لما رغب سبحانه في تحقيق الرجاء و الخوفبفعل الطاعة عقبه بالترغيب في المجاهدةفقال «وَ مَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُلِنَفْسِهِ» أي و من جاهد الشيطان بدفعوسوسته و إغوائه و جاهد أعداء الدينلإحيائه و جاهد نفسه التي هي أعدى أعدائهفإنما يجاهد لنفسه لأن ثواب ذلك عائد عليهو واصل إليه دون الله تعالى «إِنَّاللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ»غير محتاج إلى طاعتهم فلا يأمرهم و لاينهاهم لمنفعة ترجع إليه بل لمنفعتهم «وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُواالصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْسَيِّئاتِهِمْ» التي اقترفوها قبل ذلك أيلنطلبنها حتى تصير كأنهم لم يعملوها «وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِيكانُوا يَعْمَلُونَ» أي يجزيهم بأحسنأعمالهم و هو ما أمروا به من العبادات والطاعات و المعنى لنكفرن سيئاتهم السابقةمنهم في حال الكفر و لنجزينهم بحسناتهمالتي عملوها في الإسلام و لما أمر سبحانهبمجاهدة الكفار و مباينتهم بين حالالوالدين في ذلك فقال «وَ وَصَّيْنَاالْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ» أي أمرناه أنيفعل بوالديه «حُسْناً» و ألزمناه ذلك ثمخاطب سبحانه كل واحد من الناس فقال «وَإِنْ جاهَداكَ» أي و إن جاهداك أبواك أيهاالإنسان و ألزماك و استفرغا مجهودهما فيدعائك «لِتُشْرِكَ بِي» في العبادة «مالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» أي و ليس لأحد بهعلم «فَلا تُطِعْهُما» في ذلك فأمر سبحانهإطاعة الوالدين في الواجبات حتما و فيالمباحات ندبا و نهى عن طاعتهما فيالمحظورات و نفي العلم به كأنه كناية عنتعريه من الأدلة لأنه إذا لم يكن عليه حجةو دليل لم يحصل العلم به فلا يحسن اعتقاده«إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ» أي إلى حكميمصيركم «فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْتَعْمَلُونَ» أي أخبركم بأعمالكمفأجازيكم عليها و روي عن سعد بن أبي وقاصقال كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت ياسعد ما هذا الدين الذي أحدثت لتدعن دينكهذا أو لا آكل و لا أشرب حتى أموت فتعير بيفيقال يا قاتل أمه فقلت لا تفعلي يا أمهإني لا أدع ديني هذا لشيء قال فمكثت يومالا تأكل و ليلة ثم مكثت يوما آخر و ليلة فمارأيت ذلك قلت و الله يا أمه لو كانت لك مائةنفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا فكليو اشربي و إن شئت فلا تأكلي و لا تشربي فلمارأت ذلك أكلت فأنزلت هذه الآية «وَ إِنْجاهَداكَ» و أمه حمنة بنت أبي سفيان بنأمية بن عبد شمس و روي عن بهر بن أبي حكيم عن أبيه عن جده قالقلت للنبي (ص) يا