تقدير البدل من غير كأنه قال أ بعبادة غيرالله تأمروني إلا أن الجار حذف كما حذف منقوله أمرتك الخير و صار التقدير بعد الحذفأ غير الله تأمروني عبادته فأضمر المفعولالثاني للأمر و المفعول الأول علامةالمتكلم و أن أعبد بدل من غير و مثل هذا فيالبدل قوله وَ ما أَنْسانِيهُ إِلَّاالشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ أي ماأنساني ذكره إلا الشيطان و أقول في بيانه وشرحه أن تقديره كان في الأصل أ فبعبادة غيرالله تأمرونني ثم حذف الجار الذي هو الباءفوصل الفعل فنصبه فصار أ فبعبادة غير اللهتأمرونني ثم حذف المضاف الذي هو عبادة وأقيم المضاف إليه الذي هو غير مقامه فصار أفغير الله تأمرونني ثم جعل أعبد الذيتقديره أن أعبده و هو في معنى عبادته بدلامن غير الله و بيانا للمحذوف الذي هو عبادةفي قوله أ فبعبادة غير الله فصار مثل قولهتعالى «وَ ما أَنْسانِيهُ إِلَّاالشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ» و من قال أنقوله «أَعْبُدُ» في موضع نصب على الحالفلا وجه لقوله و أما على الوجه الأول و هوأن يكون غير الله منصوبا بأعبد فإنه يكونتأمرني اعتراضا بين العامل و المعمول.رجعنا إلى كلام أبي علي فأما تأمرونيفالقياس تأمرونني و يدغم فيصير تأمروني وجاز الإدغام و إسكان النون المدغمة لأنقبلها حرف لين و هو الواو في تأمرونني و منخفف فقال تأمروني ينبغي أن يكون حذف النونالثانية المصاحبة لعلامة المنصوب المتكلملأنها قد حذفت في مواضع نحو:
" يسوء الفاليات إذا فليني"
و إني و كأني و قدي و قدني و إنما قدرنا حذفالثانية لأن التكرير و التثقيل به وقع ولأن حذف الأولى لحن لأنها دلالة الرفع وعلى هذا يحمل قول الشاعر:
أ بالموت الذي لا بد أني
ملاق لا أباكتخوفيني
ملاق لا أباكتخوفيني
ملاق لا أباكتخوفيني
المعنى
لما أخبر الله سبحانه عن حال الكفار عقبهبذكر حال الأتقياء الأبرار فقال «وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا»معاصيه خوفا من عقابه «بِمَفازَتِهِمْ»أي بمنجاتهم من النار و أصل المفازةالمنجاة و بذلك سميت المفازة على وجهالتفاؤل بالنجاة منها كما سموا اللديغسليما «لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ» أي لايصيبهم المكروه و الشدة «وَ لا هُمْيَحْزَنُونَ» على ما فاتهم من لذات الدنياو لما ذكر الوعد و الوعيد بين سبحانه أنهالقادر على كل شيء بقوله «اللَّهُخالِقُ كُلِّ شَيْءٍ» أي محدث كل شيء ومبدعه «وَ هُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍوَكِيلٌ»