المسألة 279 وأما قولنا أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها فلقول الله تعالى ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ) الآية الخ وهى لاتدل له
قال على : و هذا قول صحيح ، و قد صح البرهان بأن رسول الله صلى الله عليه و سلم أوجب كل صلاة في وقت محدود أوله و آخره ، و لم يوجبها عليه السلام لا قبل ذلك الوقت و لا بعده ، فمن أخذ بعموم هذه الآية و هذا الخبر لزمه اقامة الصلاة قبل الوقت و بعد ، و هذا خلاف لتوقيت النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة بوقتها ( 1 ) و موه بعضهم بحديث رويناه من طريق أنس : انهم اشتدت الحرب غداة فتح تستر ( 2 ) فلم يصلوا إلا بعد طلوع الشمس ، و هذا خبر لا يصح ، لانه انما رواه مكحول : أن أنس بن مالك قال ، و مكحول لم يدرك أنسا ( 3 ) ثم لو صح فانه ليس فيه أنهم تركوها عارفين بخروج وقتها ، بل كانوا ناسين لها بلا شك ، لا يجوز أن يظن بفاضل من عرض المسلمين هذا ، فكيف بصاحب من الصحابة رضى الله عنهم ، و لو كانوا ذاكرين لها لصلوها صلاة الخوف كما أمروا ، أو رجالا و ركبانا كما ألزمهم الله تعالى ، لا يجوز هذا ، فلاح يقينا كذب من ظن هذا .و بالله تعالى التوفيق 280 - مسألة - و أما قولنا : أن يتوب من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها و يستغفر الله تعالى و يكثر من التطوع : فلقول الله تعالى : ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة و أتبعوا الشهوات فسوق يلقون غيا إلا من تاب و آمن و عمل صالحا فأؤلئك يدخلون الجنة ) و لقول الله تعالى : ( و الذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا1 - في اليمنية ( لوقتها ) ( 2 ) تستر بضم التاء الاولى و فتح الثانية و بينهما سين مهملة ساكنة : أعظم مدينة بخوزستان : تعريب ( شوشتر ) بالشينين المعجمتين أولاهما مضمومة ، و معناها الا نزه و الاطيب و الاحسن قاله ياقوت و فتحت سنة 17 و قيل سنة 16 .و أثر أنس هذا لم أجده ( 3 ) هكذا يقول ابن حزم ، و ما أظنه صحيحا فقد قال ابن ابي حاتم في المراسيل ( ص 77 ) ( حدثنا أبى قال : سألت أبا مسهر : هل سمع مكحول من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قال : ما صح عندنا الا أنس بن مالك ) و نقل ابن حجر في التهذيب ( ج 10 ص 290 ) عن الترمذي قال : ( سمع مكحول من واثلة و أنس و أبي هند الداري ) ثم قال : و يقال أنه لم يسمع من واحد من الصحابة الا منهم