ثم خاطب سبحانه نبيه (ص) فقال «قُلْ» يامحمد لهؤلاء الكفار الذين تقدم ذكرهم«إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَمُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ» أي موحدا له لاأعبد معه سواه و العبادة الخالصة هي التيلا يشوبها شيء من المعاصي «وَ أُمِرْتُ»أيضا «لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَالْمُسْلِمِينَ» فيكون لي فضل السبق وثوابه «قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُرَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ» أي عذابيوم القيامة «قُلِ» لهم «اللَّهَأَعْبُدُ مُخْلِصاً لَهُ دِينِي» و طاعتي«فَاعْبُدُوا» أنتم معاشر الكفار «ماشِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ» من الأصنام و هذاعلى وجه التهديد لهم بذلك «قُلْ» لهم«إِنَّ الْخاسِرِينَ» في الحقيقة هم«الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ» فلاينتفعون بأنفسهم و لا يجدون في النار أهلاكما كان لهم في الدنيا أهل فقد فاتتهمالمنفعة بأنفسهم و أهليهم عن مجاهد و ابنزيد و قيل خسروا أنفسهم بأن قذفوها بينأطباق الجحيم و خسروا أهليهم الذين أعدوالهم في جنة النعيم عن الحسن قال ابن عباسإن الله تعالى جعل لكل إنسان في الجنةمنزلا و أهلا فمن عمل بطاعته كان له ذلك ومن عصاه صار إلى النار و دفع منزله و أهلهإلى من أطاع فذلك قوله أُولئِكَ هُمُالْوارِثُونَ «أَلا ذلِكَ هُوَالْخُسْرانُ الْمُبِينُ» أي البين الظاهرالذي لا يخفى «لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْظُلَلٌ مِنَ النَّارِ» أي سرادقات و أطباقمن النار و دخانها نعوذ بالله منها «وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ» أي فرش و مهد وقيل إنما سمي ما تحتهم من النار ظللا لأنهاظلل لمن تحتهم إذ النار أدراك و هم بينأطباقها و قيل إنما أجري اسم الظلل على قطعالنار على سبيل التوسع و المجاز لأنها فيمقابلة ما لأهل الجنة من الظلل و المراد أنالنار تحيط بجوانبهم «ذلِكَ يُخَوِّفُاللَّهُ بِهِ عِبادَهُ» أي ذلك الذي وصفمن العذاب يخوف الله به عباده و رحمة لهمليتقوا عذابه بامتثال أوامره ثم أمرهمبالاتقاء فقال «يا عِبادِ فَاتَّقُونِ»فقد أنذرتكم و ألزمتكم الحجة و إنما حذفالياء في الموضعين لأن الكسرة تدل عليها«وَ الَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ»أي الأوثان و الشيطان و قيل كل من دعا إلىعبادة غير الله