وإليه الإشارة بقولهم: 'إن الذي خرج إلى الملائكة المقرّبين من معرفة آل محمد قليل من كثير'، فكيف إلى عالم البشرية، وعن هذا المقام عنوا بقولهم 'أمرنا صعب مستصعب لا يحتمله نبي مرسل ولا ملك مقرَّب'، فمن اتصل بشعاع نورهم فقد عرف نفسه لأنه إذ قد عرف عين الوجود وحقيقة الموجود، وفردانية الرب المعبود، فمعرفة النفس هي معرفة حقيقة الوجود المقيد، وهي النقطة الواحدة التي ظاهرها وباطنها النبوة والولاية، فمن عرف النبوة والولاية بحقيقة معرفتها فقد عرف ربّه، فمن عرف محمداً وعلياً فقد عرف ربّه، وإن كان الضمير في قوله عرف نفسه عايداً إلى العارف فإنّه إذا عرف نفس الكلّ والروح المنفوخ منها في آدم فقد عرف نفسه ونفس الكل وحقيقة الوجود هم.
ان من يري عين اليقين عند الموت إنّما يري محمداً و علياً و کذا في سائر مواقف القيامة
وإن كان الضمير في قوله 'نفسه' راجعاً إلى اللَّه في قوله 'ويحذّركم اللَّه نفسه'، فهم روح اللَّه وكلمته ونفس الوجود وحقيقته فعلى الوجهين من عرفهم فقد عرف ربّه، وكذا عند الموت إذا رأى عين اليقين فإنّه لا يرى إلّا محمداً وعلياً لأن الإله الحق جل أن تراه العيون، والميت عند موته إنّما يشهد حقيقة الحال والمقام فلا يرى عند الموت إلّا هم لأنه يرى عين اليقين. وقال أمير المؤمنين عليه السلام:أنا عين اليقين أنا الموت المميت.
دليله ما ورد في كتاب بصائر الدرجات عن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: ما من ميّت يموت في شرق الأرض وغربها محب لنا أو مبغض إلّا ويحضره أمير المؤمنين عليه السلام ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فيبشّره أو يلعنه
يراجع الكافي: 128 / 3 ح1 إلى 13 والبحار: 173 / 6 ح1 إلى 56.