ثم أكد سبحانه ما تقدم من خلقه السماوات والأرض بقوله «لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِوَ الْأَرْضِ» أي له جميع ذلك خلقا و ملكايتصرف فيه كما يريده ليس لأحد الاعتراضعليه في ذلك «إِنَّ اللَّهَ هُوَالْغَنِيُّ» عن حمد الحامدين و عن كل شيء«الْحَمِيدُ» أي المستحق للحمد و التعظيم«وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْشَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُيَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُأَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ»أي لو كان شجر الأرض أقلاما و كان البحرمدادا و يمده سبعة أبحر مثله أي تزيدهبمائها فكتب بتلك الأقلام و البحور لتكسرتتلك الأقلام و نفذ ماء البحور و ما نفذتكلمات الله و قد ذكرنا تفسير كلمات الله فيسورة الكهف و الأولى أن يكون عبارة عنمقدوراته و معلوماته لأنها إذا كانت لاتتناهى فكذلك الكلمات التي تقع عبارة عنهالا تتناهى «إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ» فياقتداره على جميع ذلك «حَكِيمٌ» يفعل منذلك ما يليق بحكمته ثم قال «ما خَلْقُكُمْوَ لا بَعْثُكُمْ» يا معشر الخلائق«إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ» أي كخلق نفسواحدة و بعث نفس واحدة في قدرته فإنه لايشق عليه ابتداء جميع الخلق و لا إعادتهمبعد إفنائهم قال مقاتل إن كفار قريش قالواإن الله خلقنا أطوارا نطفة علقة مضغة لحمافكيف يبعثنا خلقا جديدا في ساعة واحدةفنزلت الآية «إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ»يسمع ما يقول القائلون في ذلك «بَصِيرٌ»بما يضمرونه «أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَيُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ» أيينقص من الليل في النهار و من النهار فيالليل عن قتادة و قيل معناه إن كل واحدمنهما يتعقب الآخر «وَ سَخَّرَ الشَّمْسَوَ الْقَمَرَ» لأنهما يجريان على وتيرةواحدة لا يختلفان «كُلٌّ يَجْرِي إِلىأَجَلٍ مُسَمًّى» قدره الله تعالى «وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ»الذي