مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
و مطرقيها حياء و ندما و ذلا «عِنْدَرَبِّهِمْ» أي عند ما يتولى الله سبحانهحساب خلقه يقولون «رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا» أي أبصرنا الرشد و سمعنا الحق وقيل معناه أبصرنا صدق وعدك و سمعنا منكتصديق رسلك و قيل معناه إنا قد كنا بمنزلةالعمي فأبصرنا و بمنزلة الصم فسمعنا«فَارْجِعْنا» أي فارددنا إلى دارالتكليف «نَعْمَلْ صالِحاً» من الصالحات«إِنَّا مُوقِنُونَ» اليوم لا نرتاب شيئامن الحق و الرسالة ثم قال سبحانه «وَ لَوْشِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها»بأن نفعل أمرا من الأمور يلجئهم إلىالإقرار بالتوحيد و لكن ذلك يبطل الغرضبالتكليف لأن المقصود به استحقاق الثواب والإلجاء لا يثبت معه استحقاق الثواب قالالجبائي و يجوز أن يكون المراد به و لوشئنا لأجبناهم إلى ما سألوا من الرد إلىدار التكليف ليعملوا بالطاعات و لكن حقالقول مني أن أجازيهم بالعقاب و لا أردهم وقيل معناه و لو شئنا لهديناهم إلى الجنة«وَ لكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي» أيالخبر و الوعيد «لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَمِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِأَجْمَعِينَ» أي من كلا الصنفين بكفرهمبالله سبحانه و جحدهم وحدانيته و كفرانهمنعمته و القول من الله سبحانه بمنزلةالقسم فلذلك أتى بجواب القسم و هو قوله«لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ» ثم حكى سبحانهما يقال لهؤلاء الذين طلبوا الرجعة إلىدار التكليف إذا جعلوا في العذاب بقوله«فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَيَوْمِكُمْ هذا» أي بما فعلتم فعل من نسيلقاء جزاء هذا اليوم فتركتم ما أمركم اللهبه و عصيتموه و النسيان الترك و منه قولالنابغة: " سفود شرب نسوة عند مفتاد" أي تركوه فلم يستعملوه قال المبرد لأنه لوكان المراد النسيان الذي هو ضد الذكر لجازأن يكونوا استعملوه «إِنَّا نَسِيناكُمْ»أي فعلنا معكم فعل من نسيكم من ثوابه أيترككم من نعيمه جزاء على ترككم طاعتنا «وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ» الذي لا فناءله «بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ» من الكفرو المعاصي ثم أخبر سبحانه عن حال المؤمنينفقال «إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا» أييصدق بالقرآن و سائر حججنا «الَّذِينَإِذا ذُكِّرُوا بِها» تذكروا و اتعظوابمواعظها بأن «خَرُّوا سُجَّداً» أيساجدين شكرا لله سبحانه على أن هداهمبمعرفته و أنعم عليهم بفنون نعمته «وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ» أي نزهوهعما لا يليق به من الصفات و عظموه و حمدوه«وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ» عن عبادته ولا يستنكفون من طاعته و لا يأنفون أنيعفروا وجوههم صاغرين له.