مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
هو التوراة عن أبي مسلم و قيل أراد الكتبلأن الكتاب يطلق و يراد به الجنس عنالجبائي و الصحيح الأول لأن ظاهر لفظالكتاب لا يطلق إلا على القرآن «الَّذِينَاصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا» أي اخترناهمو معنى الإرث انتهاء الحكم إليهم و مصيرهلهم كما قال وَ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِيأُورِثْتُمُوها و قيل معناه أورثناهمالإيمان بالكتب السالفة إذ الميراثانتقال الشيء من قوم إلى قوم و الأول أصحو اختلف في الذين اصطفاهم الله تعالى عنعباده في الآية فقيل هم الأنبياء اختارهمالله برسالته و كتبه عن الجبائي و قيل همالمصطفون الداخلون في قوله إِنَّ اللَّهَاصْطَفى آدَمَ إلى قوله وَ آلَإِبْراهِيمَ وَ آلَ عِمْرانَ يريد بنيإسرائيل عن أبي مسلم قال لأن الأنبياء لايرثون الكتب بل يورث علمهم و قيل هم أمةمحمد (ص) أورثهم الله كل كتاب أنزله عن ابنعباس و قيل هم علماء أمة محمد (ص) لما وردفي الحديث العلماء ورثة الأنبياء و المروي عن الباقر و الصادق (ع) أنهما قالا هي لناخاصة و إيانا عنى و هذا أقرب الأقوال لأنهم أحق الناس بوصفالاصطفاء و الاجتباء و إيراث علم الأنبياءإذ هم المتعبدون بحفظ القرآن و بيانحقائقه و العارفون بجلائله و دقائقه«فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌبِالْخَيْراتِ» اختلف في أن الضمير فيمنهم إلى من يعود على قولين (أحدهما) أنهيعود إلى العباد و تقدير الكلام فمنالعباد ظالم و روي نحو ذلك عن ابن عباس والحسن و قتادة و اختاره المرتضى قدس اللهروحه من أصحابنا قال و الوجه فيه أنه لماعلق توريث الكتاب بمن اصطفاه من عباده بينعقيبه أنه إنما علق وراثة الكتاب ببعضالعباد دون بعض لأن فيهم من هو ظالم لنفسهو من هو مقتصد و من هو سابق بالخيرات (والقول الثاني) أن الضمير يعود إلىالمصطفين من العباد عن أكثر المفسرين ثماختلف في أحوال الفرق الثلاث على قولين(أحدهما) إن جميعهم ناج و يؤيد ذلك ما وردفي الحديث عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله(ص) يقول في الآية أما السابق فيدخل الجنةبغير حساب و أما المقتصد فيحاسب حسابايسيرا و أما الظالم لنفسه فيحبس في المقامثم يدخل الجنة فهم الذين قالوا «الْحَمْدُلِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّاالْحَزَنَ» و عن عائشة أنها قالت كلهم في الجنة أماالسابق فمن مضى على عهد رسول الله (ص) و شهدله رسول الله (ص) بالجنة و أما المقتصد فمناتبع أثره من أصحابه حتى لحق بهم و أماالظالم فمثلي و مثلكم و روي عنها أيضا أنهاقالت السابق الذي أسلم قبل الهجرة والمقتصد الذي أسلم بعد الهجرة و الظالمنحن و روي عن عمر بن الخطاب أنه قال سابقناسابق و مقتصدنا ناج و ظالمنا مغفور له وقيل إن الظالم من كان ظاهره خيرا من باطنهو المقتصد الذي استوى ظاهره و باطنه والسابق الذي باطنه خير من ظاهره و قيل منهمظالم لنفسه بالصغائر و منهم مقتصدبالطاعات في الدرجة الوسطى و منهم سابقبالخيرات في الدرجة العليا عن جعفر بن حربو روى أصحابنا عن ميسر بن عبد العزيز عنالصادق (ع) أنه قال