ثم حث سبحانه على التفكر و التدبر فيمايدل على توحيده من خلق السماوات و الأرض ثمفي أحوال القرون الخالية و الأمم الماضيةفقال «أَ وَ لَمْ يَتَفَكَّرُوا فِيأَنْفُسِهِمْ» أي في حال الخلوة لأن فيتلك الحالة يتمكن الإنسان من نفسه و يحضرهذهنه و قيل معناه أ و لم يتفكروا في خلقالله أنفسهم و المعنى أ و لم يتفكروافيعلموا و حذف لأن في الكلام دليلا عليه«ما خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما إِلَّابِالْحَقِّ» قال الزجاج معناه إلا للحق أيلإقامة الحق و معناه للدلالة على الصانع والتعريض للثواب «وَ أَجَلٍ مُسَمًّى» أي ولوقت معلوم توفى فيه كل نفس ما كسبت و قيلمعناه خلقها في أوقات قدرها اقتضت المصلحةخلقها فيها و لم يخلقها عبثا عن الجبائي(سؤال) قالوا كيف يعلم المتفكر في نفسه إنالله سبحانه لم يخلق شيئا إلا بالحق و كيفيعلم الآخرة (جواب) قلنا إذا علم بالنظر فينفسه أنه محدث مخلوق و إن له محدثا قديماقادرا عالما حيا و أنه لا يفعل القبيح وأنه حكيم علم أنه لم يخلقه عبثا و إنماخلقه لغرض و هو التعريض للثواب و ذلك لايتم إلا بالتكليف فلا بد إذا من الجزاءفإذا لم يوجد في الدنيا فلا بد من دار أخرىيجازى فيها و يعلم إذا خلق ما لا ينتفعبنفسه فلا بد أن يكون الغرض أن ينتفع الحيبه «وَ إِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِبِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ» أيبلقاء جزاء ربهم و بالبعث و بيوم القيامةلجاحدون غير معترفين ثم نبههم سبحانه دفعةأخرى فقال «أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِيالْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ