محتمله، فاما ما له ظاهر فلا يسمى محتملا و ان سماه بهذه التسميه، فقد بينا انه مما يعدل من اجله عن الولايه، و فصلنا ذلك تفصيلا بينا.

و اما قوله: ان للامام ان يجتهد برايه فى الامور المنوطه به، و يكون مصيبا و ان افضت الى عاقبه مذمومه، فاول ما فيه انه ليس للامام و لا غيره ان يجتهد فى الاحكام، و لايجوز ان يعمل فيها الا على النص، ثم اذا سلمنا الاجتهاد، فلا شك ان هاهنا امورا لايسوغ فيها الاجتهاد، حتى يكون من خبرنا عنه بانه اجتهد فيها غير مصوب، و تفصيل هذه الجمله يبين عند الكلام على ما تعاطاه من الاعذار عن احداثه على جهه التفصيل.

قلت: الكلام فى هذا الموضع على سبيل الاستقصاء انما يكون فى الكتب الكلاميه المبسوطه فى مساله الامامه، و ليس هذا موضع ذاك، و لكن يكفى قاضى القضاه ان يقول: (مجلد 3 صفحه 11( قد ثبت بالاجماع صحه امامه عثمان، فلا يجوز الرجوع عن هذا الاجماع الا باجماع معلوم على خلعه و اباحه قتله، و لم يجمع المسلمون على ذلك، لانه قد كان بالمدينه من ينكر ذلك و ان قلوا، و قد كان اهل الامصار ينكرون
ذلك، كالشام و البصره و الحجاز و اليمن و مكه و خراسان، و كثير من اهل الكوفه، و هولاء مسلمون، فيجب ان تعتبر اقوالهم فى الاجماع، فاذا لم يدخلوا فيمن اجلب عليه لم ينعقد الاجماع على خلعه و لا على اباحه دمه، فوجب البقاء على ما اقتضاه الاجماع الاول.

(ذكر المطاعن التى طعن بها على عثمان و الرد عليها) فاما الكلام فى المطاعن المفصله التى طعن بها فيه، فنحن نذكرها، و نحكى ما ذكره قاضى القضاه و ما اعترضه به المرتضى رحمه الله تعالى.

الطعن الاول: قال قاضى القضاه فى "المغنى".

فمما طعن به عليه قولهم: انه ولى امور المسلمين من لايصلح لذلك و لايوتمن عليه، و من ظهر منه الفسق و الفساد، و من لا علم عنده، مراعاه منه لحرمه القرابه، و عدولا عن مراعاه حرمه الدين و النظر للمسلمين، حتى ظهر ذلك منه و تكرر، و قد كان عمر حذره من ذلك، حيث وصفه بانه كلف باقاربه، و قال له: اذا وليت هذا الامر فلا تسلط بنى ابى معيط على رقاب الناس.

فوقع منه ما حذره اياه، و عوتب فى ذلك فلم ينفع العتب، و ذلك نحو استعماله الوليد بن عقبه، و تقليده اياه، (مجلد 3 صفحه 12( حتى ظهر منه شرب الخمر، و استعماله سعيد بن العاص حتى ظهرت منه الامور التى عندها اخرجه اهل الك
وفه، و توليته عبدالله بن ابى سرح، و عبدالله بن عامر بن كريز، حتى روى عنه فى امر ابن ابى سرح انه لما تظلم منه اهل مصر و صرفه عنهم بمحمد بن ابى بكر، كاتبه بان يستمر على ولايته، فابطن خلاف ما اظهر، فعل من غرضه خلاف الدين.

و يقال: انه كاتبه بقتل محمد بن ابى بكر و غيره ممن يرد عليه، و ظفر بذلك الكتاب، و لذلك عظم التظلم من بعد، و كثر الجمع، و كان سبب الحصار و القتل، حتى كان من امر مروان و تسلطه عليه و على اموره ما قتل بسببه، و ذلك ظاهر لايمكن دفعه.

قال رحمه الله تعالى: و جوابنا عن ذلك ان نقول: اما ما ذكر من توليته من لايجوز ان يستعمل، فقد علمنا انه لايمكن ان يدعى انه حين استعملهم علم من احوالهم خلاف الستر و الصلاح، لان الذى ثبت عنهم من الامور القبيحه حدث من بعد، و لايمتنع كونهم فى الاول مستورين فى الحقيقه او مستورين عنده، و انما كان يجب تخطئته لو استعملهم و هم فى الحال لايصلحون لذلك.

فان قيل، فلما علم بحالهم كان يجب ان يعزلهم! قيل: كذلك فعل، لانه انما استعمل الوليد بن عقبه قبل ظهور شرب الخمر عنه (مجلد 3 صفحه 13( فلما شهد عليه بذلك جلده الحد و صرفه.

و قد روى مثله عن عمر، فانه ولى قدامه بن مظعون بعض اعماله، فشهدوا
عليه بشرب الخمر، اشخصه و جلده الحد، فاذا عد ذلك فى فضائل عمر لم يجز ان يعد ما ذكروه فى الوليد من معايب عثمان.

و يقال: انه لما اشخصه اقام عليه الحد بمشهد اميرالمومنين (ع).

و قد اعتذر من عزله سعد بن ابى وقاص بالوليد، بان سعدا شكاه اهل الكوفه، فاداه اجتهاده الى عزله بالوليد.

فاما سعيد بن العاص فانه عزله عن الكوفه و ولى مكانه اباموسى، و كذلك عبدالله بن ابى سرح عزله و ولى مكانه محمد بن ابى بكر، و لم يظهر له من مروان ما يوجب ان يصرفه عما كان مستعملا فيه، و لو كان ذلك طعنا لوجب مثله فى كل من ولى، و قد علمنا ان رسول الله (ص) ولى الوليد بن عقبه، فحدث منه ما حدث.

و حدث من بعض امراء اميرالمومنين (ع) الخيانه كالقعقاع بن شور، لانه ولاه على ميسان فاخذ مالها و لحق بمعاويه، و كذلك فعل الاشعث بن قيس بمال اذربيجان.

و ولى اباموسى الحكم، فكان منه ما كان، و لايجب ان يعاب احد بفعل غيره، و اذا لم يلحقه عيب فى ابتداء ولايته فقد زال العيب فيما بعده.

و قولهم: انه قسم اكثر الولايات فى اقاربه، و زال عن طريقه الاحتياط للمسلمين، و قد كان عمر حذره من ذلك، فليس بعيب، لان توليه الاقارب كتوليه الاباعد، فى انه يحسن اذا كانوا على صفات مخصوصه، و
لو قيل ان تقديمهم اولى لم يمتنع، اذا كان المولى لهم اشد تمكنا من عزلهم، و الاستبدال بهم، و قد ولى اميرالمومنين (ع) عبدالله بن العباس البصره، و عبيدالله بن العباس اليمن، و قثم بن العباس مكه، حتى قال مالك الاشتر عند ذلك: (مجلد 3 صفحه 14( على ماذا قتلنا الشيخ امس! فيما يروى، و لم يكن ذلك بعيب اذا ادى ما وجب عليه فى اجتهاده.

فاما قولهم: انه كتب الى ابن ابى سرح حيث ولى محمد بن ابى بكر بانه يقتله و يقتل اصحابه، فقد انكر ذلك اشد انكار، حتى حلف عليه، و بين ان الكتاب الذى ظهر ليس كتابه و لا الغلام غلامه و لا الراحله راحلته، و كان فى جمله من خاطبه فى ذلك اميرالمومنين (ع)، فقبل عذره.

و ذلك بين، لان قول كل احد مقبول فى مثل ذلك، و قد علم ان الكتاب يجوز فيه التزوير، فهو بمنزله الخبر الذى يجوز فيه الكذب.

فان قيل: فقد علم ان مروان هو الذى زور الكتاب، لانه هو الذى كان يكتب عنه، فهلا اقام فيه الحد! قيل: ليس يجب بهذا القدر ان يقطع على ان مروان هو الذى فعل ذلك، لانه و ان غلب ذلك فى الظن، فلا يجوز ان يحكم به، و قد كان القوم يسومونه تسليم مروان اليهم، و ذلك ظلم، لان الواجب على الامام ان يقيم الحد على من يستحقه او التاديب، و لاي
حل له تسليمه الى غيره، فقد كان الواجب ان يثبتوا عنده ما يوجب فى مروان الحد و التاديب ليفعله به، و كان اذا لم يفعل و الحال هذه يستحق التعنيف.

و قد ذكر الفقهاء فى كتبهم ان الامر بالقتل لايوجب قودا و لا ديه و لا حدا، فلو ثبت فى مروان ما ذكروه لم يستحق القتل و ان استحق التعزير، لكنه عدل عن تعزيره، لانه لم يثبت، و قد يجوز ان يكون عثمان ظن ان هذا الفعل فعل بعض من يعادى مروان تقبيحا لامره، لان ذلك يجوز، كما يجوز ان يكون من فعله، و لايعلم كيف كان اجتهاده و ظنه! و بعد فان هذا الحدث من اجل ما نقموا عليه، فان كان شى ء من ذلك يوجب خلع عثمان و قتله، فليس الا هذا، و قد علمنا ان هذا الامر لو ثبت ما كان يوجب القتل، لان الامر بالقتل لايوجب القتل، سيما قبل وقوع القتل المامور به، فنقول لهم: لو ثبت ذلك على عثمان اكان يجب قتله! فلا يمكنهم ادعاء (مجلد 3 صفحه 15( ذلك، لانه بخلاف الدين، و لابد ان يقولوا: ان قتله ظلم، و كذلك حبسه فى الدار، و منعه من الماء، فقد كان يجب ان يدفع القوم عن كل ذلك، و ان يقال: ان من لم يدفعهم و ينكر عليهم يكون مخطئا.

و فى القول بان الصحابه اجتمعوا على ذلك كلهم تخطئه لجميع اصحاب رسول الله (ص)، و ذلك غير ج
ائز، و قد علم ايضا ان المستحق للقتل و الخلع لايحل ان يمنع الطعام و الشراب، و علم ان اميرالمومنين (ع) لم يمنع اهل الشام من الماء فى صفين، و قد تمكن من منعهم، و كل ذلك يدل على كون عثمان مظلوما، و ان ذلك من صنع الجهال، و ان اعيان الصحابه كانوا كارهين لذلك.

و ايضا فان قتله لو وجب لم يجز ان يتولاه العوام من الناس، و لا شبهه ان الذين اقدموا على قتله كانوا بهذه الصفه، و اذا صح ان قتله لم يكن لهم، فمنعهم و النكير عليهم واجب.

و ايضا فقد علم انه لم يكن من عثمان ما يستحق به القتل، من كفر بعد ايمان، او زنا بعد احصان، او قتل نفس بغير حق، و انه لو كان منه ما يوجب القتل لكان الواجب ان يتولاه الامام، فقتله على كل حال منكر، و انكار المنكر واجب.

و ليس لاحد ان يقول: انه اباح قتل نفسه، من حيث امتنع من دفع الظلم عنهم، لانه لم يمتنع من ذلك، بل انصفهم، و نظر فى حالهم، و لانه لو لم يفعل ذلك لم يحل لهم قتله، لانه انما يحل قتل الظالم اذا كان على وجه الدفع، و المروى انهم احرقوا بابه، و هجموا عليه فى منزله، و بعجوه بالسيف و المشاقص، و ضربوا يد زوجته لما وقعت عليه، و انتهبوا متاع داره، و مثل هذه القتله لاتحل فى الكافر و المرتد، فكيف يظن
ان الصحابه لم ينكروا ذلك، و لم يعدوه ظلما، حتى يقال انه مستحق من حيث لم يدفع القوم عنه! و قد تظاهر الخبر بما جرى من تجمع القوم عليه، و توسط اميرالمومنين (ع) لامرهم، و انه (مجلد 3 صفحه 16( بذل لهم ما ارادوه، و اعتبهم و اشهد على نفسه بذلك، و ان الكتاب الموجود بعد ذلك المتضمن لقتل القوم، و وقف عليه- و ممن اوقفه عليه اميرالمومنين (ع)- فحلف انه ما كتبه، و لا امر به، فقال له: فمن تتهم؟ قال: ما اتهم احدا، و ان للناس لحيلا.

و الروايه ظاهره ايضا بقوله: ان كنت اخطات او تعمدت فانى تائب و مستغفر، فكيف يجوز و الحال هذه ان تهتك فيه حرمه الاسلام و حرمه البلد الحرام! و لا شبهه فى ان القتل على وجه الغيله لايحل فيمن يستحق القتل، فكيف فيمن لايستحقه! و لولا انه كان يمنع من محاربه القوم ظنا منه ان ذلك يودى الى القتل الذريع لكثر انصاره.

و قد جاء فى الروايه ان الانصار بدات معونته و نصرته، و ان اميرالمومنين (ع) قد بعث اليه ابنه الحسن (ع)، فقال له: قل لابيك فلتاتنى، فاراد اميرالمومنين (ع) المصير اليه، فمنعه من ذلك محمد ابنه، و استعان بالنساء عليه، حتى جاء الصريخ بقتل عثمان، فمد يده الى القبله، و قال: اللهم انى ابرا اليك من دم عثما
ن.

فان قالوا: انهم اعتقدوا انه من المفسدين فى الارض، و انه داخل تحت آيه المحاربين.

قيل: فقد كان يجب ان يتولى الامام هذا الفعل، لان ذلك يجرى مجرى الحد، و كيف يدعى ذلك، و المشهور عنه انه كان يمنع من مقاتلتهم، حتى روى انه قال لعبيده و مواليه، و قد هموا بالقتال: من اغمد سيفه فهو حر! و لقد كان موثرا لنكير ذلك الامر بما لايودى الى اراقه الدماء و الفتنه، و لذلك لم يستعن باصحاب الرسول (ص) و ان كان لما اشتد الامر، اعانه من اعان، لان عند ذلك تجب النصره و المعونه، فحيث (مجلد 3 صفحه 17( كانت الحال متماسكه، و كان ينهى عن انجاده و اعانته بالحرب امتنعوا و توقفوا، و حيث اشتد الامر اعانه و نصره من ادركه، دون من لم يغلب ذلك فى ظنه.

اعترض المرتضى رحمه الله تعالى هذا الكلام، فقال: اما قوله: لم يكن عالما بحال الفسقه الذين ولاهم قبل الولايه، فلا تعويل عليه، لانه لم يول هولاء النفر الا و حالهم مشهوره فى الخلاعه و المجانه و التجرم و التهتك، و لم يختلف اثنان فى ان الوليد بن عقبه لم يستانف التظاهر بشرب الخمر و الاستخفاف بالدين على استقبال ولايته للكوفه، بل هذه كانت سنته و العاده المعروفه منه، و كيف يخفى على عثمان- و هو قريبه و لصيق
ه و اخوه لامه- من حاله ما لايخفى على الاجانب الاباعد! و لهذا قال له سعد بن ابى وقاص- فى روايه الواقدى، و قد دخل الكوفه-: يا اباوهب، امير ام زائر؟ قال: بل امير، فقال سعد: ما ادرى احمقت بعدك ام كست بعدى! قال: ما حمقت بعدى و لا كست بعدك، و لكن القوم ملكوا فاستاثروا، فقال سعد: ما اراك الا صادقا.

و فى روايه ابى مخنف لوط بن يحيى الازدى ان الوليد لما دخل الكوفه مر على مجلس عمرو بن زراره النخعى، فوقف، فقال عمرو: يا معشر بنى اسد، بئسما استقبلنا به اخوكم ابن عفان! امن عدله ان ينزع عنا ابن ابى وقاص، الهين اللين السهل القريب، و يبعث بدله اخاه الوليد، الاحمق الماجن الفاجر قديما و حديثا! و استعظم الناس مقدمه، و عزل سعد به، و قالوا: اراد عثمان كرامه اخيه بهوان امه محمد (ص) و هذا تحقيق ما ذكرناه من ان حاله كانت مشهوره قبل الولايه، لاريب فيها عند احد، فكيف (مجلد 3 صفحه 18( يقال: انه كان مستورا حتى ظهر منه ما ظهر! و فى الوليد نزل قوله تعالى: (افمن كان مومنا كمن كان فاسقا لايستوون)، فالمومن هاهنا اميرالمومنين (ع)، و الفاسق الوليد، على ما ذكره اهل التاويل.

و فيه نزل قوله تعالى: (يا ايها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبا فتبينوا
ان تصيبوا قوما بجهاله فتصبحوا على ما فعلتم نادمين)، و السبب فى ذلك انه كذب على بنى المصطلق عند رسول الله (ص)، و ادعى انهم منعوه الصدقه.

و لو قصصنا مخازيه المتقدمه و مساويه لطال بها الشرح.

و اما شربه الخمر بالكوفه و سكره، حتى دخل عليه (من دخل) و اخذ خاتمه من اصبعه، و هو لايعلم، فظاهر، و قد سارت به الركبان.

و كذلك كلامه فى الصلاه، و التفاته الى من يقتدى به فيها و هو سكران، و قوله لهم: ا ازيدكم؟ فقالوا: لا، قد قضينا صلواتنا، حتى قال الحطيئه فى ذلك: شهد الحطيئه يوم يلقى ربه ان الوليد احق بالعذر (مجلد 3 صفحه 19( نادى و قد نفدت صلاتهم اازيدكم- ثملا- و ما يدرى ليزيدهم خيرا و لو قبلوا منه لقادهم على عشر فابوا اباوهب و لو فعلوا لقرنت بين الشفع و الوتر حبسوا عنانك اذ جريت و لو خلوا عنانك لم تزل تجرى.

و قال فيه ايضا: تكلم فى الصلاه و زاد فيها علانيه و جاهر بالنفاق و مج الخمر فى سنن المصلى و نادى و الجميع الى افتراق ازيدكم على ان تحمدونى فما لكم و ما لى من خلاق.

و اما قوله: انه جلده الحد و عزله، فبعد اى شى ء كان ذلك، و لم يعزله الا بعد ان دافع و مانع، و احتج عنه و ناضل! و لو لم يقهره ام
يرالمومنين (ع) على رايه لما عزله، و لاامكن من جلده.

و قد روى الواقدى ان عثمان لما جاءه الشهود يشهدون على الوليد بشرب الخمر اوعدهم و تهددهم.

قال الواقدى: و يقال انه ضرب بعض الشهود ايضا اسواطا، فاتوا اميرالمومنين (ع)، فشكوا اليه، فاتى عثمان، فقال: عطلت الحدود، و ضربت قوما شهدوا على اخيك، فقلبت الحكم، و قد قال لك عمر: لاتحمل بنى اميه و آل ابى معيط على رقاب الناس! قال: فما ترى؟ قال: ارى ان تعزله و لاتوليه شيئا من امور المسلمين، و ان تسال عن الشهود، فان لم يكونوا اهل ظنه و لا عداوه، اقمت على صاحبك الحد.

و تكلم فى مثل ذلك طلحه و الزبير و عائشه، و قالوا اقوالا شديده، و اخذته الالسن من كل جانب، فحينئذ عزله، و مكن من اقامه الحد عليه.

(مجلد 3 صفحه 20( و قد روى الواقدى ان الشهود لما شهدوا عليه فى وجهه، و اراد عثمان ان يحده البسه جبه خز، و ادخله بيتا، فجعل اذا بعث اليه رجلا من قريش ليضربه، قال له الوليد: انشدك الله ان تقطع رحمى و تغضب اميرالمومنين! فلما راى على (ع) ذلك، اخذ السوط و دخل عليه، فجلده به.

فاى عذر لعثمان فى عزله و جلده بعد هذه الممانعه الطويله، و المدافعه الشديده! و قصه الوليد- مع الساحر الذى كان يلعب بين
يديه، و يغر الناس بمكره و خديعته، و ان جندب بن عبدالله الازدى امتعض من ذلك و دخل عليه فقتله، و قال له: احى نفسك ان كنت صادقا، و ان الوليد اراد ان يقتل جندبا بالساحر، حتى انكر الازد ذلك عليه، فحبسه و طال حبسه حتى هرب من السجن- معروفه مشهوره.

فان قيل: فقد ولى رسول الله (ص) الوليد بن عقبه هذا صدقه بنى المصطلق، و ولاه عمر صدقه تغلب، فكيف تدعون ان حاله فى انه لايصلح للولايه ظاهره! قلنا: لا جرم، انه غر رسول الله (ص)، و كذب على القوم حتى نزلت فيه الايه التى قدمنا ذكرها، فعزله.

و ليس خطب ولايه الصدقه مثل خطب ولايه الكوفه، فاما عمر فانه لما بلغه قوله: اذا ما شددت الراس منى بمشوذ فويلك منى تغلب ابنه وائل عزله.

و اما عزل اميرالمومنين (ع) بعض امرائه لما ظهر من الحدث كالقعقاع ابن شور و غيره، و كذلك عزل عمر قدامه بن مظعون لما شهد عليه بشرب الخمر، و جلده له، فانه لايشبه ما تقدم، لان كل واحد ممن ذكرناه لم يول الا من هو حسن الظاهر عنده و عند الناس، غير معروف باللعب و لا مشهور بالفساد.

ثم لما ظهر منه ما ظهر (مجلد 3 صفحه 21( لم يحام عنه و لاكذب الشهود عليه و كابرهم، بل عزله مختارا غير مضطر، و كل هذا لم يجر فى امراء عثمان

/ 614