مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
بحدودها في مواقيتها «إِنَّ الصَّلاةَتَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ» في هذا دلالة على أن فعلالصلاة لطف للمكلف في ترك القبيح والمعاصي التي ينكرها العقل و الشرع فإنانتهى عن القبيح يكون توفيقا و إلا فقد أتىالمكلف من قبل نفسه و قيل إن الصلاة بمنزلةالناهي بالقول إذا قال لا تفعل الفحشاء والمنكر و ذلك لأن فيها التكبير و التسبيح والتهليل و القراءة و الوقوف بين يدي اللهتعالى و غير ذلك من صنوف العبادة و كل ذلكيدعو إلى شكله و يصرف عن ضده فيكون مثلالأمر و النهي بالقول و كل دليل مؤد إلىالمعرفة بالحق فهو داع إليه و صارف عنالباطل الذي هو ضده و قيل معناه أن الصلاةتنهي صاحبها عن الفحشاء و المنكر ما دامفيها و قيل معناه أنه ينبغي أن تنهاه كقولهوَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً و قال ابنعباس في الصلاة منهي و مزدجر عن معاصي اللهفمن لم تنهه صلاته عن المعاصي لم يزدد منالله إلا بعدا و قال الحسن و قتادة من لمتنهه صلاته عن الفحشاء و المنكر فليستصلاته بصلاة و هي وبال عليه و روي أنس بن مالك الجهني عن النبي (ص) قالإنه من لم تنهه صلاته عن الفحشاء و المنكرلم يزدد من الله إلا بعدا و روي عن ابن مسعود أيضا عن النبي (ص) أنه قاللا صلاة لمن لم يطع الصلاة و طاعة الصلاةأن ينتهي عن الفحشاء و المنكر و معنى ذلك أن الصلاة إذا كانت ناهية عنالمعاصي فمن أقامها ثم لم ينته عن المعاصيلم تكن صلاته بالصفة التي وصفها الله بهافإن تاب من بعد ذلك و ترك المعاصي فقد تبينأن صلاته كانت نافعة له ناهية و إن لم ينتهإلا بعد زمان و روي أنس أن فتى من الأنصار كان يصليالصلاة مع رسول الله (ص) و يرتكب الفواحشفوصف ذلك لرسول الله (ص) فقال إن صلاتهتنهاه يوما و عن جابر قال قيل لرسول الله (ص) إن فلانايصلي بالنهار و يسرق بالليل فقال إن صلاتهلتردعه و روى أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال من أحبأن يعلم أ قبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر هلمنعته صلاته عن الفحشاء و المنكر فبقدر مامنعته قبلت منه «وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ» أي ولذكر الله إياكم برحمته أكبر من ذكركمإياه بطاعته عن ابن عباس و سلمان و ابنمسعود و مجاهد و قيل معناه ذكر العبد لربهأكبر مما سواه و أفضل من جميع أعماله عنسلمان في رواية أخرى و ابن زيد و قتادة وروي ذلك عن أبي الدرداء و على هذا فيكونتأويله أن أكبر شيء في النهي عن الفحشاءذكر العبد ربه و أوامره و نواهيه و ما أعدهمن الثواب و العقاب فإنه أقوى لطف يدعو إلىالطاعة و ترك المعصية و هو أكبر من كل لطف وقيل معناه ذكر الله العبد في الصلاة أكبرمن الصلاة عن أبي مالك و قيل إن ذكر الله هوالتسبيح و التقديس و التهليل و هو أكبر وأحرى بأن ينهى عن الفحشاء و المنكر عنالفراء أي من كان ذاكرا لله فيجب أن ينهاهذكره عن الفحشاء و المنكر و روي عن ثابتالبناني قال إن رجلا أعتق أربع رقاب فقالرجل آخر سبحان الله و الحمد لله