فيا عجباً ممّن كان خفاؤه ولا شي ء معه. فقوله: كنت كنزاً مخفياً، أي في سواتر الغيوب؛ إذ ليس هناك خلق يعرفه، وذاك إشارة إلى وحدة الذات، كان اللَّه ولا معه شي ء.
وقوله: 'فأحببت أن أُعرف' إشارة إلى ظهور الصفات. قوله: 'فخلقت الخلق لأعرف' إشارة إلى ظهور الأفعال، وانتشار الموجودات، التي كانتا رتقاً في صحراء ففتقناهما.
قوله: 'وهو الآن على ما كان' إشارة إلى أنّه أحد أبد، لم يتكثّر بخلقه، لأنّه هو هو، فكما تجلّت ذاته المقدّسة في صفة من صفات الألوهية مدحت بها، وللأفعال وجود بين عدمين، والوجود بين العدمين في حيّز العدم إن كان من وجود فليس إلّا اللَّه وحده، ولذلك قال الحلاج: من لاحظ الأزلية والأبدية، وغمض عينيه عمّا بينهما، فقد أثبت التوحيد، ومن غمض عينه عن الأزلية والأبدية ولاحظ بينهما، فقد أتى بالعبادة، ومن أعرض عن البين والطرفين، فقد تمسّك بعروة الحقيقة.
العالم أعراض وأجسام و مدارالكل على النقطة
والعالم أعراض وأجسام، والأجسام مركّبة من الخط والسطح خطاً ثم سطحاً ثم جسماً، ومدار الكل على النقطة، ومرجعه إليها، والكلام أيضاً على الحروف، والحروف على الألف، والألف على النقطة، وكذلك بني آدم فإنّ كثرتهم منحصرة في وحدة آدم، دليله قوله تعالى: 'خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ'
الزمر:6.