مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
اختلف فيها أيضا على وجوه (أحدها) أنهاالملائكة تزجر الخلق عن المعاصي زجرا عنالسدي و مجاهد و على هذا فإنه يوصل اللهمفهومه إلى قلوب العباد كما يوصل مفهومإغواء الشيطان إلى قلوبهم ليصح التكليف (وثانيها) أنها الملائكة الموكلة بالسحابتزجرها و تسوقها عن الجبائي (و ثالثها)أنها زواجر القرآن و آياته الناهية عنالقبائح عن قتادة (و رابعها) أنهم المؤمنونيرفعون أصواتهم عند قراءة القرآن لأنالزجرة الصيحة عن أبي مسلم«فَالتَّالِياتِ ذِكْراً» اختلف فيهاأيضا على أقوال (أحدها) أنها الملائكة تقرأكتب الله تعالى و الذكر الذي ينزل علىالموحى إليه عن مجاهد و السدي (و ثانيها)أنها الملائكة تتلو كتاب الله الذي كتبهلملائكته و فيه ذكر الحوادث فتزداد يقينابوجود المخبر على وفق الخبر (و ثالثها)جماعة قراء القرآن من المؤمنين يتلونه فيالصلاة عن أبي مسلم و إنما لم يقلفالتاليات تلوا كما قال «فَالزَّاجِراتِزَجْراً» لأن التالي قد يكون بمعنى التابعو منه قوله وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها فلماكان اللفظ مشتركا بينه بما يزيل الإبهام«إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ» و هذه أقسامأقسم الله تعالى بها أنه واحد ليس له شريكثم اختلف في مثل هذه الأقسام فقيل أنهاأقسام بالله تعالى على تقدير و رب الصافاتو رب الزاجرات و رب التين و الزيتون لأن فيالقسم تعظيما للمقسم به و لأنه يجب علىالعباد أن لا يقسموا إلا بالله تعالى إلاأنه حذف لأن حجج العقول دالة على المحذوفعن الجبائي و القاضي و قيل بل أقسم اللهسبحانه بهذه الأشياء و إنما جاز ذلك لأنهينبئ عن تعظيمها بما فيها من الدلالة علىتوحيده و صفاته العلى فله سبحانه أن يقسمبما شاء من خلقه و ليس لخلقه أن يقسموا إلابه ثم قال سبحانه «رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» أي خالقهما و مدبرهما «وَ مابَيْنَهُما» من سائر الأجناس من الحيوان والنبات و الجماد «وَ رَبُّ الْمَشارِقِ» وهي مشارق الشمس أي مطالعها بعدد أيامالسنة ثلاثمائة و ستون مشرقا و المغاربمثل ذلك تطلع الشمس كل يوم من مشرق و تغربفي مغرب عن ابن عباس و السدي و إنما خصالمشارق بالذكر لأن الشروق قبل الغروب«إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا»يعني التي هي أقرب السماوات إلينا و إنماخصها بالذكر لاختصاصها بالمشاهدة«بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ» أي بحسنها وضوئها و التزيين تحسين الشيء و جعله علىصورة تميل إليها النفس فالله سبحانه زينالسماء على وجه تمتع الرائي لها و في ذلكأعظم النعمة على العباد مع ما لهم منالمنفعة بالتفكير فيها و الاستدلال بهاعلى صانعها «وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّشَيْطانٍ» أي و حفظناها من كل شيطان«مارِدٍ» أي خبيث خال من الخير متمرد والمعنى و حفظناها من دنو كل شيطانللاستماع فإنهم كانوا يسترقون السمع ويستمعون إلى كلام الملائكة و يقولون ذلكإلى ضعفة الجن و كانوا يوسوسون بها في قلوبالكهنة