فهو المتكلّم والمراد به قومه لأنهم مضافين إليه، فقوله ما ازددت يقيناً تكلّم عليه السلام بلسان عارفيه من أوليائه أنهم لا تتخالجهم الشكوك فيه فهم كالتبر المسبوك، والنضار المحكوك، في حبه ومعرفته لا يزدادون فيه على الحك والسبك إلّا خلاصاً ورفعة، فمن عرف مولى الأنام وولي يوم القيامة بهذا المقام، وجب عليه هجر الأنام وحبس الكلام، عن اللئام والعوام، لأن العارف بهذا المقام إن قال لا يصدّق وإن قيل له لا يستمع، فحظّه في العزلة وسلامته في الوحدة، لأن من عرف اللَّه كلّ لسانه.
دليل آخر علي أن الحکم له يوم الدين و الرد علي المعترضين
ولما وعى سمع الدهر ما صحت قواعده ووضحت شواهده، ولاح نوره وابتسمت ثغوره، مما وقر في الآذان والأذهان، وأن علياً مالك يوم الدين وحاكم يوم الدين وولي يوم الدين، وأنه قد جاء في الأحاديث القدسية أن اللَّه يقول: عبدي خلقت الأشياء لأجلك وخلقتك لأجلي، وهبتك الدنيا بالإحسان والآخرة بالإيمان.
وإذا كانت الأشياء بأسرها خلقت لكل إنسان فما ظنّك بإنسان الإنسان ومن لأجله خلق الإنسان، وبه كان الكون والمكان، وذلك أن كل ما هو للَّه ممّا خلق وممّا أوحي فهو لمحمد، وما هو لمحمد من الفضل والمقام والشرف والاحتشام فهو لعلي إلّا المستثنى. والدنيا والآخرة وما في الدنيا والآخرة لمحمد وعلي، فالقيامة بأسرها لمحمد وعلي. فللنبي منها حكم الظاهر وهو مقام الكرامة، كما قال: أنا زين القيامة والشهادة على الخلائق، وإليه الإشارة بقوله: 'وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيداً'
النساء:41.