مجمع البیان فی تفسیر القرآن جلد 8
لطفا منتظر باشید ...
و تؤدي الزكاة المفروضة و تصوم شهر رمضانقال و إن شئت أنبأتك بأبواب الخير قال قلتأجل يا رسول الله قال الصوم جنة و الصدقةتكفر الخطيئة و قيام الرجل في جوف الليليبتغي وجه الله ثم قرأ هذه الآية«تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِالْمَضاجِعِ» و بالإسناد عن بلال قال قال رسول الله (ص)عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحينقبلكم و إن قيام الليل قربة إلى الله ومنهاة عن الإثم و تكفير للسيئات و مطردةالداء عن الجسد و قيل هم الذين لا ينامون حتى يصلواالعشاء الآخرة قال أنس نزلت فينا معاشرالأنصار كنا نصلي المغرب فلا ترجع إلىرحلنا حتى نصلي العشاء الآخرة مع النبي (ص)و قيل هم الذين يصلون ما بين المغرب والعشاء الآخرة و هي صلاة الأوابين عنقتادة و قيل هم الذين يصلون العشاء و الفجرفي جماعة «يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً»من عذاب الله «وَ طَمَعاً» في رحمة الله«وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ» فيطاعة الله و سبيل ثوابه و وجه المدح في هذهالآية أن هؤلاء المؤمنين يقطعهم اشتغالهمبالصلاة و الدعاء عن طيب المضجع لانقطاعهمإلى الله تعالى فأمالهم مصروفة إليه واتكالهم في كل الأمور عليه ثم ذكر سبحانهجزاءهم فقال «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ماأُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ»أي لا يعلم أحد ما خبئ لهؤلاء الذين ذكروامما تقربه أعينهم قال ابن عباس هذا ما لاتفسير له فالأمر أعظم و أجل مما يعرفتفسيره و قد ورد في الصحيح عن النبي (ص) أنه قال أنالله يقول أعددت لعبادي الصالحين ما لاعين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشربله ما أطلعتكم عليه اقرءوا إن شئتم «فَلاتَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْقُرَّةِ أَعْيُنٍ» رواه البخاري و مسلمجميعا و قد قيل في فائدة الإخفاء وجوه (أحدها) أنالشيء إذا عظم خطره و جل قدره لا تستدركصفاته على كنهه إلا بشرح طويل و مع ذلكفيكون إبهامه أبلغ (و ثانيها) أن قرةالعيون غير متناهية فلا يمكن إحاطة العلمبتفاصيلها (و ثالثها) أنه جعل ذلك فيمقابلة صلاة الليل و هي خفية فكذلك مابإزائها من جزائها و يؤيد ذلك ما روي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال ما من حسنةإلا و لها ثواب مبين في القرآن إلا صلاةالليل فإن الله عز اسمه لم يبين ثوابهالعظم خطرها قال «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ»الآية و قرة العين رؤية ما تقر به العين يقال أقرالله عينك أي صادف فؤادك ما يرضيك فتقرعينك حتى لا تطمح بالنظر إلى ما فوقه و قيلهي من القر أي البرد لأن المستبشر الضاحكيخرج من شؤون عينيه دمع بارد و المحزونالمهموم يخرج من عينيه دمع حار و منه قولهمسخنت عينه و هو قرير العين و سخين العين وإنما أضاف القرة إلى الأعين