مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
«وَ هُمْ فِي الْغُرُفاتِ» أي في غرفالجنة و هي البيوت فوق الأبنية «آمِنُونَ»فيها لا يخافون شيئا مما يخاف مثله في دارالدنيا من الموت و الغير و الآفات والأحزان «وَ الَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيآياتِنا» أي يجتهدون في إبطال آياتنا وتكذيبها «مُعاجِزِينَ» لأنبيائنا ومعاجزين أي مثبطين غيرهم عن أفعال البر«أُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَقُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَلِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُلَهُ» مر تفسيره و إنما كرره سبحانهلاختلاف الفائدة فالأول توبيخ للكافرين وهم المخاطبون به و الثاني وعظ للمؤمنينفكأنه قال ليس إغناء الكفار و إعطاؤهمبدلالة على كرامتهم و سعادتهم بل يزيدهمذلك عقوبة و إغناء المؤمنين يجوز أن يكونزيادة في سعادتهم بأن ينفقوها في سبيلالله و يدل على ذلك قوله «وَ ماأَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَيُخْلِفُهُ» أي و ما أخرجتم من أموالكم فيوجوه البر فإنه سبحانه يعطيكم خلفه و عوضهإما في الدنيا بزيادة النعمة و إما فيالآخرة بثواب الجنة يقال أخلف الله له وعليه إذا أبدل له ما ذهب عنه «وَ هُوَخَيْرُ الرَّازِقِينَ» لأنه يعطي لمنافععباده لا لدفع ضرر أو جر نفع لاستحالةالمنافع و المضار عليه و قال الكلبي ماتصدقتم به في خير فهو يخلفه أما أن يجعلهلكم في الدنيا أو يدخر لكم في الآخرة و روى أبو هريرة عن النبي (ص) قال قال الله عزو جل لي أنفق أنفق عليك و روى أنس بن مالك عن النبي (ص) قال يناديمناد كل ليلة لدوا للموت و ينادي منادابنوا للخراب و ينادي مناد اللهم هبللمنفق خلفا و ينادي مناد اللهم هب للممسكتلفا و ينادي مناد ليت الناس لم يخلقوا وينادي مناد ليتهم إذ خلقوا فكروا فيما لهخلقوا و عن جابر عن النبي (ص) قال كل معروف صدقة وما وقى به الرجل عرضه فهو صدقة و ما أنفقالمؤمن من نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلاما كان من نفقة في بنيان أو معصية و عن أبي أمامة قال إنكم تؤولون هذه الآيةفي غير تأويلها «وَ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْشَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ» و قد سمعترسول الله (ص) يقول و إلا فصمتا إياكم والسرف في المال و النفقة و عليكمبالاقتصاد فما افتقر قوم قط اقتصدوا ثم قال سبحانه «وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْجَمِيعاً» يعني يوم القيامة يجمعالعابدين لغير الله و المعبودين منالملائكة للحساب «ثُمَّ يَقُولُلِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ» الكفار«إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ» أيكانوا يعبدونكم و يقصدونكم بالعبادة و علىهذا وجه التقرير و الاستشهاد للملائكة علىاعتقادات الكفار حتى تتبرأ الملائكة منهمو من عبادتهم كما قال سبحانه. أَ أَنْتَقُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّيإِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ.النظم
وجه اتصال هذه الآية بما قبلها أنهم لماقالوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً بين أن دعواهم مردودة و أنهممعذبون محجوجون.