«أَتَّخَذْناهُمْ» فالقول فيه أن الجملةالمعادلة لأم محذوفة و المعنى أ تراهم أمزاغت عنهم الأبصار و كذلك قوله أَمْ كانَمِنَ الْغائِبِينَ لأن المعنى أخبروني عنالهدهد أ حاضر هو أم كان من الغائبين هذاقول أبي الحسن و يجوز عندي في قوله تعالى«قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًاإِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ أَمَّنْهُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ» أن تكونالمعادلة لأم محذوفة تقديره أ فأصحابالنار خير أم من هو قانت و حكي عن أبي عمر وأنه قال ما كان من مثل العبودية فسخريمضموم و ما كان من مثل الهزء فسخري مكسورالسين و قد تقدم ذكر هذا قال ابن جني من قرأإنما فعلى الحكاية فكأنه قال إن يقال ليإلا إنما أنا نذير مبين و هذا كما تقوللصاحبك أنت قلت أنك شجاع و نحو ذلك قولالشاعر:
تنادوا بالرحيل غدا
و في ترحالهم نفسي
و في ترحالهم نفسي
و في ترحالهم نفسي
المعنى
ثم حكى سبحانه عن أهل النار أيضا بقوله«وَ قالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًاكُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ» أييقولون ذلك حين ينظرون في النار فلا يرونمن كان يخالفهم فيها معهم و هم المؤمنون عنالكلبي و قيل نزلت في أبي جهل و الوليد بنالمغيرة و ذويهما يقولون ما لنا لا نرىعمارا و خبابا و صهيبا و بلالا الذين كنانعدهم في الدنيا من جملة الذين يفعلونالشر و القبيح و لا يفعلون الخير عن مجاهدو
روى العياشي بالإسناد عن جابر عن أبي عبدالله (ع) أنه قال أن أهل النار يقولون «مالَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّانَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ» يعنونكملا يرونكم في النار لا يرون و الله أحدامنكم في النار
«أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْزاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ» معناه أنهميقولون لما لم يروهم في النار اتخذناهمهزوءا في الدنيا فأخطأنا أم عدلت عنهمأبصارنا فلا نراهم و هم معنا في النار«إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ» أي إن ما ذكر قبلهذا لحق أي كائن لا محالة ثم بين ما هو فقال«تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ» يعني تخاصمالأتباع