مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
يجتمع اعتقادان متضادان في قلب واحد و قال أبو عبد الله (ع) ما جعل الله لرجل منقلبين في جوفه يحب بهذا قوما و يحب بهذاأعداءهم و اختلف العلماء في أنه هل يجوز أن يكونلإنسان واحد قلبان فمنع بعضهم من ذلك و قالإن ذلك يؤدي إلى أن لا ينفصل إنسان منإنسانين لأنه يصح أن يريد بأحد قلبيه مايكرهه بالقلب الآخر فيصير كشخصين و جوزبعضهم ذلك و قال كما أن الإنسان الواحديجوز أن يكون له قلب كثير الأجزاء و يمتنعأن يريد ببعض الأجزاء ما يكرهه البعضالآخر لأن الإرادة و الكراهة و إن وجدتا فيجزئين من القلب فالحالتان الصادرتانعنهما يرجعان إلى الجملة و هي جملة واحدةفاستحال اجتماع معنيين ضدين في حي واحد ويجوز أن يكون معنيان مختلفان أو مثلان فيجزئين من القلب و يوجبان الصفتين للحيالواحد فكذلك القياس إذا كان المعنيان فيقلبين إذا كان ما يوجد فيهما يرجع إلى حيواحد إلا أن السمع ورد بالمنع من ذلك «وَما جَعَلَ أَزْواجَكُمُ اللَّائِيتُظاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهاتِكُمْ»يقال ظاهر من امرأته و تظاهر و تظهر و هو أنيقول لها أنت علي كظهر أمي و كانت العربتطلق نساءها في الجاهلية بهذا اللفظ فلماجاء الإسلام نهوا عنه و أوجبت الكفارة علىمن ظاهر من امرأته و سنذكره في سورةالمجادلة و المعنى أن الله تعالى أعلمناأن الزوجة لا تصير أما فقال و ما جعلنساءكم اللائي تقولون هن علينا كظهرأمهاتنا أمهاتكم لأن أمهاتكم على الحقيقةهن اللائي ولدنكم و أرضعنكم «وَ ما جَعَلَأَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ» الأدعياءجمع الدعي و هو الذي يتبناه الإنسان بينسبحانه أنه ليس بابن على الحقيقة و نزلت في زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي منبني عبد ود تبناه النبي (ص) قبل الوحي و كانقد وقع عليه السبي فاشتراه رسول الله (ص)بسوق عكاظ فلما نبئ رسول الله (ص) دعاه إلىالإسلام فأسلم فقدم أبو حارثة مكة و أتىأبا طالب و قال سل ابن أخيك فأما أن يبيعه وإما أن يعتقه فلما قال ذلك أبو طالب لرسولالله قال هو حر فليذهب حيث شاء فأبى زيد أنيفارق رسول الله (ص) فقال حارثة يا معشرقريش اشهدوا أنه ليس ابني فقال رسول الله(ص) اشهدوا أنه ابني يعني زيدا فكان يدعي زيد بن محمد فلماتزوج النبي (ص) زينب بنت جحش فكانت تحت زيدبن حارثة قالت اليهود و المنافقون تزوجمحمد امرأة ابنه و هو ينهى الناس عنها فقالالله سبحانه ما جعل الله من تدعونه ولدا وهو ثابت النسب من غيركم ولدا لكم «ذلِكُمْقَوْلُكُمْ بِأَفْواهِكُمْ» أي أن قولكمالدعي ابن الرجل شيء تقولونه بألسنتكملا حقيقة له عند الله تعالى «وَ اللَّهُيَقُولُ الْحَقَّ» الذي يلزم اعتقاده و لهحقيقة و هو أن الزوجة لا تصير بالظهار أماو الدعي لا يصير بالتبني ابنا «وَ هُوَيَهْدِي السَّبِيلَ» أي يرشد إلى طريقالحق و يدل عليه «ادْعُوهُمْلِآبائِهِمْ» الذين ولدوهم و انسبوهمإليهم أو إلى من ولدوا على فراشهم