مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
حسن الصوت عن الزهري و ابن جريج و قيل هوالملاحة في العينين عن قتادة و روى أبو هريرة عن النبي (ص) قال هو الوجهالحسن و الصوت الحسن و الشعر الحسن «إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍقَدِيرٌ» لا شيء إلا و هو قادر عليهبعينه أو قادر على مثله ثم بين سبحانهأنعامه على خلقه فقال «ما يَفْتَحِاللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلامُمْسِكَ لَها» أي ما يأتيهم به من مطر أوعافية أو أي نعمة شاء فإن أحدا لا يقدر علىإمساكه «وَ ما يُمْسِكْ» من ذلك «فَلامُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ» أي فإن أحدالا يقدر على إرساله و قيل معناه ما يرسلالله من رسول إلى عباده في وقت دون وقت فلامانع له لأن إرسال الرسول رحمة من الله كماقال «وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةًلِلْعالَمِينَ» و ما يمسكه في زمان الفترةأو عمن يقترحه من الكفار فلا مرسل له عنالحسن و اللفظ محتمل للجميع «وَ هُوَالْعَزِيزُ» أي القادر الذي لا يعجز«الْحَكِيمُ» في أفعاله أن أنعم و أن أمسكلأنه يفعل ما تقتضيه الحكمة ثم خاطبالمؤمنين فقال «يا أَيُّهَا النَّاسُاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ»الظاهرة و الباطنة التي من جملتها أنهخلقكم و أوجدكم و أحياكم و أقدركم و شهاكمو خلق لكم أنواع الملاذ و المنافع «هَلْمِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْمِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ» هذااستفهام تقرير لهم و معناه النفي ليقروابأنه لا خالق إلا الله يرزق من السماءبالمطر و من الأرض بالنبات و هل يجوز إطلاقلفظ الخالق على غير الله سبحانه فيه وجهان(أحدهما) أنه لا تطلق هذه اللفظة على أحدسواه و إنما يوصف به غيره على جهة التقييدو إن جاز إطلاق لفظ الصانع و الفاعل نحوهماعلى غيره (و الآخر) أن المعنى لا خالق يرزقو يخلق الرزق إلا الله تعالى «لا إِلهَإِلَّا هُوَ» أي لا معبود يستحق العبادةسواه سبحانه «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» أيكيف تصرفون عن طريق الحق إلى الضلال و قيلمعناه أنى يعدل بكم عن هذه الأدلة التيأقمتها لكم على التوحيد مع وضوحها ثم سلىسبحانه نبيه (ص) عن تكذيب قومه إياه فقال«وَ إِنْ يُكَذِّبُوكَ» يا محمد «فَقَدْكُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَ إِلَىاللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» فيجازي منكذب رسله و ينصر من كذب من رسله ثم خاطبالخلق فقال «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّوَعْدَ اللَّهِ» من البعث و النشور والجنة و النار و الجزاء و الحساب «حَقٌّ»صدق كائن لا محالة «فَلا تَغُرَّنَّكُمُالْحَياةُ الدُّنْيا» فتغترون بملاذها ونعيمها و لا يخدعنكم حب الرياسة و طولالبقاء فإن ذلك عن قليل نافد بائد و يبقىالوبال و الوزر «وَ لا يَغُرَّنَّكُمْبِاللَّهِ الْغَرُورُ» و هو الذي عادته أنيغر غيره و الدنيا و زينتها بهذه الصفة لأنالخلق يغترون بها و قيل أن الغرور الشيطانالذي هو إبليس عن الحسن و مجاهد.