شرح المحلی جلد 2
لطفا منتظر باشید ...
فسقطت هذه ( 1 ) الآثار كلها ثم لو صحت لم يكن فيها نص و لا دليل على أن غسل الجمعة ليس بواجب ، و انما فيها أن الوضوء نعم العمل ( 2 ) ، و أن الغسل أفضل و هذا لا شك فيه ، و قد قال الله تعالى : ( و لو آمن أهل الكتاب لكان خيرا لهم ) فهل دل هذا اللفظ على ان الايمان و التقوى ليس فرضا ؟ ! حاشا لله من هذا ، ثم لو كان في جميع هذه الاحاديث نص على أن غسل الجمعة ليس ( 3 ) فرضا لما كان في ذلك حجة ، لان ذلك كان يكون موافقا لما كان الامر عليه قبل قوله عليه السلام ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم و على كل مسلم ) و هذا القول منه عليه السلام شرع وارد و حكم زائد ناسخ للحالة الاولى بيقين لا شك فيه ، و لا يحل ترك الناسخ بيقين ، و الاخذ بالمنسوخ و أما حديث عائشة رضى الله عنها : ( كانوا عمال أنفسهم و يأتون في العباء و الغبار من العوالي فتثور لهم روائح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو تطهرتم ليومكم هذا ) أو ( أو لا تغتسلون ) فهو خبر صحيح ، الا أنه لا حجة لهم فيه أصلا ، لانه لا يخلو هذا من أن يكون قبل أن يخطب عليه السلام على المنبر فأمر الناس بالغسل يوم الجمعة ، و قبل أن يخبر عليه السلام بان غسل يوم الجمعة واجب على كل مسلم و كل محتلم و الطيب و السواك و قبل أن يخبر عليه السلام أنه حق لله تعالى على كل مسلم ، أو يكون بعد كل ما ذكرنا و لا سبيل إلى قسم ثالث ، فان كان خبر عائشة قبل ما رواه عمر بن الخطاب و ابنه و أبو هريرة و ابن عباس ، و أبو سعيد الخدرى و جابر ، فلا يشك ذو حس سليم في أن الحكم للمتأخر ، و ان كان خبر عائشة بعد كل ما ذكرنا من إيجاب الغسل يوم الجمعة و السواك و الطيب و أنه حق الله تعالى على كل مسلم ، فليس فيه نص و لا دليل على نسخ الايجاب المتقدم ، و لا على إسقاط حق الله تعالى المنصوص على إثباته ، و انما هو تبكيت لمن ترك الغسل المأمور به الموجب فقط ، و هذا تأكيد للامر المتيقن لا إسقاط له فقد نهى