قال علي بن إبراهيم في تفسيره: أمير المؤمنين أحكم الحاكمين، فهنا إطلاق وتقييد، أما أمير المؤمنين عليه السلام فهو حاكم يوم الدين ومالكه وواليه، وصاحب الحساب عن أمر اللَّه وأمر رسوله، ومالك يوم الدين مطلقاً من غير تقييد ولاية، ولا إذن واللَّه رب العالمين رب الدنيا والآخرة، وإله الدنيا والآخرة، وخالق الدنيا والآخرة.
توجيه القول بأن علياً مالک يوم الدين و الحاکم يوم الدين
وهذا مثل قول المتكلِّم: اللَّه واجب الوجود حي، والإنسان حال وجوده أيضاً واجب الوجود حي، فأشركا في لفظ الوجود وامتازا بفصل الإمكان والوجوب، فالرب سبحانه حي واجب الوجود لذاته، والإنسان حي واجب الوجود لغيره، فكذا إذا قلنا علي مالك يوم الدين وحاكم يوم الدين، وأنت تعلم أنه ولي اللَّه وخليفته، والولي له الحكم فلا يحتاج العقل السليم إذن مع معرفة الحكم المقيّد إلى قرينة أخرى.
"تنبيه" كما أنه إذا قيل: فلان مالك ديوان العراق وحاكم ديوان العراق على الإطلاق، فيذهب العقل السليم إلى أنه هو السلطان ولا يحتاج إلى قرينة أخرى تميّزه بل إطلاق اللفظ يدل على أنه هو الوزير وصاحب الدفتر، وكذا إذا قلت علي مالك يوم الدين، فلا يذهب ذهن المؤمن الموحِّد العارف باللَّه، إلى أن علياً هو اللَّه لا إله إلّا اللَّه، بل انّه ولي اللَّه، والولي وهو الوالي فله الولاية والحكم بأمر اللَّه الذي حكَّمه وولّاه، وفوّض إليه أمره وارتضاه، فيا عجباً كيف يرضاه اللَّه وأنت لا ترضاه 'أَمْ يَحْسِدُونَ النَاسَ عَلى مَا أَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِه'، ثم تدّعي بعد ذلك أنك تعرفه وتتولاه، وأنت واللَّه الكاذب في دعواه، فأنت كما قيل:
'ويدّعي وصلها من ليس يعرفها
إلّا بأسمائها في ظاهر الكتب'
فأنت في أمر علي لم ترض برضى اللَّه، ومن لم يرض برضى اللَّه، فعليه لعنة اللَّه، ألم تعلم يا منكر الحق بجهله ومدّعي العرفان وليس من أهله أن الدنيا والآخرة لهم خلقت، وبهم خلقت، ومن أجلهم خلقت، وإليهم سلمت، واللَّه غني عن العالمين، وما هو بهم ولهم ولأجلهم، فهو مالكهم وملكهم من غير مشارك ولا منازع، وثبوت ذلك من قول المعصوم، ووجوب تصديق قوله واعتقاده، لأن من ردّ على الولي فقد رد على الرب العلي ومن رد على العلي كفر، فمن ردَّ على الحجّة المعصوم فقد كفر، فها قد صرح الدليل أن من أنكر ولاية علي وحكمه في الدنيا والآخرة فقد كفر، ومن أنكر أحد الطرفين فهو واقف بين جداري الكفر والإيمان، فإما أن يعتقد الطرفين فيؤمن، أو ينكر الطرفين فيكفر، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل قال له: أنا أحبّك وأهوى فلان، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام:أنت الآن أعور فإمّا أن تعمى، أو تبصر
بحار الأنوار: 78 / 27 ح16.