مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
طَيِّبَةٌ» أي هذه بلدة مخصبة نزهة أرضهاعذبة تخرج النبات و ليست بسبخة و ليس فيهاشيء من الهوام المؤذية قيل أراد به صحةهواها و عذوبة مائها و سلامة تربتها و أنهليس فيها حر يؤذي في القيظ و لا برد يؤذي فيالشتاء «وَ رَبٌّ غَفُورٌ» أي كثيرالمغفرة للذنوب «فَأَعْرَضُوا» عن الحق ولم يشكروا الله سبحانه و لم يقبلوا مندعاهم إلى الله من أنبيائه «فَأَرْسَلْناعَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ» و ذلك أنالماء كان يأتي أرض سبإ من أودية اليمن وكان هناك جبلان يجتمع ماء المطر و السيولبينهما فسدوا ما بين الجبلين فإذا احتاجواإلى الماء نقبوا السد بقدر الحاجة فكانوايسقون زروعهم و بساتينهم فلما كذبوا رسلهمو تركوا أمر الله بعث الله جرذا نقبت ذلكالردم و فاض الماء عليهم فأغرقهم عن وهب وقد مر تفسير العرم و قال ابن الأعرابيالعرم السيل الذي لا يطاق «وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ» اللتينفيهما أنواع الفواكه و الخيرات«جَنَّتَيْنِ» أخراوين سماها جنتينلازدواج الكلام كما قال وَ مَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ فَمَنِ اعْتَدىعَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ«ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَ أَثْلٍ» أيصاحبتي أكل و هو اسم لثمر كل شجرة و ثمرالخمط البرير قال ابن عباس و الخمط هوالأراك و قيل هو شجر الغضا و قيل هو كل شجرله شوك و الأثل الطرفاء عن ابن عباس و قيلضرب من الخشب عن قتادة و قيل هو السمر «وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ» يعني. أنالأثل و الخمط كانا أكثر فيهما من السدر وهو النبق قال قتادة كان شجرهم خير شجرفصيره الله شر شجر بسوء أعمالهم «ذلِكَ»أي ما فعلنا بهم «جَزَيْناهُمْ بِماكَفَرُوا» أي بكفرهم «وَ هَلْ نُجازِي»بهذا الجزاء «إِلَّا الْكَفُورَ» الذييكفر نعم الله و قد استدل الخوارج بهذا علىأن مرتكب الكبيرة كافر و هذا الاستدلالغير سديد من حيث إنه سبحانه إنما بين بذلكأنه لا يجازي بهذا النوع من العذاب الذي هوالاستئصال إلا الكافر و يجوز أن يعذبالفاسق بغير ذلك العذاب و قيل إن معناه هلنجازي بجميع سيئاته إلا الكافر لأن المؤمنقد يكفر عنه بعض سيئاته و قيل إن المجازاةمن التجازي و هو التقاضي أي لا يقتضي و لايرتجع ما أعطي إلا الكافر و إنهم لما كفرواالنعمة اقتضوا ما أعطوا أي ارتجع منهم عنأبي مسلم «وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بارَكْنا فِيهاقُرىً ظاهِرَةً» أي و قد كان من قصتهم أناجعلنا بينهم و بين قرى الشام التي باركنافيها بالماء و الشجر قرى متواصلة و كانمتجرهم من أرض اليمن إلى الشام و كانوايبيتون بقرية و يقيلون بأخرى حتى يرجعوا وكانوا لا يحتاجون إلى زاد من وادي سبإ إلىالشام و معنى الظاهرة أن الثانية كانت ترىمن الأولى لقربها منها «وَ قَدَّرْنافِيهَا السَّيْرَ» أي جعلنا السير منالقرية إلى القرية مقدارا واحدا نصف يوم وقلنا لهم «سِيرُوا فِيها» أي في تلك القرى«لَيالِيَ وَ أَيَّاماً» أي ليلا شئتمالمسير أو نهارا «آمِنِينَ» من الجوع والعطش و التعب و من السباع و كل المخاوف وفي هذا إشارة إلى تكامل