ثم قال سبحانه «وَ كَذلِكَ» أي و مثل ما حقعلى الأمم المكذبة من العقاب «حَقَّتْكَلِمَةُ رَبِّكَ» أي العذاب «عَلَىالَّذِينَ كَفَرُوا» من قومك أي أصروا علىكفرهم «أَنَّهُمْ» أي لأنهم أو بأنهم«أَصْحابُ النَّارِ» عن الأخفش ثم أخبرسبحانه عن حال المؤمنين و أنه تستغفر لهمالملائكة مع عظم منزلتهم عند الله تعالىفحالهم بخلاف أحوال من تقدم ذكرهم منالكفار فقال «الَّذِينَ يَحْمِلُونَالْعَرْشَ» عبادة لله و امتثالا لأمره «وَمَنْ حَوْلَهُ» يعني الملائكة المطيفينبالعرش و هم الكروبيون و سادة الملائكة«يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» أيينزهون ربهم عما يصفه به هؤلاء المجادلونو قيل يسبحونه بالتسبيح المعهود و يحمدونهعلى إنعامه «وَ يُؤْمِنُونَ بِهِ» أي ويصدقون به و يعترفون بوحدانيته «وَيَسْتَغْفِرُونَ» أي و يسألون اللهالمغفرة «لِلَّذِينَ آمَنُوا» من أهلالأرض أي صدقوا بوحدانية الله و اعترفوابإلهيته و بما يجب الاعتراف به يقولون فيدعائهم لهم «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّشَيْءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً» أي وسعترحمتك و علمك كل شيء و المراد بالعلمالمعلوم كما في قوله «وَ لا يُحِيطُونَبِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ» أي بشيء منمعلومه على التفصيل فجعل العلم في موضعالمعلوم و المعنى أنه لا اختصاص لمعلوماتكبل أنت عالم بكل معلوم و لا تختص رحمتك حيادون حي بل شملت جميع الحيوانات و في هذاتعليم الدعاء ليبدأ بالثناء عليه قبلالسؤال «فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا» منالشرك و المعاصي «وَ اتَّبَعُواسَبِيلَكَ» الذي دعوت إليه عبادك و هو دينالإسلام «وَ قِهِمْ» أي و ادفع عنهم«عَذابَ الْجَحِيمِ» و في هذه الآية دلالةعلى أن إسقاط العقاب عند التوبة تفضل منالله تعالى إذ لو كان واجبا لكان لا يحتاجفيه إلى مسألتهم بل كان يفعله الله سبحانهلا محالة «رَبَّنا وَ أَدْخِلْهُمْ» معقبول توبتهم و وقايتهم النار «جَنَّاتِعَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ» على ألسنأنبيائك «وَ مَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْوَ أَزْواجِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ»ليكمل أنسهم و يتم سرورهم «إِنَّكَ أَنْتَالْعَزِيزُ» القادر على من يشاء«الْحَكِيمُ» في أفعالك «وَ قِهِمُالسَّيِّئاتِ» أي و قهم عذاب السيئات ويجوز أن يكون العذاب هو السيئات و سماهالسيئات اتساعا كما قال وَ جَزاءُسَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها «وَ مَنْتَقِ السَّيِّئاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْرَحِمْتَهُ» أي و من تصرف عنه شر معاصيهفتفضلت عليه يوم القيامة