مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
الموت فهو سقيم و إن لم يكن به سقم فيالحال و ما روي أن إبراهيم (ع) كذب ثلاثكذبات قوله «إِنِّي سَقِيمٌ» و قوله بَلْفَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا و قوله في سارةأنها أختي فيمكن أن يحمل أيضا علىالمعاريض أي سأسقم و فعله كبيرهم على ماذكرناه في موضعه و سارة أخته في الدين و قدورد في الخبر إن في المعاريض لمندوحة عنالكذب و المعاريض أن يقول الرجل شيئا يقصدبه غيره و يفهم عنه غير ما يقصده و لا يكونذلك كذبا فإن الكذب قبيح بعينه و لا يجوزذلك على الأنبياء لأنه يرفع الثقة بقولهمجل أمناء الله تعالى و أصفياؤه عن ذلك وقوله «فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ»إخبار عن قومه أنهم لما سمعوا قوله«إِنِّي سَقِيمٌ» تركوه و أعرضوا عنه وخرجوا إلى عيدهم «فَراغَ إِلىآلِهَتِهِمْ» معناه فمال إلى أصنامهمالتي كانوا يدعونها آلهة «فَقالَ أَ لاتَأْكُلُونَ» خاطبها و إن كانت جمادا علىوجه التهجين لعابديها و تنبيههم على أن منلا يتكلم و لا يقدر على الجواب كيف تصحعبادتها و كانوا صنعوا للأصنام طعاماتقربا إليها و تبركا بها فلما لم تجيبوهقال «ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ» زيادة فيتهجين عابديها كأنهم حاضرون لها أي ما لكملا تجيبون و في هذا تنبيه على أنها جماد لاتأكل و لا تنطق فهي أخس الأشياء و أقلها«فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباًبِالْيَمِينِ» أي فمال على الأصناميضربها و يكسرها باليد اليمني لأنها أقوىعلى العمل عن الربيع بن أنس و قيل المرادباليمين القوة كما في قوله: " تلقاها عرابة باليمين" عن الفراء و هو قول السدي و قيل معناهبالقسم الذي سبق منه و هو قوله وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ«فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ» أيأقبلوا بعد الفراغ من عيدهم إلى إبراهيميسرعون عن الحسن و ابن زيد و قيل يزفونزفيف النعام و هو حالة بين المشي و العدوعن مجاهد و في هذا دليل أنهم أخبروا بصنيعإبراهيم بأصنامهم فقصدوه مسرعين و حملوهإلى بيت أصنامهم و قالوا له أنت فعلت هذابإلهتنا فأجابهم على وجه الحجاج عليهم بأن«قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ»فهو استفهام معناه الإنكار و التوبيخ أيكيف يصح أن يعبد الإنسان ما يعمله بيدهفإنهم كانوا ينحتون الأصنام بأيديهم «وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ»أي و خلق ما علمتم من الأصنام فكيف تدعونعبادته و تعبدون معمولكم و هذا كما يقالفلان يعمل الحصير و هذا الباب من عمل فلانالنجار قال الحسن معناه و خلق أصل الحجارةالتي تعملون منها الأصنام و هذا يجري مجرىقوله تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ و قولهتَلْقَفْ ما صَنَعُوا في أنه أراد المنحوتمن الجسم هنا دون العرض الذي هو النحت كماأراد هناك المأفوك فيه و المصنوع فيه منالحبال و العصي دون العرض الذي هو فعلهمفليس لأهل الجبر تعلق بهذه الآية فيالدلالة على أن الله سبحانه خالق لأفعالالعباد لأن من المعلوم أن الكفار لميعبدوا نحتهم