مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
«الْحَكِيمِ» في أفعاله و أقواله فوصفهنا نفسه بالعزة تحذيرا من مخالفة كتابه وبالحكمة إعلاما بأنه يحفظه حتى يصل إلىالمكلفين من غير تغيير لشيء منه «إِنَّاأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَبِالْحَقِّ» أي لم ننزله باطلا بغير غرض وقيل معناه بالأمر الحق أي بالدين الصحيح«فَاعْبُدِ اللَّهَ» أي توجه بعبادتك إلىالله وحده «مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ» منشرك الأوثان و الأصنام و الإخلاص أن يقصدالعبد بنيته و عمله إلى خالقه لا يجعل ذلكلغرض الدنيا «أَلا لِلَّهِ الدِّينُالْخالِصُ» و الخالص هو الذي لا يشوبهالرياء و السمعة و لا وجه من وجوه الدنيا والدين الخالص الإسلام عن الحسن و قيل هوشهادة أن لا إله إلا الله عن قتادة و قيلمعناه إلا لله الطاعة بالعبادة التي يستحقبها الجزاء فهذا لله وحده لا يجوز أن يكونلغيره و قيل هو الاعتقاد الواجب فيالتوحيد و العدل و النبوة و الشرائع والإقرار بها و العمل بموجبها و البراءة منكل دين سواها فهذا تفصيل قول الحسن أنهالإسلام «وَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْدُونِهِ أَوْلِياءَ» أي زعموا أن لهم مندون الله مالكا يملكهم و هاهنا حذف يدلالكلام عليه أي يقولون «ما نَعْبُدُهُمْإِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِزُلْفى» أي ليشفعوا لنا إلى الله والزلفى القربى و هو اسم أقيم مقام المصدر«إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ» يومالقيامة «فِي ما هُمْ فِيهِيَخْتَلِفُونَ» من أمور الدين فيعاقب كلامنهم على قدر استحقاقه «إِنَّ اللَّهَ لايَهْدِي» إلى طريق الجنة أو لا يحكمبهدايته إلى الحق «مَنْ هُوَ كاذِبٌ» علىالله و على رسوله «كَفَّارٌ» بما أنعمالله عليه جاحد لإخلاص العبادة لله و لميرد به الهداية إلى الإيمان لقوله سبحانهوَ أَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ «لَوْأَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً»على ما يقوله هؤلاء من أن الملائكة بناتالله أو ما يقوله النصارى من أن المسيح ابنالله أو اليهود أن عزيرا ابن الله«لَاصْطَفى» أي لاختار «مِمَّايَخْلُقُ ما يَشاءُ» أي ما كان يتخذ الولدباختيارهم حتى يضيفوا إليه من شاءوا بلكان يختص من خلقه ما يشاء لذلك لأنه غيرممنوع من مراده و مثله قوله «لَوْأَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواًلَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا» ثم أخبرسبحانه أنه منزه عن اتخاذ الأولاد بقوله«سُبْحانَهُ» أي تنزيها له عن ذلك «هُوَاللَّهُ الْواحِدُ» لا شريك له و لا صاحبةو لا ولد «الْقَهَّارُ» لخلقه بالموت و هوحي لا يموت ثم نبه سبحانه على كمال قدرتهفقال «خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَبِالْحَقِّ» أي لم يخلقهما باطلا لغير غرضبل خلقهما للغرض الحكمي «يُكَوِّرُاللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَ يُكَوِّرُالنَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ» أي يدخل كلواحد منهما على صاحبه بالزيادة و النقصانفما يزيد في أحدهما ينقص من الآخر عن الحسنو جماعة من المفسرين و قيل يغشى هذا هذاكما قال يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ ويُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ عنقتادة «وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ» بأن أجراهما على وتيرة واحدة«كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى» أيإلى مدة قدرها الله لهما أن يجريا إليها