الحجة
قال أبو علي التأنيث حسن لأن المعذرة اسممؤنث و أما التذكير فلأن التأنيث غيرحقيقي و قد وقع الفصل بين الفعل و فاعله والفصل يحسن التذكير.
المعنى
ثم أخبر سبحانه عن علماء المؤمنين في ذلكاليوم فقال «وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُواالْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ» أي آتاهم اللهالعلم بما نصب لهم من الأدلة الموجبة لهفنظروا فيها فحصل لهم العلم فلذلك أضافهإلى نفسه لما كان هو الناصب للأدلة علىالعلوم و التصديق بالله و برسوله «لَقَدْلَبِثْتُمْ» أي مكثتم «فِي كِتابِاللَّهِ» و معناه إن لبثكم ثابت في كتابالله ثبته الله فيه و هو قوله وَ مِنْوَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِيُبْعَثُونَ و هذا كما يقال إن كل ما يكونفهو في اللوح المحفوظ أي هو مثبت فيه والمراد لقد لبثتم في قبوركم «إِلىيَوْمِ الْبَعْثِ» و قيل إن الذين أوتواالعلم و الإيمان هم الملائكة و قيل همالأنبياء و قيل هم المؤمنون و قيل إن هذاعلى التقديم و تقديره و قال الذين أوتواالعلم في كتاب الله و هم الذين يعلمون كتابالله و الإيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث وقال الزجاج «فِي كِتابِ اللَّهِ» أي فيعلم الله المثبت في اللوح المحفوظ «فَهذايَوْمُ الْبَعْثِ» الذي كنتم تنكرونه فيالدنيا «وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لاتَعْلَمُونَ» وقوعه في الدنيا فلم ينفعكمالعلم به الآن و يدل على هذا المعنى قوله«فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَظَلَمُوا» أنفسهم بالكفر«مَعْذِرَتُهُمْ» فلا يمكنون من الاعتذارو لو اعتذروا لم يقبل عذرهم «وَ لا هُمْيُسْتَعْتَبُونَ» أي لا يطلب منهمالإعتاب و الرجوع إلى الحق «وَ لَقَدْضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِمِنْ كُلِّ مَثَلٍ» أي بالغنا في البيانللمكلفين في هذا القرآن الذي أنزلناه علىنبينا من كل مثل يدعوهم إلى التوحيد والإيمان «وَ لَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ»أي معجزة باهرة مما اقترحوها منك«لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْأَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ» أي أصحابأباطيل و هذا إخبار عن عناد القوم وتكذيبهم بالآيات «كَذلِكَ» أي مثل ما طبعالله على قلوب هؤلاء «يَطْبَعُ اللَّهُعَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لايَعْلَمُونَ» توحيد الله و الطبع و الختممفسران في سورة البقرة «فَاصْبِرْ» يامحمد على أذى هؤلاء الكفار و إصرارهم علىكفرهم «إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ»بالعذاب و التنكيل لأعدائك و النصر والتأييد لك و لدينك «وَ لايَسْتَخِفَّنَّكَ» أي لا يستفزنك«الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» بالبعث والحساب فهم ضالون شاكون و قيل لا يستخفنكأي لا يحملنك كفر هؤلاء على الخفة و العجلةلشدة الغضب عليهم لكفرهم بآياتنا فتفعلخلاف ما أمرت به من الصبر و الرفق عنالجبائي.