مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
كأنهم في غفلة عما لزمهم من حق نعم الله وما خلقهم له من العبادة عن ابن عباس«لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ» أي ليهتدوا ثمذكر سبحانه الدلالة على وحدانيته فقال«اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِأَيَّامٍ» أي فيما قدره ستة أيام لأن قبلالشمس لم يكن ليل و لا نهار «ثُمَّاسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ» بالقهر والاستعلاء و هو مفسر في سورة الأعراف «مالَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لاشَفِيعٍ» أي ليس لكم من دون عذابه ولي أيقريب ينفعكم و يرد عذابه عنكم و لا شفيعيشفع لكم و قيل من ولي أي من ناصر ينصركم مندون الله «أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ» أي أفلا تتفكرون فيما قلناه و تعتبرون بهفتعلموا صحة ما بيناه لكم «يُدَبِّرُالْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَىالْأَرْضِ» أي خلقهما و ما بينهما في هذهالمدة يدير الأمور كلها و يقدرها على حسبإرادته فيما بين السماء و الأرض و ينزله معالملك إلى الأرض «ثُمَّ يَعْرُجُإِلَيْهِ» الملك أي يصعد إلى المكان الذيأمره الله تعالى أن يصعد إليه «فِي يَوْمٍكانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّاتَعُدُّونَ» أي يوم كان مقداره لو سارةغير الملك ألف سنة مما يعده البشر خمس مائةعام نزوله و خمس مائة عام صعوده و قوله«يَعْرُجُ إِلَيْهِ» يعني إلى الموضعالذي أمره بالعروج إليه كقول إبراهيمإِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِأي إلى أرض الشام التي أمرني ربي بالذهابإليها و قوله «وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْبَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» يعني إلى المدينة و لم يكنالله سبحانه بالشام و لا بالمدينة و معناهأنه ينزل الملك بالتدبير أو الوحي و يصعدإلى السماء فيقطع في يوم واحد من أيامالدنيا مسافة ألف سنة مما تعدونه أنتم لأنما بين السماء و الأرض مسيرة خمسمائة عاملابن آدم و هذا معنى قول ابن عباس و الحسن والضحاك و قتادة و هو اختيار الجبائي و قيلمعناه أنه يدبر الأمر سبحانه و يقضي أمر كلشيء لألف سنة في يوم واحد ثم يلقيه إلىملائكته فإذا مضى الألف سنة قضى لألف سنةأخرى ثم كذلك أبدا عن مجاهد و قيل معناهيدبر أمر الدنيا فينزل القضاء و التدبيرمن السماء إلى الأرض مدة أيام الدنيا ثميرجع الأمر و يعود التدبير إليه بعدانقضاء الدنيا و فنائها حتى يتقطع أمرالأمراء و حكم الحكام و ينفرد اللهبالتدبير في يوم كان مقداره ألف سنة و هويوم القيامة فالمدة المذكورة مدة يومالقيامة إلى أن يستقر الخلق في الدارين عنابن عباس أيضا فأما قوله «فِي يَوْمٍ كانَمِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ»فإنه أراد سبحانه على الكافر جعل الله ذلكاليوم مقدار خمسين ألف سنة فإن المقاماتفي يوم القيامة مختلفة و قيل إن المرادبالأول إن مسافة الصعود و النزول إلىالسماء الدنيا في يوم واحد للملك مقدارمسيرة ألف سنة لغير الملك من بني آدم و إلىالسماء السابعة مقدار مسيرة خمسين ألف سنةو قيل إن الألف سنة للنزول و العروج والخمسين ألف سنة لمدة القيامة.