لما تقدم ذكر المشركين عقبه سبحانه بذكرأحوالهم في البطر عند النعمة و اليأس عندالشدة فقال «وَ إِذا أَذَقْنَا النَّاسَرَحْمَةً» أي إذا آتيناهم نعمة من عافية وصحة جسم أو سعة رزق أو أمن و دعة «فَرِحُوابِها» أي سروا بتلك الرحمة «وَ إِنْتُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْأَيْدِيهِمْ» أي و إن أصابهم بلاء و عقوبةبذنوبهم التي قدموها و سمي ذلك سيئة توسعالكونه جزاء على السيئة عن الجبائي و قيل وإن يصبهم قحط و انقطاع مطر و شدة و سميتسيئة لأنها تسوء صاحبها «إِذا هُمْيَقْنَطُونَ» أي ييأسون من رحمة الله وإنما قال «بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ» ولم يقل بما قدموا على التغليب للأظهرالأكثر فإن أكثر العمل لليدين و العملللقلب و إن كان كثيرا فإنه أخفى ثم نبههمسبحانه على توحيده فقال «أَ وَ لَمْيَرَوْا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُالرِّزْقَ» أي يوسعه «لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ» أي و يضيق لمن يشاء على حسب ماتقتضيه مصالح العباد «إِنَّ فِي ذلِكَ» أيفي بسط الرزق لقوم و تضييقه لقوم آخرين«لَآياتٍ» أي دلالات «لِقَوْمٍيُؤْمِنُونَ» بالله ثم خاطب نبيه (ص) فقال«فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ» أي و أعطذوي قرباك يا محمد حقوقهم التي جعلها اللهلهم من الأخماس عن مجاهد و السدي و روى أبو سعيد الخدري و غيره إنه لما نزلتهذه الآية على النبي (ص) أعطى فاطمة (ع) فدكاو سلمه إليها و هو المروي عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) و قيل أنه خطاب له (ص) و لغيره و المرادبالقربى قرابة الرجل و هو أمر بصلة الرحمبالمال و النفس عن الحسن «وَ الْمِسْكِينَوَ ابْنَ السَّبِيلِ» معناه و آت المسكينو المسافر المحتاج ما فرض الله لهم في مالك«ذلِكَ خَيْرٌ» أي إعطاء الحقوق مستحقيهاخير «لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَاللَّهِ» بالإعطاء دون الرياء و السمعة«وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» أيالفائزون بثواب الله «وَ ما آتَيْتُمْمِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِالنَّاسِ فَلا يَرْبُوا