مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
إلى الحق يعدلون فكأنهم لا يعقلون «وَ ماهذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌوَ لَعِبٌ» لأنها تزول كما يزول اللهو واللعب و يستمتع بها الإنسان مدة ثم تنصرم وتنقطع «وَ إِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ»يعني الجنة «لَهِيَ الْحَيَوانُ» أيالحياة على الحقيقة لأنها الدائمةالباقية التي لا زوال لها و لا موت فيها وتقديره و إن الدار الآخرة لهي دار الحيوانأو ذات الحيوان لأن الحيوان مصدر كالنزوانو الغليان فحذف المضاف و أقيم المضاف إليهمقامه و المعنى أن حياة الدار الآخرة هيالحياة التي لا تنغيص فيها و لا تكدير«لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» الفرق بينالحياة الفانية و الحياة الباقية الدائمةأي لو علموا لرغبوا في الباقي و زهدوا فيالفاني و لكنهم لا يعلمون «فَإِذارَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَمُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» أخبر اللهسبحانه عن حال هؤلاء الكفار فقال إنهم إذاركبوا في السفن في البحر و هاجت به الرياحو تلاطمت به الأمواج و خافوا الهلاكأخلصوا الدعاء لله مستيقنين أنه لا يكشفالسوء إلا هو و تركوا شركاءهم فلم يطلبوامنهم إنجاءهم «فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَىالْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ» أي فلماخلصهم إلى البر و أمنوا الهلاك عادوا إلىما كانوا عليه من الإشراك معه في العبادة«لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ»إن جعلت اللام للأمر فمعناه التهديد أيليجحدوا نعم الله في إنجائه إياهم وليتمتعوا بباقي عمرهم فسوف يعلمون عاقبةكفرهم و إن جعلتها لام كي فالمعنى أنهميشركون ليكفروا و قد مر معناه «أَ وَ لَمْيَرَوْا» أي أ لم يعلم هؤلاء الكفار«أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً» يأمنأهله فيه من القتل و الغارة «وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ»أي يقتل بعضهم بعضا فيما حولهم و هم آمنونفي الحرم ذكرهم سبحانه النعمة بذلكليذعنوا له بالطاعة و ينزجروا عن عبادةغيره ثم قال مهددا لهم «أَ فَبِالْباطِلِيُؤْمِنُونَ» أي يصدقون بعبادة الأصنام وهي باطلة مضمحلة «وَ بِنِعْمَةِ اللَّهِ»التي أنعم بها عليهم «يَكْفُرُونَ» ثم قال«وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرىعَلَى اللَّهِ كَذِباً» أي لا ظالم أظلمممن أضاف إلى الله ما لم يقله من عبادةالأصنام و غيرها «أَوْ كَذَّبَبِالْحَقِّ» أي بالقرآن و قيل بمحمد (ص)«لَمَّا جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَمَثْوىً لِلْكافِرِينَ» هذا استفهامتقرير أي أ ما لهؤلاء الكفار المكذبينمثوى في جهنم و هذا مبالغة في إنجاز الوعيدلهم «وَ الَّذِينَ جاهَدُوا فِينا» أيجاهدوا الكفار ابتغاء مرضاتنا و طاعة لناو جاهدوا أنفسهم في هواها خوفا منا و قيلمعناه اجتهدوا في عبادتنا رغبة في ثوابناو رهبة في عقابنا «لَنَهْدِيَنَّهُمْسُبُلَنا» أي لنهدينهم السبل الموصلة إلىثوابنا عن ابن عباس و قيل لنوفقنهملازدياد الطاعات فيزداد ثوابهم و قيلمعناه و الذين جاهدوا في إقامة السنةلنهدينهم سبل الجنة و قيل معناه و الذينيعملون بما يعلمون لنهدينهم إلى ما لايعلمون «وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَالْمُحْسِنِينَ» بالنصر و المعونة فيدنياهم و الثواب و المغفرة في عقباهم وبالله التوفيق.