مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
الْأَحْزابَ» أي و لما عاين المصدقونبالله و رسوله الجماعة التي تحزبت علىقتال النبي (ص) مع كثرتهم «قالُوا هذا ماوَعَدَنَا اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ» اختلف فيمعناه على قولين (أحدهما) أن النبي (ص) كانقد أخبرهم أنه يتظاهر عليهم الأحزاب ويقاتلونهم و وعدهم الظفر بهم فلما رأوهمتبين لهم مصداق قوله و كان ذلك معجزا له«وَ ما زادَهُمْ» مشاهدة عدوهم «إِلَّاإِيماناً» أي تصديقا بالله و رسوله «وَتَسْلِيماً» لأمره عن الجبائي (و الآخر) أنالله تعالى وعدهم في سورة البقرة بقوله«أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُواالْجَنَّةَ وَ لَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُالَّذِينَ خَلَوْا» إلى قوله «إِنَّنَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ» ما سيكون منالشدة التي تلحقهم من عدوهم فلما رأواالأحزاب يوم الخندق قالوا هذه المقالةعلما منهم أنه لا يصيبهم إلا ما أصابالأنبياء و المؤمنين قبلهم و زادهم كثرةالمشركين تصديقا و يقينا و ثباتا في الحربعن قتادة و غيره «مِنَ الْمُؤْمِنِينَرِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَعَلَيْهِ» أي بايعوا أن لا يفروا فصدقوافي لقائهم العدو «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىنَحْبَهُ» أي مات أو قتل في سبيل اللهفأدرك ما تمنى فذلك قضاء النحب و قيل قضىنحبه معناه فرغ من عمله و رجع إلى ربه يعنيمن استشهد يوم أحد عن محمد بن إسحاق و قيلمعناه قضى أجله على الوفاء و الصدق عنالحسن و قال ابن قتيبة أصل النحب النذر وكأن قوما نذروا إن يلقوا العدو أن يقاتلواحتى يقتلوا أو يفتح الله فقتلوا فقيل فلانقضى نحبه إذا قتل و روي عن أنس بن مالك أنعمه غاب عن قتال بدر فقال غبت عن أول قتالقاتله رسول الله مع المشركين لئن أرانيالله قتالا للمشركين ليرين الله ما أصنعفلما كان يوم أحد انكشف المسلمون فقالاللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعنيالمسلمين و أبرأ إليك مما جاء به هؤلاءيعني المشركين ثم تقدم فلقيه سعد دون أحدفقال أنا معك قال سعد فلم أستطع أن أصنع ماصنع فوجد فيه بضع و ثمانون ما بين ضربةبسيف و طعنة برمح و رمية بسهم كنا نقول فيهو في أصحابه نزلت «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىنَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ»رواه البخاري في الصحيح عن محمد بن سعيدالخزامي عن عبد الأعلى عن حميد بن أنس وقال ابن إسحاق «فَمِنْهُمْ مَنْ قَضىنَحْبَهُ» من استشهد يوم بدر و أحد «وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ» ما وعد الله مننصرة أو شهادة على ما مضى عليه أصحابه «وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا» أي ما غيرواالعهد الذي عاهدوا ربهم كما غير المنافقونقال ابن عباس «مَنْ قَضى نَحْبَهُ» حمزةبن عبد المطلب و من قتل معه و أنس بن النضرو أصحابه و قال الكلبي ما بدلوا العهدبالصبر و لا نكثوه بالفرار و روي الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالإسنادعن عمرو بن ثابت عن أبي إسحاق عن علي (ع) قالفينا نزلت «رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوااللَّهَ عَلَيْهِ» فأنا و الله المنتظر وما بدلت تبديلا «لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَبِصِدْقِهِمْ» أي صدق المؤمنون في عهودهمليجزيهم الله بصدقهم «وَ يُعَذِّبَ