مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
«لَيَكُونُنَّ أَهْدى» إلى قبول قوله واتباعه «مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ» الماضيةيعني اليهود و النصارى و الصابئين«فَلَمَّا جاءَهُمْ نَذِيرٌ» محمد (ص) «مازادَهُمْ» مجيئه «إِلَّا نُفُوراً» أيتباعدا عن الهدى و هربا من الحق و المعنىأنهم ازدادوا عند مجيئه نفورا«اسْتِكْباراً» أي تكبرا و تجبرا و عتواعلى الله و أنفة من أن يكونوا تبعا لغيرهم«فِي الْأَرْضِ وَ مَكْرَ السَّيِّئِ» أيو قصد الضرر بالمؤمنين و المكر السيئ كلمكر أصله الكذب و الخديعة و كان تأسيسه علىفساد لأن من المكر ما هو حسن و هو مكرالمؤمنين بالكافرين إذا حاربوهم من الوجهالذي يحسن أن يمكروا بهم فالمراد به هاهناالمكر برسول الله (ص) و بأهل دينه و أضيفالمصدر إلى صفة المصدر فالتقدير و مكرواالمكر السيئ بدلالة قوله «وَ لا يَحِيقُالْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّابِأَهْلِهِ» و المعنى لا ينزل جزاء المكرالسيئ إلا بمن فعله «فَهَلْ يَنْظُرُونَإِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ» أي فهلينتظرون إلا عادة الله تعالى في الأممالماضية أن يهلكهم إذا كذبوا رسله و ينزلبهم العذاب و يحل عليهم النقمة جزاء علىكفرهم و تكذيبهم فإن كانوا ينتظرون ذلك«فَلَنْ تَجِدَ» يا محمد «لِسُنَّتِاللَّهِ تَبْدِيلًا» أي لا يغير اللهعادته من عقوبة من كفر نعمته و جحد ربوبيتهو لا يبدلها «وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِاللَّهِ تَحْوِيلًا» فالتبديل تصييرالشيء مكان غيره و التحويل تصيير الشيءفي غير المكان الذي كان فيه و التغييرتصيير الشيء على خلاف ما كان «أَ وَ لَمْيَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ» أي أ لم يسرهؤلاء [الكفار] الذين أنكروا إهلاك اللهالأمم الماضية في الأرض «فَيَنْظُرُواكَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْقَبْلِهِمْ» أي كيف أهلك الله المكذبين منقبلهم مثل قوم لوط و عاد و ثمود فيعتبروابهم «وَ كانُوا» و كان أولئك «أَشَدَّمِنْهُمْ» أي من هؤلاء «قُوَّةً وَ ماكانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْشَيْءٍ» أي لم يكن الله يفوته شيء «فِيالسَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُكانَ عَلِيماً» بجميع الأشياء «قَدِيراً»على ما لا نهاية له ثم من سبحانه على خلقهبتأخيره العقاب عنهم فقال «وَ لَوْيُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِماكَسَبُوا» من الشرك و التكذيب لعجل لهمالعقوبة و هو قوله «ما تَرَكَ عَلىظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ» و الضمير عائدإلى الأرض و إن لم يجر لها ذكر لدلالةالكلام على ذلك و العلم الحاصل به «وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍمُسَمًّى» و الآية مفسرة في سورة النحل«فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَكانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً» أي هو بصيربمكانهم فيؤاخذهم حيث كانوا و قيل بصيرابأعمالهم فيجازيهم عليها.