والولي حافظ للذكر وعالم بتأويله وتنزيله، فاللوح المحفوظ بالحقيقة هو الولي، فمن أنكر علم الولي بأهل ولايته ومشاهدته لأعمالهم فقد كذّب القرآن وكفر بالرحمن.
الدليل علي عدم تخصيص علمه بوقت دون وقت ولا بشِيء دون شيء
وكذا من خصص علمه بوقت دون وقت، وشي ء دون شي ء، فقد قضى للولي بالجهل، فيلزم من تكذيب الثاني تكذيب الأوّل، ومن تصديق الأوّل تصديق الثاني، لعدم التخصيص، فيلزمه إذاً التصديق بما كذب، والتكذيب بما صدق، ومن الأول يلزم الكفر، ومن الثاني يلزم الارتداد وفساد الاعتقاد، لكن الأول صادق، والثاني كذلك.
في أن قدرة الولي مطلقة کعلمه
وأما القدرة
قد فصلنا ذلك في كتابنا الولاية التكوينية ونجمل هنا فنقول:
الولاية التكوينية قدرة يمنحها اللَّه لخاصة أوليائه الذين يتقربون من اللَّه تعالى تقرباً يصبح سبحانه وتعالى سمعهم وأبصارهم وأيديهم.
كما في حديث التقرب بالنوافل المستفيض:
' لا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه وبصره ولسانه ويده ورجله؛ ففيّ يسمع، وبي يبصر، وبي ينطق، وبي يبطش، وبي يمشي ' " جامع الأسرار:204 ح 393، وله ألفاظ أخرى "المعجم الأوسط:163 / 10 ح 9348، وكنزالعمال 770 / 7 ح 21327، وأصول الكافي:352 / 2 ح7، وعلل الشرائع:227 / 1 باب 162 ".
قال الشيخ حسن زاده آملي:بل إن هذا الشخص، ولأن الحق يكون عينه التي يرى وأذنه التي بها يسمع، وعين جوارحه وقواه الروحية والجسمية ؛ فإن تصرفه الفعلي أيضاً يكون كالحدس والجذبة الروحية، حتى يصير قوله وفعله واحداً، ولا يحتاج إلى الامتداد الزماني في حركاته وانتقالاته، بل يصير محلاً لمشيئة اللَّه ومظهراً ل 'إنما قولنا لشي ء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون' حيث يتّحد عندها القول والفعل "الإنسان الكامل:173".
وقال الخواجة نصير الدين الطوسي:العارف إذا انقطع عن نفسه واتصل بالحق رأى كل قدرة مستغرقة في قدرته المتعلّقة بجميع المقدورات، وكل علم مستغرق في علمه الذي لا يعزب عنه شي ء من الموجودات، وكل إرادة مستغرقة في إرادته التي يمتنع أن يتأتى عليها شي ء من الممكنات .
بل كل وجود فهو صادر عنه فائض عن لدنه فصار الحق حينئذٍ بصره الذي به يبصر وسمعه الذي به يسمع وقدرته التي بها يفعل وعلمه الذي به يعلم ووجوده الذي به يوجد، فصار العارف حينئذٍ متخلّقاً بأخلاق اللَّه في الحقيقة "شرح الإشارات والتنبيهات:389 / 3 عن السير إلى اللَّه:79 " .
وقال الإمام الخميني قدس سره:
' فإن للامام عليه السلام مقاماً محموداً ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع
لولايتها وسيطرتها جميع ذرات هذا الكون، وإن من ضروريات مذهبنا
أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل، وبموجب ما لدينا
من الروايات والأحاديث فإن الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله و سلم والأئمة عليهم السلام كانوا
قبل هذا العالم أنواراً ؛ فجعلهم اللَّه بعرشه محدقين وجعل لهم من المنزلة
والزلفى ما لا يعلمه إلّا اللَّه ' "الحكومة الاسلامية:52".