إلى متى أنت كشارب ماء البحر كلّما ازداد شرباً ازداد عطشاً؟ ألم تعلم أن اللَّه سبحانه خلق تسع عشر ألف عالم وألف ألف عالم مبدؤها نور الحضرة المحمدية وسرّها الولاية الإلهية وختمها الخلافة المهدية والعصمة الفاطمية؟ وذلك كلّه فاض عن الكلمة الإلهية "الغيب" وهو ألف غير معطوف كما قالوا: "1111" ألف معطوف، وألف غير معطوف، وألف عنده الوقوف، وألف هو منتهى الألوف، خلقها وهو غني عن خلقها، وسلمها إلى الولي الكامل لأنه وليه الذي أقامه في الخلق مقامه، فهو الولي المطلق والمتصرّف العادل، فلا يسأل عمّا يفعل، وكيف يسأل المؤيّد بالحكمة؟ المخصوص بالعصمة، الذي يريد اللَّه ما يفعل لأن فعله الحق، والعدل، ويفعل اللَّه ما يريد، لأنه لا يريد إلّا ما يريد اللَّه، لأن قلبه مكان مشيئة اللَّه، أوجده موجد الكل قبل الكل، وأوجد لأجله الكل واختاره على الكل، وولّاه أمر الكل وحكمه على الكل، فهو الكلمة التامة، والحاكم يوم الطامة، وكيف لا يكون كذلك وشيعته غداً بيض الصحايف، خضر الملابس، آمنين من العذاب، يدخلون الجنة بغير حساب.
دليل ذلك ما رواه صاحب كتاب الأربعين عن أنس بن مالك قال: إذا كان يوم القيامة نادى مناد يا علي يا ولي، يا سيّد ياصدِّيق يا ديّان يا هادي، يا زاهد يا فتى يا طيب يا طاهر، مرَّ أنت وشيعتك إلى الجنة، بغير حساب.
يؤيّد ذلك ما رواه صاحب كتاب النخب قال: تشاجر رجلان في خلافة علي وإمامته فجاءا إلى شريك فسألاه، فقال لهما: حدّثني الأعمش عن حذيفة بن اليمان عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: إنّ اللَّه خلق علياً قضيباً في الجنة من تمسّك به فهو من أهل الجنة، فاستعظم الرجل ذلك فجاء إلى ابن الدراج فأخبره، فقال: لا تعجب حدّثني الأعمش عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم قال: إن اللَّه خلق قضيباً من نور في بطنان العرش لا يناله إلّا علي ومن تولاه.
فقال الرجل: هذا من ذاك نمضي إلى وكيع، فجاء فأعلمه فقال: لا تعجب، حدّثني الأعمش عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال: أركان العرش لا ينالها إلّا علي وشيعته، فاعترف الرجل بفضل علي عليه السلام تقدّم الحديث.